موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٤ ابريل / نيسان ٢٠٢٥
الآلاف يتقاطرون إلى بازيليك القديس بطرس لوداع البابا فرنسيس
احتشد عشرات الآلاف من المؤمنين والسياح الأربعاء في ساحة القديس بطرس لإلقاء النظرة الأخيرة على البابا الراحل فرنسيس، واستدعى الأمر الانتظار أكثر من أربع ساعات.

فرانس 24 :

 

تسللت بولا من بين الآلاف وحيدة وهي تجرجر قدميها. كانت تبدو شاردة الفكر، قبل أن نقطع عليها وحدتها، لكنها شاركتنا ما يمور بداخلها بأريحية كبيرة. "لست أدري فيما أفكر"، تقول هذه الكاميرونية المقيمة في روما، والتي ألقت على التو النظرة الأخيرة على البابا فرنسيس.

 

فهي لا تزال لم تستوعب بعد رحيله، وتحاول أن تتجاوز صدمتها، تقول بـ"إيمانها". وتستغرب كيف جاء هذا الرحيل بدون سابق إشعار. "لقد كان هنا أمامي في عيد الفصح. وفي اليوم التالي أسمع أنه مات. صعب أن نفقد شخصية مثله، في وقت بدأ فيه أملنا يكبر يومًا بعد يوم بأنه بدأ يخرج رويدًا رويدًا من أزمته الصحيّة".

 

ووفقًا لما أوصى به، نقل جثمان البابا صباح الأربعاء في موكب مهيب إلى كاتدرائية القديس بطرس بمواكبة عشرات الكرادلة وعناصر من الحرس السويسري وعلى وقع التصفيق وقرع الأجراس. ووضع النعش أمام المذبح المركزي في الكنيسة، حيث يتاح للمؤمنين وللجمهور عامة إلقاء نظرة وداع أخيرة على جثمان الراحل حتى السابعة من مساء الجمعة، فيما ستقام السبت جنازة حاشدة.

 

واستُقبل مرور النعش بتصفيق طويل من نحو عشرين ألف شخص، عبّروا عن مشاعرهم العميقة تجاه الحبر الأعظم الراحل. ومع وصول الموكب إلى داخل الكاتدرائية، وُضع نعش البابا على الأرض أمام مذبح الاعتراف. وعند الساعة الحادية عشرة صباحًا، بدأ المؤمنون بتقديم التحية الأخيرة للبابا الراحل، وستبقى البازيليك مفتوحة حتى منتصف الليل.

"انتظرت حوالي خمس ساعات قبل أن أدخل كاتدرائية القديس بطرس لإلقاء النظرة الأخيرة على البابا، لكن لم تكن طويلة بالنسبة لي"، تلفت بولا بدون أن تتوقف عن سرد مناقب رجل "لا يمكن أن يجود الزمن بمثله مرة أخرى"، قبل أن تتابع: "سيكون لنا بابا آخر، لكن هل سيكون بنفس القدر من الإيمان مثل الراحل؟".

 

"لكنها سُنّة الحياة" تضيف بولا، "وإن كنا سنفتقد رجلاً عظيمًا، لا توجد شخصيّة أخرى مثله كرست وقتها وجهدها للدفاع عن الضعفاء والفقراء، وحتى عن المهاجرين". ولا تخفي أنها كانت "حزينة جدًا جداً"، وهي تلقي النظرة الأخيرة على الحبر الأعظم ضمن عشرات الآلاف من المؤمنين ومحبي هذه الشخصية الدينية.

وحدد الفاتيكان ثلاثة أيام للإطلالة الأخيرة على البابا فرنسيس وفق توقيت معين، حيث بدأت العملية الأربعاء وستمتد حتى مساء الجمعة. وبالتالي سيكون بإمكان عموم الزوار إلقاء النظرة الأخيرة وفق النظام الزمني التالي: الأربعاء (من الساعة 11 صباحًا حتى منتصف الليل)، الخميس (من الساعة 7 صباحًا حتى منتصف الليل)، والجمعة (من الساعة 7 صباحا حتى 7 مساءً).

 

وتجندت السلطات الإيطالية، التي أعلنت في وقت سابق الحداد لخمسة أيام، إضافة إلى العاملين في الفاتيكان لتأمين هذا الحدث الكبير. وانتشرت قوات الأمن بشكل واسع في الممرات المؤدية إلى الفاتيكان، وتقوم بعمليات تفتيش للحقائب عند المداخل القريبة من هذه المؤسسة الدينية العريقة.

تبقى بولا محظوظة لأنها تمكنت من إلقاء النظرة الأخيرة على البابا، فيما الكثير من الزوار عادوا أدراجهم بدون أن يتمكنوا من ذلك جراء الجموع الغفيرة التي تتوافد على ساحة القديس بطرس، ما جعل طوابير الانتظار تكون طويلة للغاية، وتستدعي الصبر لساعات تحت أشعة شمس ربيعية حتى تتاح للزائر فرصة توديع البابا قبل "سفره الأخير".

 

وهذا كان حال جوزي وأسرته. "من المستحيل أن تدخل كاتدرائية القديس بطرس لترى البابا للمرة الأخيرة"، يجيب هذا الإسباني بفرنسية مفككة، قبل أن يتابع: "أفضل أن أترك الأمر إلى الغد". وبدل أن يقضي ساعات في طوابير الانتظار اختار القيام بزياة الأماكن الأثرية في روما وهي كثيرة، خاصة وأن جولته إلى إيطاليا لم تكن دينية أساسًا، وإنما جاء إلى هنا ليعيد استكشاف هذا البلد الأوروبي الجميل.

 

أما أنطونيو، فكان له رأي آخر. فرغم هذه الأعداد الهائلة من الزوار، اختار أن يخوض "معركة" الطوابير برفقة شقيقتيه، لأن "إيمانهم" أقوى من ثقل الانتظار، وهم على استعداد جميعًا لرفع هذا التحدي حتى النهاية، والقيام بالإطلالة الأخيرة على البابا وتوديعه. "فهي فرصة لا تتكرّر"، بالنسبة لهم، خاصة وأن وفاته "خلفت حزنًا عميقًا" لديهم.