موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الأحد، ٥ فبراير / شباط ٢٠٢٣
أسامة شطارة يكتب: أنا اراهن عليكم
أسامة شطارة، الأمين العام السابق للأمانة العامة للشبيبة المسيحية في الأردن

أسامة شطارة، الأمين العام السابق للأمانة العامة للشبيبة المسيحية في الأردن

أسامة شطارة :

 

تحتفل الشبيبة المسيحية في الأردن سنويًا بعيد القديس جوفاني (يوحنا) بوسكو، شفيع الشباب، في أجواء مُبهِجة تعكسُ أسلوبَ وشخصيةَ القديس الذي استطاع أن يكسب قلوب الشباب في القرن التاسع عشر وما يزال حتى يومنا هذا يجمع الشباب بمختلف مواهبهم واهتماماتهم في حضن الكنيسة. وعند إجراء مقارنة عفوية، نجد تشابهات كبيرة بين الواقع الذي عاشه دون بوسكو في القرن التاسع عشر وبين يومنا هذا، فقد انتقل يوحنا بوسكو الى مدينة تورينو الإيطالية تاركًا بيته وبلدته ليكمل دراسته حيث كانت آنذاك مدينة صناعية كبيرة وصلت إليها الثورة الصناعية وأصبحت منطقة جذب للشباب الذين يبحثون عن فرص للعمل والعيش. ومع كل وحشة الغربة والبعد عن الأهل والظروف الصعبة التي عاناها الشباب في تورينو؛ وجد دون بوسكو فيهم أصدقاءً له وأخوة يشاركهم نفس الظروف والتجربة الانسانية. انفتاحه على هؤلاء الشباب، استعداده الدائم للسماع لهم، اعطاؤهم المجال للنمو، الصبر على عثراتهم، ودعوته الحارّة والصادقة لهم لحضور القداس، مشاركته في تنمية مواهبهم، الذهاب معهم للتنزه، اللعب، وتسلق الجبال والرحلات في الطبيعة، حماسه، ضحكه، حواره معهم، كلها عوامل أدت لبناء مجموعة مخلصة ووفية وانتجت ما يعرف بـ "الأسلوب الوقائي" الخاص بدون بوسكو.

 

ما أحوج عالمنا اليوم لدون بوسكو جديد، مع الثورة الصناعية الرابعة التي نعيشها، عالم السرعة الذي لا يصبر على الشباب. البعض الذي ينتظر نضوجًا ووعيّا منهم دون أن يقدم لهم شيء إلا الترقّب والترصّد والحكم عليهم. نحتاج لبوسكوي جديد يشارك الشباب احلامهم وطموحهم وهمومهم ويعطيهم المساحة الكافية ويؤمن بهم وبقدراتهم. لم نعد نريد أن نسمع من يقول أنّ الشباب مستقبل الكنيسة وفقط دون برامج ودور حقيقي لهم وانعكاس لهذه الشعارات، نريد من يعطي الشباب المساحة والفرصة والثقة، نريد من يؤمن بهم وبأحلامهم ويعطيهم اهميتهم. فنحن لا نمتلك رفاهية اقصاء الشباب أو استمرار الخطابات النخبوية تجاههم، نريد لهم أن يبقوا في حضن الكنيسة اليوم وغدًا وبعد غد. ولعل كلمات غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا في احتفال الأمانة العامة للشبيبة المسيحية بمناسبة مرور 35 عام على تأسيسها جاءت على الوجع ونتمنى ان تجد صدى ووقع حقيقي في أوساط الكنسية المختلفة ومن هذه الكلمات اقتبس: "أنا اراهن عليكم". نعم يراهن رأس كنيستنا اليوم على الشباب وهم بدورهم يعملون ما بوسعهم في الأمانة العامة للشبيبة لالتقاط الرسالة وتحدي الازدحام الشديد للمعيقات التي بالمناسبة تتطابق في أحيان كثيرة مع ما واجهه دون بوسكو قبل أكثر من مئة عام.

 

نشكر غبطة البطريرك على إيمانه بالشباب وقدرتهم على إحداث الفارق، هو الذي جاء خصيصًا من القدس ليترأس الاحتفال هذا العام في كلية تراسنطة ويلتقي بالشباب ويستمع لهم. ونصلي من أجل أن تبقى شبيبة الأردن قوية وفعالة في الكنيسة والمجتمع بشفاعة أمنا مريم البتول سيدة الشبيبة والقديس يوحنا بوسكو الذي وجد بالفعل الطريق لأن يملك قلوب الشباب بالحب والقبول والتوجيه الذي منحه لهم باستمرار والعناية التي قدمها بدون انتظار مقابل، هكذا استطاع أن يمنع الشر ويجعل كل من تبعه يُخرِجون أفضل ما لديهم.