موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قام البابا لاون الرابع عشر، الثلاثاء 14 تشرين الأول، بزيارة رئيس الجمهورية الإيطالية سيرجو ماتاريلا تلبية لدعوة من الأخير، حيث أشاد في كلمته بعلاقات التعاون الوثيقة بين الدولة الإيطالية والكرسي الرسولي لخدمة الخير العام، مؤكدًا على أهمية دعم السلام والعدالة وحماية حقوق الإنسان.
وفي كلمته خلال اللقاء، شكر الأب الأقدس الرئيس على كلمة الترحيب وعلى الدعوة الرسمية، مشيرًا إلى الرباط القوي الذي يجمع بين السدة البطرسية والشعب الإيطالي في إطار العلاقات الثنائية الودية بين إيطاليا والكرسي الرسولي، والتي تتسم بالصداقة الصادقة والتعاون المتبادل الفعلي. وأوضح أن هذه العلاقة تعود بجذورها إلى تاريخ شبه جزيرة إيطاليا وتقاليدها الدينية والثقافية الطويلة.
ونقل البابا لاون شكر الكرسي الرسولي على ما قامت وتواصل القيام به السلطات الإيطالية خلال الأحداث الكنسية العديدة التي تكون مركزها في روما وتلقى صدى عالميًا، موجهًا الشكر بشكل خاص على الجهود التي بُذلت أثناء وفاة سلفه البابا فرنسيس، كما أشاد باستقبال وتنظيم الاحتفالات الخاصة بالسنة اليوبيلية.
كما تطرّق إلى اتفاقات اللاتيران بين إيطاليا والكرسي الرسولي، والتي ستحتفل بعد سنوات قليلة بمئويتها، مؤكدًا على أهمية تعاون الكنيسة الكاثوليكية والدولة الإيطالية لصالح الخير العام وخدمة الشخص البشري، مع التأكيد أن كرامة الإنسان التي لا يمكن المساس بها يجب أن تكون محور كل المسيرات الكنسية وكل الجهود التنموية والاجتماعية، لا سيّما في حماية الفئات الأكثر ضعفًا وعوزًا.
وفي حديثه عن التحديات الراهنة، أكد البابا أن الإنسانية تعيش زمنًا يشهد، إلى جانب علامات الرجاء، معاناة كبيرة تتطلب إجابات عاجلة وبُعد نظر. وشدّد على أن الالتزام الأول يجب أن يكون من أجل السلام، مشيرًا إلى الحروب العديدة التي تدمر كوكبنا. وأضاف أن الاطلاع على الأخبار ولقاء المتضررين يعيد إلى الأذهان صدى كلمات أسلافه مثل البابا بندكتس الخامس عشر سنة 1917 والبابا بولس السادس سنة 1939، وكلمات البابا يوحنا الثالث والعشرون في رسالته العامة "السلام في الأرض".
وجدّد الأب الأقدس نداءه الحار لمواصلة العمل من أجل إحلال السلام في العالم، وتعزيز العدالة والمساواة والتعاون بين الشعوب، مستندًا إلى رسالة البابا بولس السادس لمناسبة يوم السلام 1968. كما أعرب عن تقديره لجهود الحكومة الإيطالية في مواجهة آثار الحرب والفقر، مذكّرًا بشكل خاص بـمساعدة أطفال غزة بالتعاون مع مستشفى الطفل يسوع في روما، مشددًا على الحاجة إلى حلول مشتركة أمام تحديات زمننا المركّبة.
وأشار البابا أيضًا إلى الاحتفال المرتقب في السنة القادمة بالمئوية الثامنة لوفاة القديس فرنسيس الأسيزي، شفيع إيطاليا، مؤكدًا أن العناية بالبيت المشترك قضية عاجلة، ومشيرًا إلى الرسالة العامة كن مُسبَّحًا للبابا فرنسيس كمرجع أساسي.
وتوقّف الأب الأقدس عند تراجع أعداد المواليد، مؤكدًا أن هذه الظاهرة تتطلب اختيارات واضحة لصالح العائلة، ودعم جهودها، وتعزيز قيمها، وتلبية احتياجاتها وحماية حقوقها. وأضاف أن توفير الدعم الضروري للعائلات يجب أن يكون قائمًا على عمل كريم، وفي مساواة واحترام لاحتياجات الأمهات والآباء، داعيًا إلى بذل كل جهد ممكن لدعم العائلات، وخصوصًا العائلات الشابة، كي تتمكن من النظر إلى المستقبل بصفاء والنمو في تناغم. كما شدّد على ضرورة احترام الحياة وحمايتها في جميع مراحلها.
وشكر البابا إيطاليا على مساعدتها بسخاء للمهاجرين، وعلى جهودها في مكافحة الاتجار بالبشر، داعيًا إلى الحفاظ على الانفتاح والتضامن، ودمج المهاجرين ضمن قيم وتقاليد المجتمع الإيطالي لضمان تبادل العطاء بين الشعوب بما يخدم الجميع.
وأشار إلى أهمية حب كل شخص لتاريخه وثقافته، ما يسهل لقاء الآخر ودمجه بلا خوف وبقلب منفتح، وحذر من التوجه المعاصر إلى التقليل من قيمة النماذج والقيم التي تشكلت عبر القرون والتي تميز هويتنا الثقافية، محذرًا من ازدراء ما تركه آباؤنا وما نقلوه إلينا من تضحيات كبيرة. وذكّر بكلمات البابا بندكتس السادس عشر سنة 2005 عشية انتخابه خليفة للقديس بطرس، حول مخاطر الانجذاب إلى نماذج تشجع حرية ظاهرية فقط بينما تجعل الأفراد تابعين لأشكال من الرقابة مثل موضة الساعة أو الاستراتيجيات التجارية.