موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسَالة
صلّوا وأوفُوا الربَّ إلهنا
اللهُ معروفٌ في أرضِ يهوذا
فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل أفسس (4 : 1-7)
يا إخوةُ، أطلُبُ اليكم أنا الأسيرَ في الربِّ أن تسلُكُوا كما يَحِق ُّ للدعوةِ التي دُعيتُم بها، بِكُلِ تواضُعٍ وودَاعةٍ وبِطُولِ أناةٍ محتَمِلينَ بعضُكم بعضًا بالمحبّة، ومجتَهدين في حِفظِ وِحدَةِ الروح برباطِ السلام. فَإنَّكم جَسدُ واحدٌ وروحٌ واحد، كما دُعيتُم إلى رَجاءِ دعوتِكُمُ الواحِد. ربٌّ واحِدٌ وايمانٌ واحِدٌ ومعموديَّةٌ واحدةٌ وإلهٌ أبٌ للجميع واحدٌ هوَ فوقَ الجميعِ وبالجميعِ وفي جميعِكم. ولكلِّ واحدٍ مِنَّا أُعطيَتِ النعَمةُ على مقدار موهِبَةِ المسيح.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس لوقا (12: 16-21)
قال الربُّ هذا المثل: إنسانٌ غَنيٌّ أَخصبَتْ أرضُهُ فَفكَّر في نفّسِه قائلاً: ماذا أصنع؟ فإنَّه ليْسَ لي موضِعٌ أَخزِنُ فيه أثماري. ثمَّ قال: أصنع هذا، أهدِمُ أهرائي وأبْني أكبَرَ منها، وأجْمَعُ هناكَ كلَّ غلاّتي وخيْراتي، وأقولُ لِنفسي: يا نْفسُ إنَّ لكِ خيراتٍ كثيرةً، موضوعةً لسنينَ كثيرةٍ فاستريحي وكُلي واشْربي وافرحي. فقال له الله: يا جاهِلُ، في هذه الليلةِ تُطلبُ نَفسُكَ منْكَ، فهذه التي أعدَدتَها لِمن تَكون؟ فهكذا مَنْ يدَّخِر لنفسِهِ ولا يستغني بالله. ولمَّا قالَ هذا نادى: مَنْ لَهُ أُذنانِ للسَّمْعِ فَلْيسْمَع.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين.
في ظل أزمة اقتصادية خانقة يا إخوتي الأعزاء كحالنا، تُعدّ قراءة إنجيل اليوم قيّمة لنا جميعًا، فقد علّمنا الربّ مثل الغنيّ الجاهل. إلا أن سبب هذا التعليم كان خلافًا بين شقيقين حول مسائل الميراث، وهو خلافٌ حفظه الإنجيلي لوقا قبل عرض مثل الغنيّ الجاهل ببضعة آيات. اقترب أخ من المسيح وقال له: "يا ربّ، أقنع أخي بتقسيم أملاكنا بالعدل، لأنه يحتال عليّ". فقال له الربّ: "من تظنّني أنا؟ أتظنّ أني جئتُ إلى هذا العالم لأكون حكمًا وقاضيًا بينكم؟ سأقول لك شيئًا واحدًا: تجنَّب الجشع، فإنّ تكديس الثروة والممتلكات المادية يُعيق نيل الحياة الأبدية". ولأجل الحقيقة، ولإثبات هذه الحقيقة، استشهد المسيح بمثل الغنيّ الجاهل الذي سمعناه في قراءة الإنجيل. في إحدى السنوات، أثمرت أراضي صاحب أرض غنيّ ثمارًا وفيرة، أكثر من أي وقت مضى. لكن الرجل بدلًا من أن يفرح بهذه النعمة، بدأ يشعر بالقلق والحزن والأرق ويتساءل: "أين أضع كل ما اكتسبته، وأين أجمع كل هذه الثمار حتى لا يسرقه اللصوص ولا أضيعها يومًا بعد يوم؟" وفكّر: "سأهدم مخازني، وأبني مخازن أكبر، وأخزن كل ثماري ومحاصيلي في المخازن الجديدة. ثم سأقول لنفسي، يا نفسي، الآن يمكنكِ الراحة. كلي، واشربي، وافرحي، لديكِ خيرات كثيرة لحياتك كلها." ثم ظهر الله أمامه وقال له: "يا غبي في هذه الليلة ستفارق هذه الحياة، ستموت. فإلى من تذهب هذه الأشياء التي اكتسبتها؟ ماذا سيحل بها؟" ويتابع المسيح: "هكذا يكون حال من يكنز لنفسه وليس غنيًا لله." هذا هو مقطع الإنجيل الذي سمعناه اليوم، وهو يُعطينا أسبابًا عديدة لنقول أمورًا تُفيد نفوسنا. من بين هذه الأسباب، سنركز على ثلاث نقاط فقط.
أولها هو الخلاف بين الإخوة حول مسائل الميراث. كما ترى هذا الوضع ليس حاليًّا فحسب، بل كان موجودًا منذ زمن المسيح. لذلك فإنّ الصراع بين الإخوة على المال، والعقارات، والبيوت، وقطع الأراضي شرٌّ أبديّ. وهذا الإغراء عظيمٌ لدرجة أنّه يُصبح سببًا لتفكك تماسك الأسرة، وسببًا لبناء الجدران بين الناس، بل بين الإخوة، وسببًا لتفاقم المشاعر، ولإثارة الكراهية التي لا تُخمد، بل ولدفع الناس إلى ارتكاب الجرائم! إنّ الأخ الذي يقتل أخاه بدافعٍ من شغفه بمن سيحصل على معظم الميراث الذي يتركه الوالدان، يُشكّل سقوطًا للإنسان. لا توجد لعنة أعظم من انقسام الأسرة، وأن يُسفك دم الأخوة، وأن يسود الكراهية بين الإخوة بسبب كل هذه الأشياء التي، كما رأينا في إنجيل اليوم، نتركها وراءنا ولا نأخذ شيئًا معنا إلى الحياة الأبدية. إنه لأمرٌ مُخزٍ، بل تجديفٌ على اسم الله، أن يُحرم الإخوة من هبة المحبة الأخوية العظيمة، وهي خيرٌ لا يُقدّر بثمن، وأن يُبادلوها بجُبنٍ ماديٍّ زائلٍ ومصالحَ ماليةٍ زائلة.
النقطة الثانية هي حماقة الرجل الغني. وصف المسيح هذا الرجل وصفًا قاسيًا، واصفًا إياه بـ"الأحمق". الأحمق هو من يفتقر إلى الحكمة، فاقدٌ للوعي، أي جاهل، أي من فقد عقله. هكذا وصف المسيح الرجل الغني. لأن الرجل الغني لم يفعل شيئًا سوى التفكير في كيفية قضاء وقتٍ طيبٍ في هذه الحياة، وكيفية اكتساب المزيد من الممتلكات، وكيفية جني ثمار أرضه، وكيفية اكتساب المزيد من المال. وصفه بالجاهل، لأنه لم يتوقع أن يأتي الوقت واللحظة التي سيغادر فيها هذه الحياة. أي أنه لم يكن في قلبه ولا في عقله ما نسميه "ذكرى الموت" بأننا لسنا خالدين بل عابرين وفي مرحلة ما سوف نترك هذا العالم إلى الأبد وكل ما اكتسبناه سنتركه وراءنا ولن نأخذ معنا أي شيء.
لقد وصفه بأنه "أحمق" لأنه بدلًا من أن يفرح بما أنعم الله به عليه بسخاء، أصبحت هذه الممتلكات سببًا لقلقه وحزنه. كان هذا الرجل أحمقًا وحمقًا تجاه الله، لأنه لم يفعل شيئًا من أجل الحياة الأخرى، التي هي أبدية لا نهاية لها، بل فعل كل شيء من أجل هذه الحياة المحدودة والتي لها نهاية زمنية محددة.
وهناك أيضًا نقطة ثالثة تستحق التأمل فيها: "هذه الأشياء تصيبه"، كما يقول المسيح، "الذي هو غني لنفسه وليس غنيًا لله". من هو الغني بحسب الله الذي يتحدث عنه الرب؟ من هو الغني بحسب الله؟ يقول القديس كيرلس الإسكندري: "ليس الغني من يملك، بل من يمنح. وهذا النقل، هذه التقدمة، يكشف عن الإنسان المبارك، وليس امتلاك السلع المادية". الرجل الغني بحسب الله هو من لا يحتفظ بما يملك لنفسه، بل يشاركه، ويقدمه بمحبة للناس. إنه ليس غير مبالٍ بمشاكل وضعف زملائه من البشر، بل يحول نظرة الحب حوله ويرى من هو المحتاج، ومن لا يملك الأساسيات في هذه الحياة، ومن هو التعيس، ومن هو المريض؟ من لا يستطيع إعالة أطفاله؟ من هو العاطل عن العمل، الذي فقد وظيفته والأرض تحت قدميه؟ هذا هو الرجل الغني⋅ الذي، إما من نقصه أو من فائضه، يعرف كيف يجعل الآخرين أغنياء معه وبالتالي يفرح ويريح نفسه ويرضي الله بفيض الحب منه، حتى يتمكن جميع الناس الآخرين من الاستفادة من حبه. غني حسب الله هو من يعمل بهذه الطريقة داخل المجتمع، ويضمن الوحدة والتوازن الاجتماعي والعدالة.
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللَّحن الثَّامِن
إنحدَرْتَ من العُلُوِّ يا مُتَحَنِّن، وقَبِلْتَ الدَّفْنَ ذا الثَّلاثَةِ الأيَّام لكي تُعتِقَنَا من الآلام. فيا حياتَنا وقيامَتَنَا، يا رَبُّ المجدُ لك.
قنداق دخول السيدة إلى الهيكل باللحن الرابع
اليومَ تَدْخُلُ إلى بيتِ الرَّب العذراء هيكلَ مخلِّصنا الطاهرَ. وخدره النفيس الفاخر. وكَنْزِ مجدِ الله الشريف. مدخلة معها النِّعمةَ التي بالرّوح الإلهيّ. فَتُسبِّحْها ملائكة الله، فأنّها خباءٌ سماوي.