موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
تشهد مدينة القامشلي، شمال شرق سوريا، بركة إيمانية استثنائية مع انطلاق التحضيرات الرسمية للاحتفال بالذكرى المئوية الأولى لتشييد كاتدرائية مار يعقوب النصيبيني وتأسيس أول رعية سريانية فيها، ببركة بطريرك السريان الأرثوذكس مار إغناطيوس أفرام الثاني، وبرعاية أسقف الجزيرة والفرات المطران مار موريس عمسيح، وبإشراف المجلس الملي للسريان الأرثوذكس.
ويأتي هذا الحدث بالتزامن مع معجزة نضوح الزيت المقدس من الكاتدرائية، حيث تم اعتماد شعار المئوية: «مئة عام ممجدة بالإيمان». ومن المقرّر أن تستمر الاحتفالات على مدار ثلاثة أيام، من 19 ولغاية 21 أيلول، وتُختتم بقداس إلهي احتفالي كبير بمشاركة رؤساء وكهنة الكنائس في الجزيرة.
وأكد الأب آحو إبراهيم، كاهن الرعيّة المُشرف روحيًّا على الاحتفالات، لموقع أبونا، أنّ هذا الحدث يشكّل محطة روحية عميقة في حياة أبناء الكنيسة، قائلاً: "أنا وأبناء رعيتي الأحباء نقف عند مذبح الرب ونحن نحتفل بمئة عام من عمر هذه الكنيسة التي رفعت الصلوات وقدمت التضحيات من أجل رسالة السيد المسيح. أشعر اليوم بامتنان كبير، إذ إننا لا نحتفل فقط بذكرى زمنية، بل بشهادة حية لمسيرة شعب عاش حضور الله في كل الأوقات الحلوة والصعبة وقدّم شهادة صادقة عن إيمانه".
ولفت الأب إبراهيم إلى أنّ المئوية ليست مجرد ذكرى، بل دعوة إلى التأمل في غنى الإيمان الذي ورثناه جيلاً بعد جيل، ثمرة تعب الأجداد والآباء والكهنة الذين خدموا هذه الرعية، مشددًا على أنّ الاحتفال يهدف إلى إحياء ثلاث محطات أساسية: التجذّر بالإيمان وشهادة الأجداد، تعزيز روح العطاء لتكون الكنيسة معطاءة تحمل رسالة المسيح، واستمرار المسيرة في الحاضر والمستقبل من خلال قراءة علامات الأزمنة وتجديد الهياكل الرعوية وتعزيز دور العلمانيين". وختم بالقول: "إذا تمكّنا من عيش هذه المحطات، سننطلق نحو كنيسة متجددة في جوهرها ورسالتها تستقبل الجميع بالمحبة والرجاء".
من جانبه، أوضح السيد سمير شمعون، المنسق العام للجنة تحضير المئوية، أنّ العمل على هذا المشروع الكبير تطلّب جهدًا جماعيًا وروح شباب مفعمة بالحماس، مضيفًا: "ما ميّز هذا الفريق هو الغيرة الصادقة التي دفعتهم ليقدّموا أفضل ما لديهم، ورغم الصعوبات الكثيرة، كان الإيمان والدافع للاستمرار أقوى من كل العقبات".
وشدّد على أنّ التحضير للمئوية كان ثمرة تعاون بين ذوي الخبرة والشباب، وبأجواء إيجابية أضفاها الأب آحو على الفريق، مما ساعد في تنظيم المهام وتوزيعها بدقة واحترافية. وأكد أنّ الهدف كان جعل الاحتفال حدثًا استثنائيًا لا يخص فقط كنيسة مار يعقوب النصيبيني أو السريان الأرثوذكس، بل جميع المسيحيين في القامشلي والجزيرة، كدليل على الحضور وتجذّر الهوية المسيحية في المدينة.
وأشار شمعون إلى أنّ برنامج الاحتفال سيجمع بين الروحانية والبعد الكنسي من جهة، وحيوية الشباب وجمال الألحان السريانية من جهة أخرى، بمشاركة الفوج الكشفي الرابع للسريان الأرثوذكس، وجوقات من كنائس عدّة مثل الكلدان والأرمن الأرثوذكس. كما سيتضمن معرضًا يوثّق تاريخ الكنيسة وأبرز الشخصيات التي أسهمت في نهضتها، إلى جانب فيديوهات توثيقية يشارك فيها عدد من المطارنة والكهنة.
وختم بالإشارة إلى أنّ اليوم الختامي سيشهد قداسًا إلهيًا مهيبًا بمشاركة جميع الكنائس المسيحية في الجزيرة، يتخلله توزيع الزيت المقدس الذي فاض من الكاتدرائية، معربًا عن أسفه لعدم تمكن بعض الجوقات من خارج المحافظة من الحضور بسبب الظروف الراهنة.