موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٣٠ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
نائب رئيس الوزراء اللبناني: صلاة البابا في المرفأ ستساعدنا على تضميد الجراح

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

اعتبر نائب رئيس الوزراء اللبناني، طارق متري، في تصريح للقسم الإيطالي من موقع فاتيكان نيوز، أن صلاة البابا لاون الرابع عشر الصامتة في مرفأ بيروت، في موقع انفجار عام 2020، ستكون "مهمة لأنها ستساعدنا جميعًا، والجماعة بأسرها، على تضميد جراح هذا الحدث المأساوي". وتأتي هذه المحطة ضمن زيارة البابا إلى لبنان، المقررة من 30 تشرين الثاني وحتى 2 كانون الأول، والتي يتضمن برنامجها وقفة عند المكان الذي فقد فيه 218 شخصًا حياتهم وأصيب سبعة آلاف آخرون.

 

 

اهتمام ودعم روحي لضحايا الانفجار

 

وأعرب متري، وهو عضو في مجلس الكنائس العالمي، والذي استقبله البابا وأمين سر الدولة الكاردينال بيترو بارولين في 25 تشرين الأول الماضي، عن اجوار الانتظار لهذه الزيارة. وأوضح كيف ستكون المحطة في لبنان، التي ستلي محطة تركيا، لحظة يُظهر فيها البابا اهتمامه ودعمه الروحي لضحايا الانفجار "الذي ترك ندوبًا عميقة بين العائلات، وربما بين جميع اللبنانيين"، والذي لا يزال مصدره قيد التحقيق.

 

وقال: "نحن، كحكومة، نبذل قصارى جهدنا لدعم القضاء، الذي يتمتع في لبنان، كما هو الحال في العديد من الدول الديمقراطية الأخرى، بالاستقلالية. ودعمنا يهدف إلى ضمان قدرته على القيام بعمله وإنهائه في أقرب وقت ممكن"، معترفًا بأن التحقيق كان "صعبًا وبطيئًا جدًا". فبعد خمس سنوات، ما زالت أسباب المأساة غير معروفة، ولا يُعرف "من يمكنهم أن يكونوا الأشخاص أو المجموعات أو الدول التي تقف وراء ما حدث، أو ما إذا كان مجرد حادث، وفي هذه الحالة، فإن الإهمال هو أيضًا نوع من الجريمة".

 

 

حوار الحياة وأنثروبولوجيا التعايش

 

وأشار إلى أن الزيارة ستتم في وسط المدينة "الذي كان ساحة معركة لجميع الصراعات الأهلية في لبنان"، حيث سيلتقي البابا بالشباب الذين لم يعيشوا الحرب لكنهم تأثروا بنتائجها وبالنزاعات اللاحقة. وأضاف أن هناك انتظارًا لـ"كلمة سلام، تؤكد أن لبنان لا يزال بلدًا يمكن فيه للحوار والتعايش أن يستمرا لأنهما لم يغيبا أبدًا، على الرغم من كل العنف الطائفي الذي عشناه". وقال: "لن يقول أي لبناني أبدًا إننا لم نعد قادرين على العيش معًا... التعايش كان أقوى من صراعاتنا".

 

ولفت إلى ما يُسمّيه اللبنانيون "حوار الحياة": استمرار الناس في العيش المشترك، وتشاركهم "الكثير من القيم" ذات الأصول الدينية حول الحياة والموت والمحبة والرحمة، وأن الهوية الثقافية المشتركة "أنثروبولوجيا التعايش" تشمل العادات والطعام. واستذكر متري كيف كان جيله يكوّن صداقات تتجاوز الانتماءات الدينية.

 

 

المشكلة ليست بين الأديان بحد ذاتها

 

وفي حديثه عن الحاضر، رأى متري أن المشكلة ليست بين الأديان بحد ذاتها، بل في استغلال المشاعر والأفكار والعقائد لتغذية النزاعات، مؤكدًا أنّه "في هذه الحالة، فإن إيجاد حل سياسي للصراع ليس كافيًا". وشدّد في هذا السياق على ضرورة "إزالة التدخل الديني من الصراعات السياسية واستخدام الدين كمورد للسلام، بدلاً من كونه وسيلة لتفاقم الصراع".

 

واعتبر متري أن أسباب الكثير من العنف اليوم مرتبطة بـ"تأكيد خصوصيتنا مقارنة بالآخر"، ما يخلق بُعدًا دينيًا لا يعني أنها حروب دينية. كما أوضح نائب رئيس الوزراء اللبناني أن الخلاف "ليس على العقيدة، ولا على من سيخلص"، بل يتمحور حول الأرض والمصالح والحدود والهوية. وهنا يدخل الدين "كبُعد إضافي"، يُفرض أحيانًا بشكل مصطنع.

 

 

معالجة الأسباب الجذرية

 

وبصفته وسيطًا سابقًا وممثلًا خاصًا للأمم المتحدة في ليبيا (2012–2014)، شدّد متري على ضرورة معالجة الأسباب الجذرية للصراعات لتحقيق سلام مستقر، وأهمية ربط العدالة بالحقيقة. وقال إن الحقيقة "لا تقل أهمية"، لأنها تتيح إمكان المغفرة، التي تمثل "تصحيحًا للمفهوم الضيق للعدالة".

 

واختتم بالإشارة إلى مفهوم العدالة التوزيعية والعدالة التصالحية، "عدالة عادلة، تساعد الضحية والمضطهِد على تضميد ذكرياتهما وعلى المغفرة"، مؤكّدًا أنه عندما يحدث ذلك "تهدأ الأمور ويمكن التأكد من أن النزاعات التي قسمت المجتمع لن تتكرر".