موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
لخّص رئيس الأساقفة كاتشيا، المراقب الدائم للكرسي الرسولي لدى الأمم المتحدة، مفارقة عصرنا قائلاً: "إنّ رؤية التعدديّة من أجل الصالح العام تتعارض مع السياق الحالي المتمثّل في ارتفاع الإنفاق العسكري وتراجع الالتزامات بالمساعدات الإنمائية الرسمية. ففي حين بلغ الإنفاق العسكري العالمي 2.7 تريليون دولار عام 2024، لا يزال العجز السنوي في تمويل أهداف التنمية المستدامة يصل إلى 4 تريليونات دولار. وهذا يعني أنّه مقابل كل دولار يُنفق من أجل السلام، يُنفق دولاران من أجل الحرب؛ وأنّ الموارد المخصّصة للحياة لا تزال تتأخّر أمام تلك التي تُستخدم للدمار.
وحذّر رئيس الأساقفة كاتشيا من "إنّ كل زيادة في الإنفاق العسكري تمثّل موارد كان يمكن استخدامها لتلبية احتياجات الشعوب الأساسية وإرساء سلام دائم". فبدلاً من استثمار هذه الأموال في الرعاية الصحية أو التعليم أو الغذاء، يتم تحويلها –مستشهدًا بما قاله قداسة البابا لاون الرابع عشر- إلى أسلحة "تدمّر الأرواح وسبل العيش". وأضاف سيادته أنّ هذه المفارقة "تُقوّض روح الأخوّة التي تعتمد عليها التعدديّة، وتجعل هدف التنمية المستدامة بعيدة المنال بشكل متزايد".
وأشار رئيس الأساقفة إلى أنّ الالتزام المتجدّد بالتعدديّة "يمثّل الأساس الأكثر موثوقية للحلول الدائمة"، وأنّ الأمم المتحدة "لا توال بمثابة منارة أمل للتعدديّة." وفي عالم يتزايد فيه الصراع والانقسام، قال كاتشيا إنّ "تمثّل هذه المؤسسة القناعة بأنّ الحوار والتعاون هما السبيلان الوحيدان للسلام والتنمية". وأضاف أنّ مثل هذا التعاون "يُظهر الطريق الذي ينبغي أن تلتزم به الجماعة الدولية بأسرها."
ويضاف إلى هذا الخلل عبء الديون الذي يثقل كاهل البلدان الأقلّ نموًا، والدول غير الساحلية، والجزر الصغيرة النامية - ما يحكم عليها بالتبعية الهيكلية. وفي بيان ثانٍ، شدّد رئيس الأساقفة كاتشيا على أنّ "ما هو على المحكّ ليس فقط تحقيق التنمية الشاملة للجميع، بل أيضًا مبدأ وجوب معاملة كل دولة باحترام متساوٍ وباعتبارها شريكًا متكافئًا في المجتمع الدولي."
وندّد بـ"عبء الديون غير المستدام"، وجدّد الدعوة إلى إعفاء الدول من الديون. وأكّد أنّه في سنة اليوبيل، فإنّ هذا "ليس مجرّد خيار في السياسة الاقتصادية، بل قبل كل شيء واجب أخلاقي" بالنسبة للكرسي الرسولي. وختم بالقول إنّ "النظام المالي العالمي يجب أن يُوجّه نحو تحقيق الصالح العام للعائلة البشرية"، داعيًا المجتمع الدولي إلى "روح متجدّدة من المسؤولية المشتركة".