موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ١٦ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
الأب جبرائيل رومانيلي: المسيحيون في غزة يحلمون بسلام عادل

أبونا :

 

أمام حالة الدمار التي تعيشها غزّة، وأمام عِظَم الألم الذي يعانيه سكّانها، وكذلك حجم العمل والمسؤولية التي تنتظرهم، سيُظهر المسيحيّون ردّهم بتحمّل مسؤولية إعادة الإعمار والعناية بالإنسان. يتأمل الأب جبرائيل رومانيلّي، كاهن رعيّة العائلة المقدّسة في مدينة غزّة، لموقع فاتيكان نيوز، في الرجاء بأن يتحقّق الآن سلامٌ عادل للجميع، "على جانبي الجدار".

 

 

الأب رومانيلّي، ما هو الوضع النفسي الحالي لأبناء رعيتكم؟

 

كان هناك خوف من أن تكون هذه الخطوة هي الأولى، ولكن أيضًا الأخيرة في مسار عملية السلام، ولن تكون هذه المرة الأولى التي تبدأ فيها عملية وتنتهي قبل أن تثمر. لكن يبدو الآن حقًا أن هذه الحرب قد انتهت، وأن شيئًا جديدًا بدأ.

 

ورغم لحظة الهدوء والفرح هذه، لا يمكننا أن ننسى أن غزّة مدمَّرة بالكامل. كثيرون ممن لجأوا إلى رعيّتنا لم تعد لديهم منازل، وبعضها دُمّر خلال الأسبوعين الأخيرين من الحرب. في اليوم الأخير من أعمال العنف، سُوّيت أحياء كاملة بالأرض، وفقد الناس كل شيء - ممتلكاتهم وذكرياتهم.

 

المدارس، والجامعات، والمستشفيات، وجميع المرافق الأساسية مفقودة اليوم تمامًا. هناك خوف، نعم، لكن في الوقت نفسه نعود إلى العمل، ونسأل أنفسنا: ماذا يمكننا أن نفعل من أجل خير الناس؟ كيف نواصل مساعدة الفقراء؟ وبفضل بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، والعديد من الجمعيات، قدّمت كنيسة العائلة المقدّسة الصغيرة المساعدة -وستواصل تقديمها- لآلاف العائلات في غزّة.

 

هل بدأتم بالتخطيط لما ستفعلونه في المسقبل؟

 

لقد قمنا بالكثير، ونريد أن نواصل على هذا النهج، لكن هناك حاجة إلى تغييرات جوهرية. كان لدينا ثلاث مدارس، ونأمل أن نتمكن من إعادة فتحها، لكن اثنتين منها تعرّضتا للقصف، وقد امتلأتا بالنازحين. أما المدرسة المجاورة للكنيسة، فهي أيضًا مأوى للنازحين المسيحيين.

 

قبل الحرب، كان في مدارسنا نحو 2250 تلميذًا، غالبيتهم من المسلمين، و10٪ منهم من المسيحيين. ولكن اليوم، أين يمكننا أن نضع هؤلاء الأطفال؟ جميع المدارس تحوّلت إلى مراكز لإيواء النازحين. ثم كيف يمكننا إعادة تنظيم الحياة الاجتماعية؟ فالحطام في كل مكان، وأنظمة الصرف الصحي مدمّرة، ولا توجد مياه صالحة للشرب ولا كهرباء، والاحتياجات الأساسية مفقودة.

 

علينا أن نمضي بهدوء، وأن نواصل الصلاة كما فعلنا دائمًا - عبر السجود اليومي للقربان الأقدس، والاحتفال بالقداديس، وتلاوة المسبحة الوردية. من الضروري أن يكون هناك كل يوم وقت مخصص للقاء الأطفال والشباب وحتى الكبار. لأن الحياة الروحية هي أساس قوّتنا للاستمرار في خدمة هذا العدد الهائل من الفقراء، وكذلك المسنين وذوي الإعاقة.

في شرم الشيخ، طُرحت تصوّرات حول مستقبل دولة فلسطين. أنتم تستمدّون دعمكم من الإيمان - فهل هذا هو حال الجميع؟ وكيف يمكن توجيه الخوف والغضب نحو ما هو بنّاء؟

 

لحسن الحظ، يمكنني القول إن مسيحيي الشرق هم مثال لنا جميعًا. فهم يدركون أن الحرب هي من صنع البشر، لا من صنع الله. ويعرفون أن في الله تكمن القوة والسلام والنعمة التي تمكّننا من مواصلة حياتنا الروحية وخدمة الجميع. وما يلمس القلب حقًا هو أنني لم أسمع يومًا مسيحيًا يعبّر عن رغبة في الانتقام أو الثأر.

 

وبشكل عام، يمكن القول إن شعوب الشرق الأوسط مؤمنة بالله. ورغم أن بعض المواقف ستتغيّر بلا شك بسبب الحرب، إلا أن معظم سكان غزة، كما في إسرائيل والضفة الغربية حيث الأوضاع مأساوية، سئموا من الحرب فعلًا. الجميع يتمنّى أن تنتهي. ولهذا نأمل أن تكون هذه بداية مرحلة جديدة من السلام القائم على العدالة، لأن غياب احترام حقوق الإنسان، على جانبي الجدار، سيظلّ يشكّل عائقًا أمام مستقبل أفضل.