موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
التقى ماهر نيقولا قنواتي، رئيس بلدية بيت لحم المُعيّن حديثًا، بالبابا لاون الرابع عشر صباح الأربعاء 24 أيلول 2025، بعد المقابلة العامة في ساحة القديس بطرس، حيث حمل معه هموم شعبه ونداءً من أجل السلام والأمل في الأرض المقدسة.
وقال قنواتي في حديث لموقع فاتيكان نيوز: "في الحقيقة، أول رسالة كتبتها عندما أصبحت رئيسًا لبلدية بيت لحم كانت رسالة إلى البابا، لأننا نؤمن أنّه من هنا يمكننا أن نفعل الكثير وأن ندعم شعبنا. والأهم من ذلك هو أن نمنحهم الرجاء".
وأوضح أنّ الهجرة ما تزال تستنزف بيت لحم وسائر المدن الفلسطينية، وتُفرغ الأرض المقدسة من حضورها المسيحي. وأضاف: "الناس يغادرون بيت لحم، يغادرون فلسطين بسبب ما يحدث وما يجري"، مشيرًا إلى أن المستوطنات المحيطة ببيت لحم باتت تضاهي في عدد سكانها سكان المدينة نفسها، مما يُشكّل ضغطًا كبيرًا على الموارد الشحيحة أصلاً.
قال رئيس البلدية، الذي عُيّن في أيار الماضي، إن البابا لاون الرابع عشر استجاب لطلبه بعقد لقاء شخصي معه. وأضاف: "سررت وأنا أشرح للبابا مدى أهمية التدخل في ما يحدث في فلسطين، في غزة، في بيت لحم، والحفاظ على الحجارة الحيّة في الأرض المقدسة، لأن الأرض المقدسة من دون حجارتها الحية ليست سوى متحف".
وعن لقائه مع الحبر الأعظم، تابع: "دائمًا، قبل أن أتحدث عن بيت لحم، أصلّي أولاً. وكانت جملتي الأولى للبابا هي التدخل لوقف هذه الحرب، ووقف ما يحدث لشعبنا في غزة. وأعتقد أنّ هذه هي الأولوية القصوى التي تحدّثنا عنها، وقد وافقني الرأي".
رسم قنواتي صورة قاتمة عن الحياة في المدينة اليوم، قائلاً: "كانت مساحة بيت لحم 37 كم². أما الآن، وبعد الضمّ والمستوطنات والجدار العازل الذي فصل بيت لحم عن شقيقتها وقلبها –القدس- للمرة الأولى في التاريخ، فإنّ ذلك يعني أننا نواجه الكثير من المشاكل كأبناء بيت لحم".
وجدّد التأكيد على قلقه من تراجع أعداد المسيحيين الفلسطينيين في الأراضي الفلسطينية: "عدد المسيحيين الفلسطينيين في الأرض المقدسة اليوم لا يتجاوز 168 ألفًا، بينما هناك أكثر من 4 ملايين مسيحي فلسطيني يعيشون في الشتات. وهذا بحد ذاته يُظهر حجم الضغط الواقع على المسيحيين".
وأوضح قنواتي، وهو مسيحي، أن القانون يشترط أن يكون رئيس بلدية بيت لحم مسيحيًا، وهو بندٌ يحافظ عليه القادة الفلسطينيون "لأنهم يريدون الحفاظ على المجتمع المسيحي، أقدم جماعة مسيحية في العالم، تعيش في بيت لحم، في الأرض المقدسة، في فلسطين".
ومع ذلك، ما يزال كثيرون يغادرون. وقال رئيس البلدية بأسى: "يمزق قلبي أن يغادر أي شخص بيت لحم"، مشيرًا إلى أنّه في العام الماضي وحده حصل أكثر من ألف مسيحي على الموافقة "للهجرة إلى كندا والولايات المتحدة ودول أخرى".
تعرّض اقتصاد بيت لحم، القائم على الحج والضيافة، لانهيار كامل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر 2023.
وقال قنواتي: "بعد 7 أكتوبر، شهدنا تراجعًا حادًا وصل إلى 0%. جميع الفنادق، وعددها 84 فندقًا، أُغلقت بالكامل. كذلك أُغلقت محال بيع التذكارات، وورشات إنتاج المشغولات الخشبية الجميلة من خشب الزيتون، وأعمال الصدف والمجوهرات. أغلقت جميعها بالكامل".
ووصف البطالة بأنها بلغت مستويات كارثية: "قفز معدل البطالة من 14% إلى 65%. وكما تعلمون، يُمنع الناس من الوصول إلى العمل داخل المناطق الإسرائيلية". وأضاف أنّ أكثر من 120 ألفًا من أبناء بيت لحم كانوا يعملون خارج المدينة، "بعضهم كانت عليه قروض، والآن لا يملكون حتى ما يضعونه من خبز على موائدهم".
تفاقم ندرة المياه وتقييد الحركة الوضع الخانق الذي يعيشه الناس. وأوضح قنواتي أنّ المياه تخضع للتقنين، إذ يُمنع الفلسطينيون في بيت لحم من حفر الآبار واستخراج مياههم: "نحن نشتري مياهنا من الإسرائيليين، وهم لا يبيعوننا سوى خُمس ما يحتاجه الشخص يوميًا".
وأضاف بأسى: "بعض المناطق في بيت لحم لا يصلها الماء لمدة 50 أو 60 يومًا". وأشار إلى أنّ أكثر من 134 حاجزًا ونقطة تفتيش -حتى داخل المدينة نفسها- تعيق الحركة، وتحرم الناس ليس فقط من حريتهم، بل ومن وسائل إعالة أسرهم وبناء مستقبلهم.
وأكد قنواتي أن موجة التضامن التي لمسها مؤخرًا في إيطاليا ودول أخرى تُحدث فرقًا ملموسًا: "أعتقد أن هذا يمنح الناس مزيدًا من الرجاء، بأن هناك من يهتم بنا ولم ينسونا". وأشار إلى دعم البطريركية اللاتينية والإكليروس المحلي باعتباره "أفضل رجاء لنا الآن في بيت لحم".
أما عن كيفية مساعدة المجتمع الدولي، فقد ناشد رئيس بلدية بيت لحم بدعم المؤسسات المحلية: "لدعم الناس حتى لا يغادروا. وهذا هو الأمر الأهم الذي نحاول القيام به الآن".