موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسَالة
أنت يا رب تحفظنا وتسترنا من هذا الجيل
خلصني يا رب. فإن البار قد فني
فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل غلاطية (6: 11-18)
يا إخوة، أنظروا ما أعظمَ الكتابات التي كتبتُها إليكم بيدي، إنَّ كُلَّ الذينَ يُريدون أن يُرضُوا بحسَبِ الجسَدِ يُلزمونكم أن تختتِنوا، وانَّما ذلكَ لئلاّ يُضطهَدوا من أجل صليبِ المسيح، لأنَّ الذينَ يَختتِنون هُم أنفسُهم لا يحفَظون الناموسَ، بل إنَّما يُريدون أن تَختتِنوا ليفتخروا بأجسادِكم. أمَّا أنا فحاشا لي أن أفتَخِرَ إلاَّ بصليبِ ربّنا يسوعَ المسيح الذي به صُلبَ العالمُ لي وأنا صُلبتُ للعالم. لأنَّهُ في المسيح يسوعَ ليسَ الخِتانُ بشيء ولا القَلَف بل الخليقَةُ الجديدة. وكلُّ الذين يسلُكُون بحَسبِ هذا القانون فعليهم سَلامٌ ورَحمةٌ وعلى إسرائيلِ الله. فلا يجلِبنَّ عليَّ أحدٌ أتعاباً فيما بعدُ، فإنّي حامِلٌ في جسدي سماتِ الربِّ يسوع. نعمةُ ربّنا يسوعَ المسيح مع روحِكم أيُّها الاخوة. آمين.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس لوقا (8: 41-56)
في ذلك الزمان، دنا إلى يسوع إنسانٌ اسمه يايرُسُ، وهو رئيسٌ للمجمع، وخرّ عند قَدَمَيْ يسوع وطلب إليه أن يدخل إلى بيته، لأنّ له ابنةً وحيدةً لها نحوُ اثنتَي عشْرَةَ سنةً قد أشرفت على الموت. وبينما هو منطلقٌ كان الجموع يزحمونه. وإنّ امرأة بها نزفُ دمٍ منذ اثنتي عشرَة سنة، وكانت قد أنفقت معيشتَها كلَّها على الأطبّاء، ولم يستطعْ أحدٌ ان يشفيَها، دنت من خلفه ومسّت هُدبَ ثوبه وللوقت وقف نزفُ دمِها. فقال يسوع: "من لمسني؟" وإذ أنكر جميعهم قال بطرس والذين معه: يا معلّم، إنّ الجموع يضايقونك ويزحمونك وتقول مَن لمسني؟ فقال يسوع: "إنّه قد لمسني واحدٌ لأنّي علمتُ أنّ قوّةً قد خرجت منّي". فلمّا رأت المرأة أنّها لَم تَخْفَ، جاءت مرتعدةً وخرّتْ لَهُ وأخبرَتْ أمام كلّ الشعب لأيّةِ عِلّةٍ لَمَسَتْهُ وكيف برئت للوقت. فقال لها: "ثقي يا ابنةُ، إيمانُكِ أبرأكِ فاذهبي بسلام". وفيما هو يتكلّم، جاء واحدٌ مِن ذَوِي رئيسِ المجمع وقال له: إنّ ابنتَك قد ماتت فلا تُتعب المعلّم. فسمع يسوع فأجابه قائلاً: لا تَخَفْ، آمِنْ فقط فتبرأ هي. ولمّا دخل البيت لم يدَع أحداً يدخل إلّا بطرس ويعقوب ويوحنّا وأبا الصبيّة وأمّها. وكان الجميع يبكون ويلطمون عليها، فقال لهم: لا تَبكُوا، إنّها لم تمت ولكنّها نائمة. فضحكوا عليهِ لِعِلْمِهم بأنّها قد ماتت. فأمسك بيدها ونادى قائلاً: يا صبيّةُ قُومي. فرجعت روحُها في الحال. فأمر أن تُعطى لتأكل. فدهش أبواها، فأوصاهما أن لا يقولا لأحدٍ ما جرى.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين
إنجيل اليوم لا يقتصر على المعجزات ورحمة الله، بل أعتقد أنه يتعلق بأملٍ يتجاوز الرجاء. في حالة ابنة يايرس نرى طفلاً ميتاً. الجميع يعلم ذلك هناك يقينٌ كبيرٌ لدرجة أنه عندما يصبح ابن الله ابن الإنسان، يقول: "لا! هذا الطفل لم يمت، بل هو نائم"، فيناقضه الجميع قائلين: "لا، هذا الطفل قد مات فعلاً". ثم يدعو المسيح، بكلمةٍ قويةٍ، وبفعلٍ من المحبة، الطفلَ يعود إلى الحياة الأرضية.
يُروى لنا إنجيل اليوم معجزتان لربنا يسوع المسيح، إحداهما شفاء المرأة النازفة وابنة يايرس. إحداهما كانت امرأة بسيطة بين الجمع، والثانية شخصية بارزة، إبنة رئيس مجمع. اقتربتا من المسيح، كلٌّ منهما بطريقة مختلفة: المرأة النازفة لم تجرؤ حتى على طلب الشفاء من الرب، بل اقتربت منه ولمست طرف ثوبه، فحدثت المعجزة. طلب رئيس المجمع من المعلم أن يأتي إلى بيته ويشفي ابنته الوحيدة، فجاء المسيح وأقام الفتاة التي ماتت في تلك الأثناء. ومع ذلك، يشترك كلٌّ من المرأة النازفة ويايرس في أمرين: الإيمان والجرأة. آمنا أن المسيح قادر على الشفاء، ويجرؤان إحداهما على طلبه والأخرى على لمس الرب. لم يكن من الممكن أن يتحدث رئيس مجمع مع المسيح. فقد منع الكتبة والفريسيون الناس من الاقتراب منه والاستماع إلى تعاليمه. لم يكتفِ يايروس بالتجرؤ على التواجد بين الجموع التي تستمع إلى كلام الرب، بل تحدث معه أيضًا وطلب منه أن يأتي إلى بيته، مؤمنًا بأن المسيح وحده القادر على خلاص ابنه. فتغلب إيمانه على كل خوف، تمامًا كإيمان المرأة التي لمست ثوب الرب يسوع، منتظرةً الشفاء. وقد أشار المسيح نفسه إلى ضرورة الإيمان لحدوث المعجزة وأكد عليها.
قال للمرأة نازفة الدم: "يا ابنتي، إيمانكِ شفاكِ"، وأجاب يايرس الذي أُبلغ بوفاة ابنته، وأنه لا ينبغي له أن يُزعج المعلم بعد الآن: "لا تخافي، آمني فقط، فستخلص". يتجلى الفرق بين من يؤمنون بأن المسيح سيُجري المعجزة ومن لا يؤمنون في أقارب الفتاة الصغيرة، الذين ضحكوا على المسيح عندما قال لهم: لا تبكوا، لأن الفتاة لم تمت. لقد دمر يأسهم كل أمل وإيمان بالله، واعتقدوا أن كل شيء قد ضاع. "آمن فقط، فستخلص". كلمات المسيح حاسمة، ليس فقط لوالد الفتاة المريضة، بل لكل واحد منا أيضًا. في بحر صراع الحياة والحياة اليومية، غالبًا ما نشعر بالعجز والضعف والهزيمة. نشعر أنه لا يوجد لدينا ملجأ نتمسك به، ولا مكان نستند إليه ونستمد منه القوة لمواجهة صعوبات الحياة. غالبًا ما يُغرقنا المرض، أو الصعوبة المُستعصية، في اليأس والإحباط. ومع ذلك، يدعونا المسيح إلى الإيمان، وستأتي معونته.
ماذا يعني الإيمان؟ إنها كلمة بسيطة، لكنها تتطلب شجاعة وتغلبًا على غرورنا لتطبيقها في حياتنا. من الضروري أولًا وقبل كل شيء، أن ندرك ونعترف بأننا لسنا كليي القدرة، وأن وجود الله في حياتنا وحمايته وبركاته، إلى جانب جهودنا الذاتية، أمرٌ بالغ الأهمية. في خضم الصعوبات والإخفاقات والنكسات، نجد أنفسنا أمام خيارين: إما أن نغرق في اليأس ونُدمر روحيًا، أو أن نتقبل عجزنا ونلجأ إلى الله بإيمان. فإذا تغلبنا على أنانيتنا وتقبلنا قدرة الله ومحبته لنا، يمكننا الآن أن نلجأ إليه بتواضع ونطلب منه بإيمان أن يُعيننا. الله ليس شرهًا، ولا يريد أن يرانا نعاني. ولكن لأنه خلقنا أحرارًا، فإنه ينتظر منا أن ندعه يدخل حياتنا بحرية. وفي هذه الأثناء، يُغطينا بذكاء ويمنحنا فرص الإيمان به. ولأن الله محبة فبمجرد أن نلجأ إليه بإيمان، يُسارع ويُجري المعجزة في حياتنا الشخصية، ليس دائمًا وفقًا لرغباتنا، بل بما فيه خيرنا الروحي ومصلحتنا. من الصعب حقًا أن نُسند رجاءنا إلى الله. يتطلب الأمر تواضعًا وشجاعة وإيمانًا. "لا تخف، آمن فقط"، يدعونا المسيح اليوم لنُجري المعجزة في حياتنا. يكفينا أن نثق به، وأن نمنحه مساحةً ليُقيم في قلوبنا. هذه هي صلاتنا أيضًا، في كل قداس وفي كل خدمة من خدمات الكنيسة: "أنفسنا وبعضنا بعضًا، وكل حياتنا في المسيح لله".
أليس هذا إلى جانب كونه حقيقةً من حقائق تاريخنا البشري رمزاً أيضاً، وصورةً لحالاتٍ بشريةٍ كثيرة؟ كم مرةً قلنا: "لا معنى لفعل أي شيءٍ من أجل هذا الشخص، فهو هالكٌ على أي حال. لا يمكن لأحدٍ فعل أي شيءٍ لإنقاذ موقفٍ ما، هذه الحالةُ لا خلاصَ لها". وعلينا أن نتذكر كلمات المسيح لبطرس عندما قال الأخير: "فمن يستطيع أن يخلص؟" فقال له الرب: "ما لا يُستطاع عند الناس مُستطاعٌ عند الله". أملٌ يفوق الأمل: ليس لأننا لا نملك أسبابًا وجيهة للأمل، بل لأننا نملك يقينًا عميقًا بأن الحب الإلهي، بل والحب البشري أيضًا، قادرٌ على إحياء ما فُقد. من وقع في أعمق هجران، ومن يبدو لنا شريرًا بلا أمل، إذا واجهوا حبًا مُضحّيًا وكلمة "مضحّي" جوهرية حب الله المُضحّي، ونفس هذا الحب المُضحّي فينا، يُمكن خلاصهم.
في حالة هذا الطفل، حدث ذلك فورًا. في علاقاتنا مع بعضنا البعض ومع الناس، قد يستغرق الأمر سنوات، سنوات من الحب الصبور، سنوات نبذل فيها أنفسنا، ولكننا سنتحمل أيضًا، سنتحمل بلا نهاية، أصعب الأمور. وفي النهاية قد يكون هناك فداء. قد يكون هناك فداء على هذه الأرض، على هيئة شخص كان يُعتبر ميؤوسًا منه، لا حول له ولا قوة، ويبدأ بالتغير، ثم نرى معجزة، ونفرح ويصبح الأمل كاملًا وحقيقيًا، ويملأ الفرح قلوبنا.
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللَّحن الخامس
لنسبِّحْ نحن المؤمنينَ ونسجُدْ للكلمة الـمُساوي للآبِ والرُّوح في الأزليَّة وعدمِ الاِبتداء، المولودِ من العذراء لخلاصِنا، لأنَّه سُرَّ بالجسد أن يَعْلُوَ على الصَّليبِ ويحتَمِلَ الموت ويُنْهِضَ الموتى بقيامتِهِ المجيدة.
القنداق باللَّحن الثاني
يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائماً بمكرِّميك.