موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٢ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢٥
بطاركة ورؤساء كنائس القدس يوجهون رسالة الميلاد 2025

أبونا :

 

في هذه الأزمنة المتواصلة من الشدة والاضطراب التي تجتاز منطقتنا، فإننا نحن، البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، نجدد بثبات راسخ اعلان رسالة الرجاء التي أعلنت في تجسد سيدنا المسيح وميلاده المقدس في بيت لحم قبل اكثر من ألفي عام، ونؤكدها لشعوبنا ولمؤمني العالم اجمع.

 

في أزمنة مماثلة في قسوتها، ظهر ملاك الرب فجأة لرعاة تلك النواحي، داعيًا إياهم إلى طرح مخاوفهم جانبًا، وقال لهم: "لا تخافوا، فها انا أبشركم بفرح عظيم يعم الشعب كله، فقد ولد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لوقا 2: 10).

 

وعند الركوع أمام المذود في تلك المغارة المقدسة، عايَن الرعاة لأول مرة هدية المحبة من الله. هناك أبصروا «عمانوئيل»، أي «الله معنا» (متى 1: 23؛ إشعياء 7: 14)، المخلص الإلهي الذي «اخلى نفسه، آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس» (فيلبي 7:2).

 

وبفيض رحمته بنا، شاء الله القدير أن يتخذ لحمنا ودمنا، فيحيا بيننا ويشارك في آلامنا، ثم يكرز برسالة التوبة وخلاص الله لجميع البشر، ويخدم المسحوقين والمتألمين، قبل أن يبذل نفسه اخيرا عنا، لكي نقام معه الى حياة جديدة ملؤها الايمان بمحبة الله (رومية 4:6؛ افسس 6:2).

 

وإذ نفرح هذا العام لأن وقف لاطلاق النار أتاح لكثير من رعايانا أن يحتفلوا بأفراح الميلاد على نحو اوسع، فإننا في الوقت نفسه نستحضر تحذير النبي ارميا ممن يقولون: «سلام سلام، ولا سلام» (ارميا 14:6). فنحن ندرك تمامًا أنه، رغم الإعلان عن وقف الأعمال العدائية، ما زال المدنيون يُقتلون أو يُصابون بإصابات جسيمة، وأن عددًا أكبر قد تعرّض لاعتراضات عنيفة طالت أشخاصهم، وممتلكاتهم، وحرياتهم، لا في الارض المقدسة وحدها، بل في البلدان المجاورة أيضًا.

 

إننا نحن البطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، واذ نقتدي بمثال ربنا في تجسده، نواصل الوقوف بصدق إلى جانب جميع المتألمين والمنكسر القلوب، وندعو المسيحيين وسائر أصحاب الارادة الصالحة في العالم إلى المثابرة في الصلاة والعمل من أجل سلام حقيقي وعادل في وطن ميلاد ربنا، وفي أرجاء المسكونة كلها.

 

ولمن يرزحون تحت هذه المحن، نستذكر ما جاء في الرسالة إلى العبرانيين عن ثبات كثيرين من المؤمنين عبر العصور في إيمانهم وسط شدائد قاسية (عبرانيين 11)، وكيف أن المسيح نفسه هو ينبوع عبادتنا واخلاصنا لله (عبرانيين 12: 1-2). لذلك نشجعكم على التطلع اليه كمصدر لقوتكم الروحية، فيما يسعى جسد المسيح الواحد إلى تخفيف آلامكم، وتعزيز عزيمتكم على الثبات في عمل الرب.

 

وبهذ المشاعر، نتقدم بتهانينا الميلادية إلى رعايانا وإلى المسيحيين في العالم أجمع، متمنين لكم ولأحبابكم الفرح والسلام اللذين ينبعان من لقاء محبة الله اللامحدودة، التي تجلت بأبهى صورها في ميلاد ربنا يسوع المسيح في بيت لحم.