موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
اليوم هو ذكرى تنصيب ربنا يسوع المسيح ملكاً للكون، جالساً عن يمين الآب في المجد، بعد الانتصار الذي حققه على الموت بتنصيبه ملكاً على الصليب، وقد أمر بيلاطس بأن يُكتب عليه: "يسوع الناصري ملك اليهود". كانت تلك حقيقة غير كاملة، فالحقيقة هي أن مملكة يسوع "ليست من هذا العالم"، لكن ملكوته يجب أن يشمل هذا العالم أيضاً.
اليوم أيضاً هو ذكرى دخول عظيم الكهنة الحقيقي، يسوع المسيح، إلى قدس الأقداس الحقيقي والأبدي. وذلك لا بفضل ذبيحة حيوانية، ولكن بفضل ذبيحة جسده نفسه على مذبح الصليب. واليوم، بدخوله إلى السماء، يضحي هو النبي الحقيقي، الذي يكشف لنا ما سنكون عليه يوماً نحن أيضاً، أعضاء جسده بالعمّاد.
غادرنا لكنه لم يتركنا
لماذا حيث هو ذاهب لا نستطيع نحن بعد أن نذهب؟ الجواب نجده في نهاية انجيل اليوم: "وتُعلَنُ بِاسمِه التَّوبَةُ وغُفرانُ الخَطايا في جَميعِ الأُمَم، اِبتِداءً مِن أُورَشَليم. وأَنتُم شُهودٌ على ذَلِكَ". سيأتي يوم نلتحق فيه به جميعاً، ولكن حتى ذلك اليوم، يجب على الرسالة أن تنتشر في كل العالم.
يجب على بذرة الملكوت التي زرعها يسوع بموته ودفنه وقيامته، أن تنمو. فهو قد أتمّ عمله على الأرض، وهو اليوم يرافق كنيسته ويشفع لها أمام الآب. كان عليه أن يذهب ليمنحنا مساحة للإيمان به. مساحة حريّة يعمل فيها هو من خلال روحه القدوس، الذي سيذكرنا بما علّم يسوع، ويطلعنا على أشياء كثيرة لا يزال يسوع يود أن يقولها لكنيسته، ومن خلال كنيسته للعالم.
كنيسة لها وجهة واضحة: "أنا هو الطريق"
منذ صعود يسوع إلى السماء، أضحى للكنيسة والبشرية وجهة محددة واضحة: فالبشرية التي تاهت في الماضي، أضحت اليوم تعرف إلى أي وجهة تنظر ومن أي وجهة عليها أن تنتظر الخلاص والفداء.
ليس من باب الصدفة أن الكنيسة منذ القرون الأولى، قد وضعت مذابحها نحو الشرق، إلى حيث كانت الجماعة مع الكاهن تصلي، نحو الوُجهة التي منها تنتظر أن يعود الرب، شمس الخلاص الشارق من العلاء.
كنيسة في العالم وليست من العالم
مشدودوة نحو الأبدية، الكنيسة هي في العالم ولكنها ليست من العالم، هي في العالم ولكنها لا تنتمي للعالم.
فكنيسة دنيوية، هي ليست كنيسة يسوع.
كنيسة مرسلة وساهرة ومتيقظة
هي كنيسة مُرسَلة تحمل بُشرى فريدة، مرسلة لكنها ليست مُشَتَّتة، بل يقظة، تنتظر ساهرة عودة ربّها "فيسوع هذا الذي رُفع عنكم إلى السماء، سيعود كما رأيتموه ذاهباً إلى السماء".
لهذا السبب، بدأ الرهبان منذ القرون الأولى بتلاوة صلاة الليل، دلالة على الكنيسة الساهرة في الصلاة، منتظرة بالإيمان والرجاء والمحبة، عودة ربّها! فهي لا تعلم اليوم ولا الساعة، لكنها بلى خوف ولا قلبها مضطرب لأنها مستعدة لليوم والساعة التي "سيجعل الله فيهما كل شيء جديدًا".
أذهب لأعد لكم مقاماً
لكن المسيح لا "يترك أبناءه يتامى"، فهو بينهم أولاً في سرّ جسده ودمه الذي تركه لهم قبل آلامه، وهو معهم من خلال ملائكته، وهو معهم بشكل قوي من خلال عمل الروح القدس الذي وعد بأن يرسله، وقد أرسله، يوم العنصرة، وهو يعمل في الكنيسة، رعاةً ومؤمنين، منذ ذلك الحين، ونحن نعاين عمله حتى يومنا هذا!
"أذهب لأُعدّ لكم مكانًا": فبدخوله بإنسانيته إلى السماء، فتح لنا الرب يسوع المسيح، الإله الحق والإنسان الحق، نحن "أسرى هذا الجسد والخطيئة"، إمكانية الدخول أيضًا إلى السماء يوم القيامة الثانية. الدخول إلى النعيم الأبدي نفساً وجسداً. لنحيا معه إلى الأبد هو الذي يحيا ويملك مع الآب والروح القدس إلهاً إلى أبد الدهور. آمين.