موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
الرِّسالَة
ما أعظمَ أعمالَكَ يا ربُّ كلَّها بحكمةٍ صنَعتَ
باركي يا نَفسيَ الربّ
فصل من رسالة القديس بولس الرسول إلى أهل غلاطية (غلا 2: 16-20)
يا إخوة، إذ نعلم أنّ الإنسان لا يُبرَّر بأعمال الناموس بل إنّما بالإيمان بيسوعَ المسيح، آمنَّا نحن أيضاً بيسوع لكي نُبَّرر بالإيمان بالمسيح لا بأعمال الناموس، إذ لا يُبرَّر بأعمال الناموس أحدٌ من ذوي الجسد. فإنْ كنّا ونحن طالبون التبريرَ بالمسيح وُجدنا نحن أيضاً خطأةً، أفيَكون المسيح إذاً خادماً للخطيئة؟ حاشا. فإنّي إنْ عدتُ أبني ما قد هَدمتُ أجعلُ نفسي متعدِّياً، لأنّي بالناموس متُّ للناموس لكي أحيا لله. مع المسيح صُلبتُ فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ. وما لي من الحياة في الجسد أنا أحياه بابن اللهِ الذي أحبّني وبذل نفسَه عنّي.
الإنجيل
فصل شريف من بشارة القديس لوقا (لوقا 8: 26-39)
في ذلك الزمان، أتى يسوعُ إلى كورَةِ الجِرجِسييّنَ، فاستقبَلهُ رجُلٌ منَ المَدينَةِ بِه شياطينُ مُنذُ زَمانٍ طويلِ، ولم يكن يلبَسُ ثوباً ولا يأوِي إلى بَيتٍ بل إلى القبور. فلمّا رأى يسوعَ صاحَ وخرَّ وقالَ بِصوتٍ عظيم ما لي ولكَ يا يسوعُ ابْنَ اللهِ العليّ. أطلُبُ إليكَ ألاّ تُعَذبَني. فَإنَّهُ أمَرَ الروحَ النَجِسَ أن يَخرُجَ منَ الإنسانِ لأنَّهُ كانَ قد اختطفَهُ مُنذُ زَمانٍ طويلٍ، وكانَ يُربَطُ بسلاسِلَ ويُحْبَسُ بِقُيودٍ فيقطعُ الرُّبط ويُساقُ مِنَ الشيطانِ إلى البراريّ فسألَهُ يسوعُ قائلاً ما اسمُك. فقالَ لجيون لأنَّ شياطينَ كثيرينَ كانوا قد دَخلوا فيهِ وطلبوا إليهِ أن لا يأمُرَهُم بالذهابِ إلى الهاوية. وكانَ هُناكَ قَطيعُ خنازيرَ كثيرةٍ ترعَى في الجبلِ فَطَلَبوا إليهِ أن يأذنَ لهم بالدخولِ فيها فأذِن لهم، فخَرَج الشياطينُ من الإنسانِ ودخَلوا في الخنازيرِ فوَثبَ القطيعُ عَن الجُرْفِ إلى البُحَيْرةِ فاختنقَ. فلمَّا رأى الرُّعاةُ ما حَدَثَ هَرَبوا فأخبَروا في المدينةِ وفي الحقول فخرجوا ليَروا ما حَدَث وأتوا إلى يسوعَ فوَجدوا الإنسَانَ الذي خَرَجَتِ مِنهُ الشياطينُ جَالِساً عندَ قدَمَي يسوعَ لابِساً صحيحَ العقل فَخافوا. وأخبَرَهُم الناظِرونَ أيضاً كيْف أُبْرِئَ المجنونُ. فسألَهُ جمِيعُ جُمهورِ كُورَةِ الجرسِيّينَ أن ينصَرِفَ عَنهم لأنَّهُ اعْتَراهم خوفُ عَظيم. فدَخَلَ السفينةَ ورَجَعَ، فسَألَهُ الرجُلُ الذي خرَجَت مِنه الشياطينُ أن يكونَ مَعَهُ. فَصَرَفهُ يسوعُ قائلاً ارجع إلى بيتِكَ وحَدِّث بما صَنعَ الله إليك. فذهَبَ وهُوَ ينادي في المدينة كُلِّها بما صَنعَ إليهِ يَسوع.
بسم الأب والأبن والروح القدس الإله الواحد أمين
قراءة إنجيل اليوم من الإصحاح الثامن من إنجيل لوقا، تروي قصة شفاء المجانين في مدينة الجرجسيين. يأتي هذا الحدث ترتيبًا زمنيًا، مباشرةً بعد معجزة إطعام الخمسة آلاف وتهدئة المياه.
أبحر الرب مع تلاميذه بالقارب عبر الجليل شرقًا، إلى منطقة الجرجسيين. كانت جرجسة أو جدارا مدينة من المدن العشر بفلسطين. كانت حياة الناس فيها هشة، إذ كانوا يربون الخنازير وهو أمرٌ محظورٌ وفقًا للشريعة الموسوية.
حالما خرج المسيح من القارب، خارج المدينة، وجد نفسه في مشهدٍ مروع. رأى مجنونين يخرجان من مقبرة تلك المنطقة.
يتحدث الإنجيلي متى عن شفاء مجنونين، بينما يتحدث الإنجيليان مرقس ولوقا عن مجنون واحد. يشير القديس يوحنا الذهبي الفم إلى أن هذا لا يعني اختلاف الإنجيليين، بل سردهم للحادثة نفسها بأسلوب مختلف. فبينما كان المجنونان اللذان شُفيا اثنين، ميّز مرقس ولوقا أحدهما وتحدثا عنه، وهو "أشرهم جميعًا".
ان مجرد وجود الرب، حتى دون أن يكلم المتألمين نفسه، أرعب الشياطين التي استحوذت عليهم للأبد. لذلك حتى هو الأكثر شراسة وتهديدًا بينهما، عندما رأى المسيح والتلاميذ، لم يكتفِ بمهاجمتهم بل على العكس سقط على ركبتيه عند قدمي المسيح وسجد له. في هذه الحالة هدأ غضب الشياطين، وسقط الرجل التعيس باحترام عند قدمي المسيح.
أما الأرواح الشريرة، فقد أدركت ألوهية الرب، وتنبأت بالخطر الذي كانوا يواجهونه بسبب وجوده في ذلك المكان. وصرخت من خلال أفواه ضحاياها: "ما لنا ولك يا يسوع ابن الله؟ هل أتيت إلى هنا لتعذبنا؟" لقد أدركوا أولاً أن يسوع المسيح هو ابن الله، الذي جاء إلى الأرض ليقضي على سلطانهم. ومع ذلك لم يتوقعوا أن ساعة عقابهم قد حانت. لهذا السبب عبّروا عن حزنهم ويأسهم، وسألوا المسيح بصوت عالٍ: "ما علاقتك بنا يا يسوع ابن الله؟ هل أتيتَ إلى هذا المكان قبل أوانك لتعذبنا؟". ثم روى الإنجيلي: "سأله يسوع". سأل الربّ أشدّهما شراسةً عن اسمه. فأجاب الذي فقد شخصيته واندمج تمامًا مع الشياطين الكثيرة التي سكنته، أنه يُدعى فيلقًا. هذه الكلمة تعني جيشًا مؤلفًا من جنود كثيرين. وفي هذه الحالة، دلّ ذلك على حشد كبير من الأرواح الشريرة.
الشياطين إذ أدركوا قدرة الرب المطلقة، اعترفوا بأنهم توقعوا يومًا ما عقابه، وتوسلوا إليه ألا يأمرهم آنذاك بالخروج من أجساد ضحاياهم وإرسالهم إلى الجحيم. إن كنت ستُخرجنا من بين الناس، فاسمح لنا بالدخول إلى قطيع الخنازير، الذي كان موجودًا بالفعل على بُعدٍ من ذلك المكان. فرفض الرب طلبهم بعدم إخراجهم من بين الناس، ثم قبل اقتراحهم الثاني وسمح لهم بالدخول إلى الخنازير. والنتيجة: ثارت الخنازير، التي بلغ عددها نحو ألفين، وسقطت من أعلى الجرف في البحر وغرقت. هذا الغضب المدمر للشياطين يُعلّمنا قوتهم العظيمة والمدمرة التي يستطيعون بها اليوم إحداث دمارٍ كبيرٍ للناس أيضًا. ومع ذلك، من المفهوم أنه بدون إرادة الله، لا يمكن للشياطين أن تُسبب أي ضرر. عندما نُسلم جميع مشاكلنا وصعوباتنا إلى عناية الله وحمايته، نشعر بالأمان. لأن عناية الله تشمل جميع الكائنات، وتعمل دائمًا وتتجلى في مصلحتنا الروحية.
علاوة على ذلك، استخدم يسوع المسيح الغرق عقابًا تربويًا للجرجيين، الذين انتهكوا برعيهم وأكلهم لحم الخنزير، شريعة موسى التي تُعتبر الخنازير حيوانات نجسة، ويُحرم على اليهود أكل لحومها. وبهذا التصرف دعاهم الرب إلى نبذ كفرهم، تفاديًا لعقاب أعظم من الله الذي كانوا ينتهكون شريعته.
كان رعاة الخنازير أول من تأثروا وذعروا من الأحداث المعجزية التي وقعت. هربوا، كما يذكر الإنجيلي، وبعد دخولهم المدينة، أخبروا أهلها بكل ما حدث. ثم ركض كل من سمع بالمعجزة، وتوجه إلى المسيح، وشاهد مشهدًا عجيبًا آخر، كان دليلًا عمليًا على ما سبق. الرجل المتوحش الخطير الذي فرّت منه الشياطين، جالسًا عند قدمي مُحسنه، مُرتديًا ثيابه سيطر عليهم الخوف على الفور. وبدلًا من أن يشعروا بالرهبة من الرب الذي حوّل من كان مُمسوسًا إلى رجل رزين ومتواضع، أن يشكروه على تخليصهم من الخطر الذي كانوا يعيشون تحت وطأته، وأن يدعوه إلى مدينتهم ليسمعوا كلامه ويطلبوا الشفاء لمرضاهم، بدأوا على العكس يتوسلون إليه أن يُغادر منطقتهم من حدود مدينتهم.
سيُشكل وجوده بينهم عقابًا شديدًا لهم، ولخطايا أخرى أثقلت كاهلهم. لكن الضرر الشامل الذي لحق بهم بعد غرق الخنازير زاد من خوفهم، خشية أن يصبح حضور المسيح نذيرًا لهم بعقوبات أخرى. يسوع المسيح بعد رفض سكان المدينة استقباله، يتجه نحو شاطئ البحر ليغادر على متن سفينة عائدًا إلى الجليل. توسّل إليه الرجل المُشفى أن يسمح له باتباعه والبقاء معه إلى الأبد. واليوم كما كان الحال آنذاك، لدى لوسيفر أتباعه في مجتمعات الناس الذين ينغمسون في السحر والروحانية والقتل والسطو والهجمات الإرهابية والفجور والحروب وتجارة المخدرات وغيرها الكثير. ومع ذلك، فإن على من يؤمنون بالله إيمانًا راسخًا ألا يكتفوا بالركود، بل أن يصبحوا رسل محبة، مثل الرجل المُشفى الذي كان ممسوسًا بالشيطان في الإنجيل، والذي، بناءً على حث المسيح، "ذهب يُنادي في جميع أنحاء المدينة بما صنع له من خير".
الطروباريات
طروباريَّة القيامة باللَّحن الرابع
إنّ تلميذاتِ الربّ تَعلَّمن من الملاك الكرزَ بالقيامةِ البَهِج، وطَرَحْنَ القضاءَ الجَدِّيَّ، وخاطَبنَ الرُّسُلَ مفتخِراتٍ وقائلات: قد سُبيَ الموت، وقامَ المسيحُ الإله، ومنح العالَمَ الرَّحمةَ العُظمى.
القنداق باللَّحن الثاني
يا شفيعةَ المَسيحيّين غَيْرَ الخازية، الوَسيطةَ لدى الخالِق غيْرَ المرْدودةِ، لا تَعرْضي عَنْ أصواتِ طلباتنِا نَحْنُ الخَطأة، بَل تداركينا بالمعونةِ بما أنّكِ صالِحة، نحنُ الصارخينَ إليكِ بإيمان: بادِري إلى الشَّفاعةِ وأسرَعي في الطلبةِ يا والدةَ الإلهِ المتَشفّعةَ دائماً بمكرِّم.