موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٤ مايو / أيار ٢٠٢٤
المطران جمال دعيبس يكتب من جيبوتي: من يدحرج لنا الحجر عن باب القبر؟
المطران جمال دعيبس، رئيس أبرشيّة جيبوتي

المطران جمال دعيبس، رئيس أبرشيّة جيبوتي

المطران جمال دعيبس :

 

من يدحرج الحجر؟ سألت النسوة. فخلف الحجر جسد المعلم، نريد ان نزوره وان نطيب جسده. لم تسنح لنا الفرصة عند موته، فقد أسرعوا في دفنه بحجة العيد، ويريدون ان يخفوه عنا. من يدحرج الحجر؟ فخلف الحجر ظلام وموت، وانسان عزيز نريد ان نودعه.

 

ونحن مع النسوة نقول: من يدحرج لنا الحجر؟ ليدخل النور الى ظلمة القبر، او ليخرج النور منه. من يزيل الحجر عن قلوبنا، فقلوبنا مثقلة، يملأها الموت والظلمة. قلوب البشر أضحت أكثر ظلمة من القبور المقفلة. من يزيل هذا الظلام وهذه الظلمة وهذا الظلم؟ قلوبنا مثقلة بالهموم والالم والخوف. فمن يرسل شعاع نور ليضيء ما فيها من ظلمة؟ نصارع لكيلا يدخل الحقد والضغينة فيها. فهذه كلها ظلمة.

 

هناك من يقول لنا: "لما تتعبون أنفسكم؟ فالموت لا عودة عنه، وهو نهاية الطريق". وانا لا اريد ان اتقبل او ان اصدق. احتفظ بلحظة الصدمة الأولى، ان لا اصدق ان ما حدث قد حدث. يطالبوني بالتعامل مع الواقع الجديد، ان اتعايش معه. فكيف اتعايش مع الظلام؟ عيناي خلقتا للنور لا للظلام، وقلبي خلق للحياة لا للموت. في حسابات البشر، هكذا كانت الحياة، منذ قائين وهابيل، وستبقى، فلم نتعب أنفسنا وننتظر المستحيل؟ وأنا مصر على انتظار ان تتغلب الحياة على الموت، والعدل على الظلم، والمحبة على الكراهية، والاخوة على العداوة. فمن على حق؟ انا أم هم؟

 

في فجر الاحد، دحرج الحجر عن باب القبر، ولم يدخل النور الى القبر، بل أشرق القبر بالنور وملأ الدنيا بهذا النور. قال الله: ليكن نور، فكان نور! وفيه كانت الحياة، والحياة نور الناس. النور يشرق في الظلمات، ولا تقدر الظلمات على إطفاء النور المشرق (يو 1، 4-5). نعم، الهنا هو إله المستحيل، إله الحياة، الحياة التي اخذت جسداً وسكنت بيننا. نعم، الهنا قادر على ان يدحرج لنا الحجر، فهل نبقى في الخارج متفرجين؟ ام ننكر قيامته وندّعي ان "تلاميذه سرقوا الجثمان" لترسيخ اليأس في قلوب السامعين.

 

سيزال الحجر عن القبر، والغم عن قلوبنا، والحقد من قلوبنا. وستنتصر الحياة. وإذا لم نقم نحن معه، بقينا في قبورنا وفي ظلمتنا. فننفض عنا غبار اليأس والسوداوية، ولنصرخ مع من وطئ الموت بالموت: قام المسيح، هللويا.