موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢١ مايو / أيار ٢٠٢٥
منح جائزة «الطريق إلى السلام» للكاردينال بييترو بارولين
في خدمة البابا من أجل عالم أكثر عدلاً

فاتيكان نيوز :

 

تسلّم الكاردينال بييترو بارولين، أمين سر دولة حاضرة الفاتيكان، الاثنين 19 أيار 2025، جائزة «الطريق إلى السلام»، التي تُمنح من قبل مؤسّسة الطريق إلى السلام التابعة لبعثة الكرسي الرسولي (الفاتيكان) في الأمم المتحدة، وذلك خلال احتفال أُقيم في مدينة نيويورك.

 

وفي خطابه، أشار الكاردينال بارولين إلى أن هذا التكريم لا يُعدّ تكريمًا شخصيًّا فحسب، بل يُجسّد روح التعاون التي تقوم عليها رسالة الكنيسة المقدسة في عالم يتوق إلى الشفاء والمصالحة. وقال: "يشرفني للغاية أن أستلم جائزة الطريق إلى السلام، وأقبلها باسم الكرسي الرسولي، لا سيما باسم أمانة سر الدولة، التي تعمل بلا كلل من أجل البابا لتعزيز السلام والعدالة في عالمنا".

 

 

تعاليم البابوات

 

وذكّر نيافته بتعاليم البابوات المتعاقبين، الذين رسموا لنا معالم طريق السلام، طريق يُسلك بالصبر والمثابرة، بالشجاعة والإبداع. وفي هذا العام 2025، الذي يشهد الذكرى الستين لزيارة القديس بولس السادس إلى الأمم المتحدة، والذكرى الثلاثين للزيارة الثانية للقديس يوحنا بولس الثاني، والعاشرة لخطاب البابا فرنسيس أمام الجمعية العامة، شدّد بارولين على أن: "كل بابا، في زمنه، أضاء مسيرة البشرية نحو عالم أكثر عدلاً وسلامًا، مقدمًا حكمة تتخطى الحدود والجغرافيات".

 

واستعرض في كلمته بعض أبرز المواقف البابويّة، مستهلاً بالقديس بولس السادس الذي قال عام 1965، بروح نبويّة، إنّ السلام الحقيقي يجب أن ينبع من "تجدد روحي وأخلاقي". وعلّق الكاردينال بارولين قائلاً: "لا تزال هذه الكلمات اليوم على قدرٍ كبير من الإلحاح، فالتقدم التكنولوجي بدون تطور أخلاقي يترك البشرية في حالة توازن مختل وخطير".

 

ثم استشهد الكاردينال بارولين بكلمات البابا يوحنا بولس الثاني عام 1979، حينما دعا البشريّة إلى مواجهة قدرتها على إحداث خير عظيم أو شرّ لا يوصف، مذكّرًا بكرامة الإنسان غير القابلة للانتهاك، والتي عايشها بنفسه تحت وطأة الشمولية والحرب، حين تحدّث عن المحرقة والحرب العالمية الثانية لا كتاريخ، بل كاختبار أخلاقي يستوجب الاستجابة الدائمة.

 

كما استعاد كلمات البابا بندكتس السادس عشر، الذي شدد في خطابه عام 2008 على "الحقائق الثابتة والعالمية" التي تستند إليها كرامة الإنسان وحقوقه، مشيراً إلى أن حماية هذه الكرامة تُعدّ "مسؤولية جماعية" تقع على عاتق المجتمع الدولي بأسره.

 

أما البابا فرنسيس، فسلط الضوء في خطابه عام 2015 على الترابط العميق بين العدالة الاجتماعية وحماية البيئة، منتقداً بشدة "ثقافة الإقصاء والهدر". واليوم، تابع بارولين، تواصل هذه التقاليد مسيرتها مع البابا لاون الرابع عشر، الذي أطلق نداءً، في أولى كلماته بعد انتخابه، من أجل سلام "أعزل، وسلام ينزع السلاح"، داعيًا إلى أن يكون السلام "قوة إيجابية" في عالم تمزقه النزاعات والانقسامات. ولفت إلى أن اسم الحبر الجديد يعكس بحد ذاته اهتمامًا عميقًا بالعقيدة الاجتماعيّة للكنيسة، في عالم تتسارع فيه وتيرة التقدم التكنولوجي الذي يهدد في بعض الأحيان كرامة الإنسان والعدالة.

 

 

اعتراف بدور الكرسي الرسولي

 

وفي ختام كلمته، شدّد الكاردينال بارولين على أن هذه الجائزة "تُعد اعترافًا بدور الكرسي الرسولي في دعم الأمم المتحدة -وإن كان أحيانًا نقديًا، وكذلك تكريمًا لجميع الذين يساندون البابا في رسالته". وأعاد التأكيد على أنَّ "طريق السلام ينبغي أن يُسلك بصبر ومثابرة، بشجاعة وخيال، وقد دلّنا البابوات على هذا الطريق".

 

وخلص قائلاً إنّ الأمم المتحدة مدعوة إلى تجديد ذاتها، لا على المستوى المؤسساتي فحسب، بل أيضًا أخلاقيًا وروحيًا، مضيفًا أن ثمار هذا الالتزام لن تُقاس بالمعاهدات أو القرارات، بل بـ"التحول في قلب الإنسان نحو عدالة أعمق، ورحمة أوسع، واحترام أصدق لكرامة كل شخص".