موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٥ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٥
كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي تحتفل باليوبيل الفضي على إنشائها
ربع قرن من الإيمان، واحتفالٌ بالشكر والوحدة والرجاء

أبونا :

 

ترأس الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، صباح اليوم الجمعة 5 أيلول 2025، قداسًا احتفاليًّا بمناسبة مرور 25 عامًا (اليوبيل الفضي) على بناء كنيسة قلب يسوع الأقدس في منطقة تلاع العلي، شمال غرب العاصمة عمّان.

 

وشارك في القداس البطريرك فؤاد الطوال، والمدبّر البطريركي لأبرشية الروم الكاثوليك الأرشمندريت بولس نزها، وممثلو الكنائس الشقيقة، إلى جانب كهنة وشمامسة وراهبات وشدايقة، والرئيسة العامّة لراهبات الوردية الأم إنييس اليعقوب، وأعيان ونواب وشخصيات عامة، وفرسان القبر المقدّس، وحشد غفير من المؤمنين، خصوصًا أبناء الرعيّة وحركاتها الرسوليّة المتعدّدة.

 

من يوبيل إلى يوبيل

 

في مستهل القداس، ألقى كاهن الرعيّة الأب رفعت بدر كلمة استعاد فيها لحظة مشاركته في رتبة تكريس الكنيسة في اليوبيل الكبير عام 2000، ليعود اليوم، بعد ربع قرن، ويقف على المنبر ذاته في يوبيل الرجاء 2025، تزامنًا مع مرور 350 عامًا على ظهورات المسيح للقديسة ألاكوك. وشكر الأب بدر البطريرك على حضوره رغم ما يحمله قلبه من قلق على "حمامة السلام المطعونة والهائمة، الباحثة عن مرفأ على شواطئ غزة وفلسطين"، موجّهًا تحيّة خاصة إلى كنيسة العائلة المقدّسة في غزة.

 

كما عبّر عن امتنانه لجميع الكهنة الذين خدموا في هذه الرعيّة، ولعائلة امسيح التي شيّدت الكنيسة، مترحمًا على روح الراحل كوماندر القبر المقدّس كرم امسيح، ومُصليًّا لأسرته وأحفاده بالخير والسلام. وخصّ بالشكر المتبرعين الذين ساهموا في صيانة الكنيسة وتحديث مرافقها، والدائرة الماليّة في مطرانية اللاتين، وعائلة المرحوم الياس حداد التي تبرّعت لإقامة المطلّ الجديد في ساحة الكنيسة، إضافة إلى المهندسين والعمّال الذين أشرفوا على أعمال الترميم والصيانة والتجديد.

 

وختم الأب بدر رفعت كلمته بالقول: "قبل 25 عامًا، وبعد مسح هيكل هذه الكنيسة بالزيت، وتزيينه وإضاءته، قلتُ آنذاك، وأُكرّر اليوم: أيها الأحباء، المسيح الآن حاضر بيننا، هو فرح اليوبيل، هو الألف والياء، هو الحيّ القائم إلى أبد الدهور. فلنصفق له فرحين".

"لتبقى منارة روحيّة"

 

وألقى الأمين العام للنيابة البطريركيّة اللاتينيّة في الأردن، الأب عماد علامات، كلمة النائب البطريركي المطران إياد الطوال، الذي يتواجد في الفاتيكان للمشاركة في اللقاءات المخصصة للأساقفة الجدد، ناقلاً تحياته ومحبته لجميع الحاضرين في الاحتفال.

 

وأكد المطران الطوال على اتحاده بالروح والصلاة مع أبناء الرعيّة من على ضريح القديس بطرس، هامة الرسل، والصخرة التي شيّد عليها السيد المسيح كنيسته، طالبًا شفاعته من أجل المؤمنين ورعاتهم، لكي يمنحهم الرّب الثبات في الإيمان والرجاء والمحبّة، وأن يفيض بركات قلب يسوع الأقدس على عائلاتهم.

 

كما استذكر في صلاته بامتنان فارس القبر المقدّس المرحوم كرم امسيح، الذي شيّد على نفقته كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي، سائلاً أن يُجزيه أجر السماء، ومصليًّا من أجل عائلته الكريمة. واختتم المطران رسالته بتقديم أحرّ التهاني إلى أبناء الرعيّة، راجيًا أن يفيض الروح القدس بنعمته عليهم، لتبقى الكنيسة منارة روحيّة تُنير درب المؤمنين وتقودهم إلى المراعي الخصبة.

الكنيسة.. "بيت الجماعة"

 

وفي عظة القداس، أعرب البطريرك بيتسابالا عن سعادته بمشاركته في الاحتفال باليوبيل الفضي لتدشين كنيسة قلب يسوع الأقدس في تلاع العلي، مؤكدًا أنّ المناسبة هي أولاً لشكر الله تعالى، ثمّ لجميع الجهود التي بُذلت على مدار السنوات الماضية في خدمة الرعيّة وتنميتها.

 

وتوقّف غبطته عند معنى الكنيسة، مبيّنًا أنها ليست بناء من حجر، بل جماعة المؤمنين الذين يجتمعون باسم المسيح ليكونوا صورة حيّة لأورشليم السماويّة. وقال: الجماعة التي تؤمن بالمسيح، مدعوّة لأن ترى كل شي بعين جديدة ومختلفة. ورغم أنّ صورة القدس اليوم بعيدة عن هذه الرؤية، إلا أنّنا مدعوون أن نعمل جاهدين لنحوّلها إلى قدس سماويّة، عبر الشهادة للمسيح وعمل الخير للجميع، خاصة للفقراء والمهمّشين.

 

وأضاف بطريرك القدس للاتين أنّ الكنيسة، رغم أنها لا تمتلك سلطة وقوة كبرى لمواجهة العالم، إلا أنها غنيّة بجماعاتها ومؤسّساتها، وبقدرتها على أن تكون بيتًا يحتضن العائلات في الإيمان والرجاء والمحبّة. وأشار بأسى إلى عائلات غزة التي فقدت بيوتها لكنها بقيت متحدة في الكنيسة، لتصبح الكنيسة ليس فقط مكان عبادة، بل "بيت الجماعة".

 

وفي ختام عظته، شكر البطريرك رعيّة تلاع العلي التي أرادت منذ البداية أن تكون هذه الكنيسة بيتًا حقيقيًا يجمع أبناءها لينالوا الأسرار المقدسة ويحيوا المحبة المتبادلة، كما شكر الكنيسة في الأردن وعائلة امسيح وجميع المتبرعين والمساهمين في نمو الكنيسة وتطويرها عامًا بعد عام.

"وعد وحلم"

 

وألقى السيد أسامة امسيح كلمة شكر فيها البطريرك والحضور على مشاركتهم في هذا القداس اليوبيلي، مستعيدًا قصة بناء الكنيسة المرتبط بـ"وعد وحلم". وقال: بدأت قصة الكنيسة بوعد وحلم طفل هُجّر من اللد إلى رام الله، ثم إلى عمّان، وحمل في قلبه وعدًا بوضع تاج من ذهب على رأس العذراء، وحلمًا ببناء كنيسة. وقد منحه الله النعمة ليحقق الوعد والحلم.

 

وأشار إلى أنّ بناء الكنيسة لم يكن دربًا سهلاً، بل جاء ثمرة رجاء وإيمان، بعد الدعوات المتكررة لتلبية حاجة أبناء المنطقة لكنيسة في تلاع العلي تخدم العائلات المقيمة فيها. وأكد أن كنيسة قلب يسوع الأقدس ليست كنيسة عائلة واحدة، بل هي بيت لجميع المؤمنين، مستذكرًا بامتنان جميع الكهنة والراهبات الذين خدموا فيها. وختم السيّد امسيح كلمته برفع الصلاة لراحة نفس والده المرحوم كرم امسيح، الذي حمل الحلم وسعى لتحقيقه حتى صار واقعًا حيًّا يحتفل اليوم بيوبيله الفضي.

 

وعقب القداس، بارك البطريرك المطلّ الجديد في ساحة الكنيسة.