موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٨ ابريل / نيسان ٢٠٢٢
الرسامات الأسقفيّة المقبلة.. مصدر فرح للبطريركية وأهميّة روحيّة لكلّ الكنيسة

أبونا والبطريركية اللاتينية :

 

تحتفل البطريركيّة اللاتينيّة خلال الأيام المقبلة بالرسامة الأسقفيّة لكلّ من النائب البطريركي في الجليل الأب رفيق نهرا، وذلك يوم السبت 30 نيسان في الناصرة، والنائب البطريركي في الأردن الأب جمال دعيبس، وذلك يوم الجمعة 6 أيار في بيت لحم.

 

وتُعد الرسامة الأسقفيّة مبعثًا للفرح لأبرشيّة البطريركيّة اللاتينيّة في القدس، كونها أولاً حدث يمكن وصفه بأنّه نادر، ليس كلّ عام كالرسامات الكهنوتيّة. وثانيًا، لأنّ للرسامة الأسقفيّة أهميّة روحيّة كبيرة، ليس فقط لعائلة أبرشيّة البطريركيّة اللاتينيّة، إنما لجميع الكاثوليك حول العالم، نظرًا للتسلسل الرسولي المشترك لأساقفة العالم حول خليفة القديس بطرس، قداسة البابا.

 

بهذه الرسامة الأسقفيّة ينضم الأسقفان الجديدان، اللذان تم تعيينهما من قبل الأب الأقدس في 11 آذار 2022، إلى الجسم الأسقفي في الكنيسة الكاثوليكيّة، والتي فيها اليوم حوالي 5370 أسقفًا (منهم حوالي 4 آلاف أسقف أبرشي) تم تعيينهم من بين أكثر من 414 ألف كاهن.

 

إنّ الرسامة الأسقفيّة هي دائمًا نعمة مهمّة للكنيسة المحليّة والعالميّة على حدٍ سواء: فهي أولاً تجسيد وحدة الكنيسة وتفردها، حيث أنّ الأساقفة "خلفاء الرسل" هم جميعهم، وبدون استثناء، معيّنون من قبل البابا "خليفة القديس بطرس". كما أنّها تُجسّد عالميّة الكنيسة، فالرسامة الأسقفيّة تحدث دائمًا خلال قداس احتفالي يُدعى إليه جميع الكهنة والمؤمنين، ويترأسه رئيس الأبرشيّة، وهنا في الأرض المقدسة غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا، بحضور ثلاثة أساقفة على الأقل، كعلامة واضحة على الشركة ما بين الأسقف الجديد وجميع أساقفة العالم، بالاتحاد حول الأب الأقدس.
 

مراسيم السيامة الاسقفيّة

 

تعد مراسيم السيامة الأسقفيّة من أقدم طقوس في الكنيسة، وتقسّم إلى عدة أقسام.

 

في بداية الاحتفال، وبحسب الطقس اللاتيني، يتم أمام جميع المؤمنين قراءة نصّ الرسالة الرسوليّة والتي وجهها البابا لتعيين الأسقف المستقبلي. من جهتهم، يرفع المؤمنون الشكر بترنيم "المجد لله". وقبل الرسامة، وأمام الجماعة المؤمنة، يتعهد الأسقف المعيّن بممارسة رسالته الأسقفيّة الجديدة على النحو الصحيح باسم السيد المسيح، الراعي الصالح، كإعلان الإنجيل، والطاعة للحبر الأعظم، والخدمة، والترحيب بالأشخاص الموكلين إليه والاهتمام بهم.

 

وبعد إعلان الوعود، وبينما يرفع الحضور "طلبة القديسين"، كعلامة على اتحاد الكنيسة الأرضيّة بالكنيسة السماويّة، يقوم الأسقف المستقبلي بالاستلقاء على الأرض، في إشارة إلى استسلامه المطلق لله، على مثال السيد المسيح المائت والقائم.

 

وبعد استدعاء الروح القدس، يبدأ القسم الأساسيّ من الرسامة، حيث يوضع البطريرك المترئس يديه على رأس الأسقف المعيّن. ومن بعده، يفعل جميع الأساقفة الحاضرين الشيء نفسه. ثم يقوم البطريرك بتلاوة صلاة التكريس، وفيها يطلب نعمة الرّب للأسقف المستقبلي، ويذكّر بمعاني الخدمة الأسقفيّة.

 

في صلاة التكريس، يتمّ نقل "الوظيفة" التي أوكلها السيد المسيح إلى الرسل. إنّها تُعد أقدم طقس في الكنيسة، حيث يُذكّر بذلك القديس بولس الرسول في رسالته إلى تيموثاوس: "لا تُهمل الموهبة الروحيّة التي فيك، تلك التي نلتها بنبوة مع وضع جماعة الشيوخ أيديهم عليك" (4: 14). وطوال فترة الصلاة هذه، يتم وضع الكتاب المقدس مفتوحًا، من قبل كاهنين أو أسقفين يعتبران اشبيني الأسقف الجديد، ويختارهما هو، ويوضع فوق رأسه، كعلامة على الخضوع الكامل لكلمة الرّب، والتي منها وعلى نورها تمارس الكنيسة والأسقف الجديد خدمتهما.

 

ثم يقوم البطريرك بدهن رأس المرسوم بزيت الميرون المقدّس لكي يمتلىء بنعمة الروح القدس. إنّ المسحة تجعله شبيهًا بالسيد المسيح، فكلمة "المسيح" في اللغة اليونانيّة تعني "الممسوح". هذا، ويتمّ تسليم الأسقف الجديد رموز الخدمة الأسقفيّة، والتي تشمل: الكتاب المقدّس (كونه سيكون مسؤولاً عن الكرازة بالإنجيل)، الخاتم الأسقفي (علامة على إخلاصه للكنيسة)، التاج الأسقفي (علامة على القداسة والكرامة والسلطة، كدعوة لعيش حياة مقدسة ونموذجية على رأس الجماعة)، العصا الأسقفيّة (وترمز لخدمته الرعائية كونه تعهّد لخدمة شعب الله وقيادتهم على طريق الخلاص).

 

من بعدها، يجلس الأسقف الجديد على كرسي الأسقفيّة، ويتبادل قبلة السلام مع جميع الأساقفة الحاضرين كعلامة على انتمائه الجديد إلى الجسم الأسقفي. ثم تُستأنف الليتورجية الإفخارستيّة. وفي ختام الاحتفال، يقوم الاسقف الجديد بمباركة شعب الله، الذي يشاركه الفرح والسرور ويبارك له بعد الاحتفال. وجرت العادة بتقبيل يد الأسقف الجديد الممسوحة بالزيت بعدما حصل صاحبها على ملء الكهنوت المقدّس.