موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٣ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
ساعات البابا فرنسيس الأخيرة: لم تكن هناك آلام؛ حدث كل شيء بسرعة وهدوء

فاتيكان نيوز :

 

"شكرًا لأنك أعدتني إلى ساحة القديس بطرس". كانت هذه من بين آخر الكلمات التي قالها البابا فرنسيس، موجّهًا شكره للشخص الذي لازمه في مسيرة الألم والمرض، ولم يتوقف عن رعايته للحظة واحدة: ماسيميليانو سترابيتي، الممرض الذي أنقذ حياة الحبر الأعظم يومًا باقتراحه إجراء العملية الجراحية للقولون، والذي عيّنه البابا لاحقًا، في عام 2022، مساعدًا صحيًا شخصيًا له.

 

كان سترابيتي برفقة البابا فرنسيس خلال الأيام الـ38 التي قضاها في مستشفى جيميلي، ولم يفارقه طيلة ساعات النقاهة في بيت القديسة مارتا. وكان أيضًا بجانبه صباح أحد الفصح، حين منح البابا بركته لمدينة روما والعالم من شرفة بازيليك القديس بطرس.

 

جولة أخيرة

 

وفي اليوم السابق، ذهب البابا بصحبة مساعده إلى بازيليك القديس بطرس لاستعراض المسار الذي سيسلكه صباح الفصح، قبل أن يطلّ على المدينة والعالم. وبعد البركة، وبينما كان عدد المؤمنين قد ازداد من 35 ألفًا إلى 50 ألفًا، قرّر البابا أن يُفاجئ الجموع بـجولة أخيرة في ساحة القديس بطرس على متن الباباموبيلي. ورغم بعض التردد الذي بدا عليه، سأل البابا سترابيتي قائلاً: "هل تظن أنني قادر على القيام بذلك؟"، فأجابه مطمئنًا.

 

وهكذا، قام البابا بالجولة، وعانق الجموع، مانحًا بركته للأطفال، ولامس قلوب الناس بحضوره. لقد كانت أول جولة له منذ خروجه من المستشفى… وآخر جولة في حياته. مرهق… ولكنه مسرور، عبّر عن امتنانه لسترابيتي بكلمات تحمل عمقًا إنسانيًا وروحيًا: "شكرًا لأنك أعدتني إلى الساحة"، وكأنما كان بحاجة، في نهاية الطريق، إلى تلك اللحظة التي تجمعه مجددًا بالناس، هو الذي جعل من القرب من الآخرين، واللمسة الحانية، عنوانًا دائمًا لحبريّته.

حدث كل شيء بسرعة وهدوء

 

بعد الظهر، استراح البابا قليلًا، وتناول عشاءً هادئًا.

 

وفي فجر اليوم التالي، عند الساعة 5:30 صباحًا، بدأت تظهر أولى علامات التعب المفاجئ. تدخّل من يعتني به على الفور، وعند الساعة 6:30 تقريبًا، لوّح بيده مودّعًا سترابيتي، ثم استلقى على سريره في الطابق الثاني في بيت القديسة مارتا، ودخل في غيبوبة تامة. لم يعانِ، ولم تكن هناك آلام؛ حدث كل شيء بسرعة وهدوء، كما روى من كان إلى جواره.

 

رحيل هادئ.. مفاجئ.. بدون ضجيج.. رحيل يليق برجل لم يُرد يومًا أن تُسلّط الأضواء على مرضه، وكان يتعاطى مع الألم بكتمان ووقار. مات البابا فرنسيس في اليوم التالي للفصح، بعد أن منح بركته الفحصيّة لمدينة روما والعالم، وبعد أن عانق الشعب مجددًا، ذلك الشعب الذي، منذ اللحظة الأولى لانتخابه في 13 آذار 2013، وعده بأن يسير معه…