موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
نحن اليوم نعيش في عالم حيث كل شيء أصبح متاحًا بضغطة زر، ونحن متصلون ببعضنا البعض بشكل لم يحدث من قبل. لكن في هذه الشبكة الواسعة من المعلومات والأخبار، نجد أنفسنا أحيانًا غارقين في الضوضاء. في هذا العصر الرقمي، حيث تعج منصات التواصل الاجتماعي بالتعليقات والشائعات، قد يبدو من الصعب العثور على لحظات صمت نسمع فيها صوت الله. لكن، ماذا لو كانت مريم بيننا اليوم؟ كيف كانت ستتعامل مع هذا العالم الرقمي السريع؟ كيف كانت ستواجه سيل الأخبار والشائعات؟ في هذه الكرزة، نتأمل في حياة مريم، التي كانت نموذجًا للصمت الحكيم، لنرى كيف يمكننا نحن أيضًا أن نعيش هذا التوازن بين العالم الرقمي والصلاة.
مريم كانت تمثل الاستماع الدائم لله، بعيدًا عن كل الضوضاء والضجيج. في عالمنا اليوم، نجد أنفسنا محاطين بالتكنولوجيا التي تجعل حياتنا أكثر سهولة ولكنها في نفس الوقت تضغط علينا بشكل مستمر. مريم، رغم أنها لم تكن تمتلك جهازًا رقميًا، تعلمنا كيف نكون "مستعدين" لله في كل لحظة، وكيف نعرف كيف نستخدم هذه التكنولوجيا بشكل نقي يعود علينا بالسلام. هي التي كانت دائمًا متصلة بالله، تعلمنا منها أن نعطي الأولوية لعلاقتنا مع الله، وأن نختار بعناية ما ننشره، وما نشاركه، وما نركز عليه في عالم مليء بالإشاعات والمحتوى غير البنّاء.
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، نحن بحاجة إلى العودة إلى مريم في قلب هذا العالم الرقمي. مريم التي كانت تضع كل شيء في قلبها، وتتصرف بحكمة وصمت. فلنتعلم منها كيف ننقل السلام، لا الفوضى، وكيف نستخدم وسائل التواصل لمجد الله لا للتهديد أو التشويش. فلنحاول أن نعيش مثل مريم، حيث يمكننا أن نكون حاضرين في هذا العالم، لكن دون أن نسمح له أن يبتلعنا.
يا مريم، علّمينا كيف نكون مستعدين في كل لحظة للاستماع إلى صوت الله، وكيف نستخدم وسائل الاتصال لنقل النور والرحمة إلى كل من حولنا.
مقدمة للمسبحة:
قبل أن نبدأ هذا الوقت الروحي معًا، دعونا نغلق هواتفنا، نبتعد عن التشتت الرقمي، ونأخذ لحظات هادئة. نحن في هذا العصر الرقمي، مليء بالإشعارات والمحتويات المتدفقة. لكن في هذا الوقت، نغلق الأبواب أمام كل شيء باستثناء حضور الله. نبدأ هذه المسبحة بتأملات جديدة، تأملات مستوحاة من حياة مريم في زمننا هذا، وهي التي كانت دائمًا متصلة بالله دون انقطاع.
السر الأول - تسجيل دخول إلى النعمة
"افتح عينيك عالضوء… مش على الشاشة."
مريم كانت دائمًا متصلة بالله، لكن لم تكن بحاجة لشبكة واي فاي، بل كانت متصلة بقلبها. في كل مرة نفتح فيها هواتفنا أو نبحث عن شيء على الإنترنت، يجب أن نتذكر أن الاتصال الحقيقي هو مع الله، وليس مع الشبكة.
صلاتي اليوم: "يا رب، علّمني أن أكون متصلاً بك في كل لحظة، وأن أفتح قلبي كما فتحته مريم أمامك."
السر الثاني - إشعار من السماء
"السلام عليكِ يا مريم…"
أول إشعار مريم استلمته لم يكن من تطبيقات الهاتف، بل كان إشعارًا سماويًا من الملاك. كانت مريم تفتح قلبها لتصغي لصوت الله، وهكذا نحن مدعوون أن نفتح قلوبنا، لنسكن في السلام.
اليوم، نصلي: "يا مريم، علّميني أن أفتح قلبي في كل وقت للرسائل السماوية، وأتجاوز كل إزعاج رقمي."
السر الثالث - مشاركة النور، وليس النميمة
في هذا العصر الرقمي، نحن نواجه يوميًا إغراءات لمشاركة كل شيء، سواء كان مفيدًا أو مجرد شائعة. مريم كانت تحمل النور الحقيقي في قلبها، ولم تنقل سوى كلمة الحياة.
اليوم، نحن مدعوون أن نكون صادقين فيما ننقله عبر وسائل التواصل، وأن ننقل النور وليس الظلام.
صلاتنا: "يا مريم، علّميني كيف أشارك النور الذي فيك، وأتجنب نشر الكلمات التي تؤذي."
السر الرابع - بلوك للشر
في حياتنا الرقمية، نحتاج إلى أن نعرف كيف نضع حدودًا، كما نفعل عند "بلوك" الأشخاص السامين على الإنترنت. مريم كانت دائمًا تحمي قلبها من الأمور التي تشوش عليها.
اليوم، نختار أن نبتعد عن كل شيء قد يفسد سلامنا الداخلي.
صلاتنا: "يا مريم، ساعديني في تصفية حياتي من كل ما يزعج روحي."
السر الخامس - صمت ينشر السلام
مريم كانت دائمًا في حالة صمت أمام الله، وهذا الصمت كان مصدر قوتها. في عالم اليوم، قد يكون الصمت هو الحل في بعض الأحيان. نحن مدعوون أن نصمت عن الضوضاء الخارجية ونتواصل مع الله في صمت داخلي عميق.
اليوم، نصلي: "يا مريم، علّميني أن أجد السلام في الصمت، وأتجنب الضجيج الذي يعيق قلبي عن الاستماع لصوت الله."
خاتمة للمسبحة:
نختتم هذه اللحظات بتذكير أنفسنا كيف يمكن أن نعيش مثل مريم في عالم مليء بالصخب الرقمي. يمكننا أن نكون جزءًا من هذا العالم، ولكن دون أن ندع الفوضى تأخذ منا السلام الداخلي. مريم كانت في تواصل دائم مع الله، وكانت دائمًا تتخذ من الصمت مصدرًا للقوة. فلنستمد قوتنا من صمتها، ولنضع التكنولوجيا في مكانها الصحيح، بحيث تكون أداة لخدمة الله والآخرين، لا أداة لتشويش أفكارنا.