موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس البطريرك الماروني الكاردينال بشارة بطرس الراعي، اليوم الأحد، قداسًا في كنيسة الصرح البطريركي في الديمان، على نية المزارعين، مؤكدًا أن الزراعة ليست مجرّد نشاط اقتصادي، بل "فعل رجاء وإيمان بالغد، ورسالة أمانة للأرض التي ورثناها عن آبائنا لنورثها لأولادنا".
وفي عظته بعنوان "خرج الزارع ليزرع" (مر 4: 3)، أشار إلى أنّ المزارع حين يزرع حبّة القمح، يؤمن بأنّ الله سيباركها، وأنّ موسم الحصاد سيأتي رغم الصعوبات، وأنّ الأرض لا تثمر إلا لمن يخدمها بأمانة، موضحًا أنّ الزراعة ليست مجرّد مهنة أو تبادل منفعة، بل تمثّل عهد شراكة ومحبّة بين الإنسان والخليقة، وهي مدرسة تعلّم الإخلاص والأخلاقيّة والصدق.
وأكد أنّ الأرض ليست مصدر رزق فحسب، بل هي هويّة وجذور، فمن "يتمسّك بأرضه يحافظ على وطنه".
وقال: تشكّل الزراعة ركيزة من ركائز الإقتصاد الوطنيّ، وضمانة لبقاء المواطنين في قراهم وبلداتهم، بدل الهجرة والنزوح. وأشار إلى أنّ أهميّة الأرض كعنصر جوهري في الهوية الوطنيّة دفعت البطريركيّة ومؤسّساتها وأبناء الكنيسة إلى الاستثمار في الزراعة، بالتعاون المستمرّ مع الكليات الزراعيّة والتعاونيات، لضمان بقاء المزارع في أرضه ومنع النزوح والهجرة وبيع الأراضي الزراعيّة.
ودعا البطريرك الراعي الدولة اللبنانية إلى دعم القطاع الزراعي، وجعله ركيزة أساسيّة في الاقتصاد، وتحسين سبل عيش المزارعين، وتعزيز كفاءة سلاسل الانتاج الزراعي والغذائي وقدرتها التنافسيّة، إضافة إلى تحسين التكيّف مع التغيّر المناخي وضمان استدامة نظم الزراعة والغذاء والموارد الطبيعية.
وقال: "دعم المزارع هو دعم للوطن. فحين نهمل المزارعين، تُفرغ القرى والبلدات من سكّانها، ونفقد الأمن الغذائيّ، ونضعف سيادتنا الإقتصاديّة. علينا جميعًا، دولة وشعبًا، أن نعيد للزراعة مكانتها عبر السياسات الداعمة، والأسواق العادلة، والبنى التحتيّة، والإبتكار الزراعي. فلبنان قادر على النهوض إذا استثمر في أرضه وشعبه. والمزارع هو الحارس الأوّل لهذه الأرض، والضامن لثباتنا في كلّ التحديّات".
واعتبر أنّ "دعم المزارع ليس إحسانًا، بل هو حماية للهويّة الوطنيّة، ومنع لبيع الأراضي، وحفظ للجذور. المزارع هو حارس الحدود غير المرئيّة للوطن. بعمله اليوميّ يثبّت المواطنين في أراضيهم، يحافظ على التوازن بين المدينة والريف، ويمنع النزوح الجماعيّ نحو المجهول. ولهذا، فإنّ حماية الزراعة هي حماية للبنان الرسالة، ولتنوّعه، ولمستقبله".