موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الأربعاء، ٢٦ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٥
الأب إبراهيم فلتس يكتب: البابا الإنسان قصة سيارة

الأب إبراهيم فلتس :

 

أرض السلام ما زالت تنزف دمًا وماءً، وما زال الجوع يفتك بالأبرياء، وما ذلك كلّه إلا نزيفًا واستنزافًا مستمرًّا للإنسانيّة. هذه الأرض التي استقبلت البابا فرنسيس سابقًا حاملًا الأمل والرجاء والمحبّة والسلام، وتتوق لاستقبال البابا لاون الرابع عشر ليحمل الأمل من جديد إلى جميع المحتاجين والمضطهدين. جابت سيارة البابا فرنسيس عند زيارته شوارع بيت لحم لترسو في نهاية تلك الزيارة في مقر حراسة الأراضي المقدّسة بمبادرة خاصّة وشخصيّة من سيادة الرئيس محمود عبّاس مشكورًا. فقد تمّ تجهيز هذه السيارة بأيادٍ فلسطينيّة.

 

في خضمّ الحرب، وبهدف مساعدة الناس وإسنادهم إنسانيًّا وطبّيًّا، جاءت فكرة تهيئة هذه السيارة من جديد لتكون منارة تلفت أنظار العالم وتستجلب دعمهم وإسنادهم لكلّ المحتاجين في غزّة والأرض الفلسطينيّة، وتمّت تهيئتها لتكون عيادة بسيطة متنقّلة في خطوة رمزيّة في قيمتها، عظيمة في جوهرها.

 

نلتقي اليوم معًا لنختتم مرحلة بسيطة من مراحل فكرة عظيمة، فكرة لم ولن تموت أبدًا طالما وُجد طفل جائع، وعائلة بلا مأوى، وجريح بلا علاج. نلتقي اليوم لنستقبل هذه السيارة وقد تمّ إعدادها وتجهيزها؛ تعود وترسو في مقرّها من جديد، تنظر إلى بيت لحم ومنها إلى غزّة وجنين وإلى العالم أجمع. ترسو في مقرّها مقابل كنيسة المهد، لتُذكّر كلّ الحجاج والزائرين والمواطنين بوجود جرحٍ ما زال ينزف، وأجسادٍ هزيلة، ووجوهٍ شاحبة. ترسو في مقرّها لتُذكّر العالم بوجود من لا يزال يؤمن بالسلام في هذه الأرض، وتُذكّر بإبداع هذا الشعب وصبره وحبّه للسلام. ترسو في مقرّها لتقول شكرًا لكلّ المتضامنين والداعمين في العالم أجمع، ولكلّ إنسان ما زال يذكر أنّ هناك إنسانيّة يجب – على الأقل – تذكّرها والحفاظ عليها. ترسو في مقرّها لتشارك رسالة الميلاد العظيمة كلّ عام، إذ تخرج تلك الرسالة من مهد السيّد المسيح له المجد.

 

هذا اليوم هو اختتام مرحلة تحفّزنا لنواصل المسير على درب الإنسانيّة، فشكرًا لكلّ الداعمين، وكلّ من قدّم وما زال يقدّم الغالي والنفيس إيمانًا بالحقّ والعدل، وخدمةً للإنسانيّة، وحفاظًا على روح وكرامة الإنسان أينما حلّ وأينما وُجد، في كلّ مكان، وفي أرض المحبّة والسلام تحديدًا. ففي الختام دائمًا بداية جديدة.