موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قال المطران جاك مراد، رئيس أبرشية حمص وحماة والنبك للسريان الكاثوليك، إنّ نهاية المسيحية في سوريا ستكون خسارة كبيرة، لأن "الكنيسة تذكّر الجميع بأخلاقيات العدالة وكرامة الإنسان كقيمة عليا"، محذّرًا من أن الكنيسة في سوريا "تحتضر".
وخلال مشاركته في مؤتمر عرض تقرير "الحرية الدينية في العالم 2025"، الذي نظمته المؤسّسة البابوية "المساعدة للكنيسة المحتاجة"، في معهد الآباء الأوغسطينيين بالعاصمة الإيطالية روما، أشار المطران مراد إلى أنّ الكنيسة في سوريا تواجه وضعًا سياسيًا وقانونيًا لا يُطاق ولا يمكن تحمله، حيث يغادر المسيحيون البلاد بحثًا عن ظروف معيشية أفضل في الخارج.
وتجنب الأسقف، وهو عضو في مجتمع رهباني ملتزم بتعزيز الأخوّة بين المسيحيين والمسلمين، والذي اختطفه داعش عام 2015، الحديث عن المحن التي مرّ بها على يد عناصر التنظيم المتطرّف، مفضّلًا الإشارة إلى المسلمين الذين ساعدوه على الهرب من الأسر. وأعرب بصوت هادئ، وبكلمات واضحة، عن أمله في أن "يرجع رفع أصواتنا في هذه اللحظة بالنفع على بلدنا".
وقال: "لم تتمكن أي من جهود الكنيسة الجامعة أو الكنيسة المحلية في وقف موجة الهجرة، لأن الأسباب ليست متعلقة بالكنيسة، بل بالحالة السياسية والاقتصادية الكارثية للبلاد. لا يمكن وقف موجة الهجرة دون إرساء نموذج حكم سياسي واضح المعالم في سوريا ونظام أمني متين".
وفي أواخر 2024، أُطيح بنظام الأسد الذي حكم سوريا لفترة طويلة، على يد مجموعة من الجهاديين بقيادة أحمد الشرع، الذي أصبح الآن رئيسًا مؤقتًا للبلاد، وقد صرّح بأنه نبذ ارتباطاته السابقة وسعى لطمأنة المكوّنات الدينية في البلاد. لكن المرحلة الانتقالية اتسمت بالعنف.
وقال المطران مراد في المؤتمر: "لا يزال الشعب في سوريا يعاني من العنف والانتقام والأحداث المأساوية المؤسفة التي تقوّض كل المطالبات الدولية والمطالب الشعبية لوضع حد لهذه المذبحة". وأضاف: "نحن نصبح أكثر فأكثر مثل أفغانستان. لم نصل بعد إلى هذا المستوى من العنف، لكننا لسنا بعيدين عنه. يتعرّض الناس لضغوط شديدة. لا تظنوا أننا نتجه نحو مزيد من الحرية، سواء كانت دينية أم غير ذلك".
وأصدر الأسقف "نداءً إلى جميع ذوي النزاهة… لاتخاذ التدابير اللازمة لوضع حدٍّ للعنف وإيجاد سبل لإنهاء مظالم الماضي والحاضر"، موضحًا أن "غياب العدالة هو نتيجة للستين عامًا الماضية، التي رسّخت انقسامًا كبيرًا بين الدولة والشعب".
وأضاف: "الشعب لا يثق بالحكومة المحلية أو بالمجتمع الدولي. نحن لا نثق إلا بالله".
وأعرب المطران مراد عن قلقه إزاء احتمال إبرام معاهدة سلام مع إسرائيل قد تتضمن التنازل عن هضبة الجولان المتنازع عليها، والتي يعتقد أنها "ستحرم سكان دمشق من مصادر المياه وتستعبدهم… أين قيم حقوق الإنسان التي ينبغي أن تضمن عدالة القرارات لكلا الطرفين؟".
واقترح سيادته "أن يتبنى المجتمع الدولي موقفًا واضحًا بشأن ما يحدث في سوريا"، وأن "تتعاون جميع المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية العاملة في سوريا مع الهيئات الثقافية والمدارس والجامعات والمعاهد لتجاوز الخوف المتجذّر في المجتمع، وتنظيم دورات تدريبية حول دور التشريع في إرساء العدالة واستقلال القضاء".
على الصعيد المحلي، أوضح المطران مراد أنّ الكنيسة في حلب تُنظم "منتديات لتدريب الناس على القيام بدور سياسي عند توفر الفرصة، وبالتالي المساهمة في ضمان الانتقال من نظام سلطوي أحادي القطب إلى نظام ديمقراطي". وشدد على أن الكنيسة تحتفظ بحقها في القيام بذلك "في بلد غني بالتاريخ والحضارة والقيم الإنسانية"، لكنه أقرّ بأن الكاثوليك حاليًا "يشعرون كغرباء في وطنهم، وهو أمر غير مقبول".
واختتم المطران جاك مراد كلمته قائلاً: "نحن ممتنون لكم أيها الأصدقاء الأعزاء والداعمون في مؤسسة عون الكنيسة المحتاجة، لأنكم تجعلون من الممكن تخفيف معاناة المسيحيين المحتاجين والمضطهدين في سوريا وفي جميع أنحاء العالم".