موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قبل تلاوة صلاة التبشير الملائكي، اليوم الأحد 24 آب 2025، توقّف البابا لاون الرابع عشر عند إنجيل هذا الأحد (لوقا 13، 22-30)، متأملًا في دعوة يسوع لنا جميعًا إلى المرور عبر "الباب الضيّق"، أي أن نحيا إيمانًا حقيقيًا يتجسّد في الأقوال والأفعال.
وخلال كلمته أمام المؤمنين المحتشدين في ساحة القديس بطرس، أشار البابا إلى صورة "الباب الضيّق" التي استخدمها يسوع ليجيب على رجل سأله هل الذين يخلصون هم قليلون: "اجتهدوا أن تدخلوا من الباب الضيّق، فإنّي أقول لكم: إن كثيرًا من الناس سيُحاولون الدخول فلا يستطيعون".
وقال إن هذه الصورة قد تُثير فينا بعض التساؤلات: إن كان الله أبانا وهو إله المحبّة والرحمة، الذي يُبقي ذراعيه دائمًا مفتوحتين لاستقبالنا، فلماذا يقول يسوع إنّ باب الخلاص ضيّق؟. وأوضح أن يسوع لا يريدنا أن نيأس، بل يهدف كلامه قبل كلّ شيء إلى زعزعة غرور الذين يظنّون أنّهم مخلَّصون، لأنّهم يتمِّمون الممارسات الدّينيّة الخارجيّة، ويعتبرون أنفسهم لذلك أنّهم على الطريق المستقيم.
وأضاف: لم يفهم هؤلاء أنّ الممارسات الدينيّة وحدها لا تكفي إن لم يتغيّر القلب: فالرب يسوع لا يُريد عبادة منفصلة عن الحياة، ولا يرضى بتقدمات وصلوات إن لم تَقُدْنا إلى أن نعيش المحبّة تجاه الإخوة وإلى أن نمارس العدل. لذلك، عندما يمثُلون أمام الرب ويتباهون بأنّهم أكلوا وشربوا معه وأصغوا إلى تعاليمه، سيسمعون جوابه: "لا أعرف من أين أنتم. إليكم عنّي يا فاعلي السوء جميعًا!".
إنّ إنجيل هذا الأحد يحمل رسالة جميلة وإن كانت صعبة: "قد يحصل لنا أحيانًا أن نحكم على من هم بعيدون عن الإيمان، ويسوع هنا يهزّ ”أمان المؤمنين“. فلا يكفي أن نعلن إيماننا بالكلام، وأن نأكل ونشرب معه حين نحتفل بالإفخارستيا، أو أن نعرف التّعاليم المسيحيّة جيّدًا".
الإيمان يكون حقيقيًا عندما يشمل حياتنا كلّها: "يصير دليلًا لخياراتنا، ويجعلنا رجالًا ونساء ملتزمين بالخير، ونسير في مجازفة المحبّة كما صنع يسوع، فهو لم يختر الطريق السّهل، طريق النجاح أو السلطة، ليخلّصنا، بل أحبّنا حتّى اجتاز ”باب الصّليب الضيّق“. يسوع هو مقياس إيماننا، وهو الباب الذي يجب أن نعبره لنخلص، فنعيش بمِثلِ محبّته نفسها، ونصير بحياتنا صانعي عدلٍ وسلام".
وأضاف: "هذا يعني أن نتّخذ، أحيانًا، خيارات صعبة وغير شعبيّة، وأن نحارب أنانيّتنا، ونبذل أنفسنا في سبيل الآخرين، ونثابر في عمل الخير حيث يبدو أن منطق الشرّ هو السائد، وإلى آخره. عندما نتجاوز هذه العتبة، سنكتشف أنّ الحياة تفتح أبوابها أمامنا بطريقة جديدة، وأنّنا منذ الآن ندخل في قلب الله الواسع وفي فرح العيد الأبديّ الذي أعدّه لنا".