موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس المطران وليم الشوملي، النائب البطريركي للاتين في القدس وفلسطين، قدّاسًا احتفاليًا في كنيسة المخلّص بالعاصمة الإيطالية روما، بدعوة من سفارة دولة فلسطين لدى الكرسي الرسولي واللجنة الرئاسية العليا لشؤون الكنائس، وذلك بمناسبة الانتهاء من أعمال ترميم كنيسة المهد في بيت لحم، ومرور عشرة أعوام على إعلان قداسة الراهبتين الفلسطينيتين ماري ألفونسين غطّاس ومريم بواردي.
وحضر القدّاس عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ورئيس اللجنة الرئاسية العليا لمتابعة شؤون الكنائس في فلسطين الدكتور رمزي خوري، وسفير دولة فلسطين لدى حاضرة الفاتيكان عيسى قسيسية، إلى جانب عدد من السفراء المعتمدين لدى الكرسي الرسولي، ومسؤولين في الفاتيكان، وشخصيات مدعوّة أخرى.
في مستهل عظته، تقدّم المطران شوملي بالشكر لسفارة فلسطين لدى الكرسي الرسولي على دعوتها لترؤس هذا القدّاس والمشاركة في افتتاح معرض «بيت لحم تولد من جديد»، معربًا عن امتنانه العميق للدول التي أسهمت بسخاء في دعم ترميم كنيسة المهد، الأمر الذي أتاح لهذا الموقع المقدّس استعادة رونقه التاريخي ومواصلة إشعاعه كمنارة للإيمان والرجاء.
وأشار إلى أنّ هذا الحدث يضع الأرض المقدسة مجدّدًا في قلب اهتمام العالم، ولكن هذه المرّة ليس من باب تعداد الضحايا، ولا حجم المساعدات الإنسانية إلى غزة، ولا اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية؛ بل من بوابة بيت لحم، موطن ميلاد أمير السلام، الذي بشّرت به الملائكة بقولها: «أبشّركم بفرح عظيم: وُلد مخلّص». وذكّر بكلمات يسوع في العظة على الجبل: «طوبى لصانعي السلام، فإنّهم أبناء الله يُدعون».
وابتعد سيادته عن القراءة السياسيّة المباشرة، لافتًا إلى أنّ قداسة هذه الأرض نابعة من حفظها لذكرى أحداث الخلاص التي حققها يسوع المسيح: تعاليمه ومعجزاته، وآلامه وقيامته. وهي تضم كنيسة المهد والقيامة والبشارة، وغيرها من الأماكن المقدّسة التي يقصدها ملايين الحجاج سنويًا للصلاة وتجديد الإيمان وعيش خبرة روحيّة تغيّر الحياة.
كما استشهد بكلمات القديس البابا بولس السادس خلال زيارته التاريخية إلى بيت لحم في كانون الثاني 1964، والتي سمعها المطران شوملي حين كان في الرابعة عشرة من عمره، حين قال: «بيت لحم ليست مجرد ذكرى؛ إنها دعوة حيّة إلى التوبة والمحبة والعدالة. إنها تدعونا إلى تجاوز الانقسامات والصراعات، واعتناق سلام المسيح الذي يفوق كل فهم».
لكنّ السلام المنشود، كما قال النائب البطريركي، لا يزال بعيدًا. وأضاف سيادته: «لقد شهدنا حربًا مروّعة أعقبها وقف إطلاق نار هش. وقد ذكّرنا البابا لاون الرابع عشر والبابا فرنسيس بأنّ الحرب دائمًا هزيمة للجميع وليست نصرًا حقيقيًا أبدًا».
وأشار إلى نداء البابا لاون الرابع عشر بعد صلاة التبشير الملائكي، في 22 حزيران 2025، حين قال: «الحرب لا تحلّ المشاكل، بل تضاعفها وتترك جراحًا عميقة في تاريخ الشعوب تستغرق أجيالًا لتلتئم. لا يمكن لأيّ انتصار عسكري أن يعوّض ألم الأمهات، وخوف الأطفال، والمستقبل الذي يُدمَّر. لتُصمت الدبلوماسية صوت الأسلحة، ولتخطّط الأمم لمستقبلها بأعمال السلام لا بالعنف».
وأوضح المطران وليم شوملي أنّ هذه الأرض «مقدّسة» أيضًا لأنها احتضنت قديسين وقديسات عاشوا الإيمان والرحمة والغفران ببطولة روحيّة، من إبراهيم وموسى، إلى يوحنا المعمدان والعذراء مريم والرسل والشهداء عبر العصور.
وأضاف النائب البطريركي: «قبل عشر سنوات أعلن البابا فرنسيس قديستين فلسطينيتين. كلتاهما وُلدتا، وعاشتا، وصلّتا، ورقدتا في الأرض المقدّسة. وكلتاهما أمضتا جزءًا من حياتهما في بيت لحم. إنهما بالنسبة لنا قدوة في الإيمان والمحبة، وشفيعتان قويتان نلتمس صلاتهما من أجل السلام وجميع سكان الأرض المقدّسة: يهودًا ومسلمين ومسيحيين».
وختم المطران شوملي عظته بالقول: «نؤمن إيمانًا راسخًا بأنّ صلواتنا تصل إلى قلب الله، وتساعد إخوتنا وأخواتنا المتألّمين في هذه الأرض على إيجاد طريق العدالة والمصالحة والسلام. فالسلام ممكن؛ ففي الأرض المقدسة مساحة تكفي لشعبين ليعيشا جنبًا إلى جنب، كلٌّ في دولته، بتناغم وتعاون كاملين، مع ضمان حرية الوصول إلى الأماكن المقدّسة»، مقتبسًا من كلمات البابا بيوس الثاني عشر: «لا شيء يُخسر مع السلام، وكل شيء قد يُخسر مع الحرب».