موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
هذا هو العنوان الذي اختاره شباب أردنيون واعدون لمبادرتهم الجميلة والناشئة قبل أشهر، والتي بدأت تبرز إلى العلن في مجتمعنا الأردنيّ الكريم. المبادرة تجمع عددًا من طلاب الجامعات الأردنيّة، وخصوصًا من يدرسون الإعلام أو التخصّصات القريبة منه، مثل الذكاء الاصطناعي وغيرها، وهدفها الأساس كما يشير العنوان نشر "ثقافة" الإعلام حين يكون خاليًا من الكراهية.
سعدتُ قبل أيام بالمشاركة بتلبية دعوة الشاب أمير أميرة رئيس المبادرة، برفقة الدكتورة ليلى الجرار الأستاذة المشاركة في جامعة الشرق الأوسط، للحديث مع شبابنا العزيز حول الإعلام الديني ودوره في الحدّ من خطاب الكراهية، الموجود بلا شك في جميع المجتمعات. ويبقى علينا واجب السعي لمحوه، أو على الأقل للتخفيف من ممارساته وتقليل أثره السلبي على مجتمعنا. فخطاب الكراهية هو كل خطاب موجّه ضد فرد أو فئة من الناس، ويهدف إلى الإساءة إليهم وإلى سمعتهم وأهلهم وعشيرتهم، ويرافقه في كثير من الأحيان نشر الشائعات أو التنمّر أو تداول المعلومات المزيفّة والمفبركة، سواء كانت مباعة أو مُشتراة.
ما شدّني في هذا اللقاء هو الوعي العميق الذي لمسته لدى العديد من شبابنا، والذي تجلّى من خلال النقاشات الحيويّة. فقد جرى تقسيم الحضور إلى مجموعات، ركّزت كل منها على جانب محدّد من خطاب الكراهية، مثل الخطابات الموجّهة ضد اللاجئين أو أتباع أديان مختلفة. أصغيتُ بتمعّن إلى ما طرحه شبابنا من أفكار، وإلى رؤاهم وتطلعاتهم وآمالهم، فوجدتُ فيهم جيلاً واعيًّا ومبشّرًا بالخير، وخصوصًا بين طلبة الإعلام في مجتمعنا الأردني.
كان السؤال المطروح: هل نحن مُحصّنون ضد خطابات الكراهية؟ بالطبع لا. فطالما أن وسائل التواصل الاجتماعي متاحة للجميع، ستبقى هناك دائمًا مخاطر الانزلاق وإساءة الاستخدام. من هنا جاءت الدعوة المزدوجة: الأولى، إلى التدريب التقني المتميّز. وهنا شدّدتُ على المعادلة التي نكرّرها دائمًا: التقدّم التقني يجب أن يواكب التقدّم الأخلاقي. غير أنّ الواقع كثيرًا ما يثبت العكس، إذ نشهد تطوّرًا تقنيًّا بلا حدود، خاصة مع الأدوات الإعلاميّة المتاحة للجميع، والذكاء الاصطناعي الذي يُستَخدم أحيانًا لتقليل كرامة الإنسان، بل ولتوظيفه في الحروب والاغتيالات، كما يحدث اليوم في غزة.
أمّا الدعوة الثانيّة، فكانت إلى دعم المبادرات التي تسهم في الحدّ من هذه الظاهرة، ولا سيما عبر الاستعانة بأساتذة وطلاب جامعات متخصّصين في الإعلام. وفي هذا الإطار، تطرّقتُ إلى "شرعة الإعلام الأخلاقيّة" التي جرى توقيعها قبل ست سنوات بمبادرة من المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، والتي تنص على التزام الإعلاميّ والإعلاميّة بمعايير أخلاقيّة واضحة، وفي مقدّمتها احترام الإنسان وبيته وعائلته، وكذلك احترام معتقداته ومشاعره الدينيّة.
توسمّتُ خيرًا كثيرًا في عقول هؤلاء الشباب الواعدين ونفوسهم وقلوبهم، وأعتقد أنّنا على موعد مع جيل من الإعلاميين والإعلاميات في وطننا الحبيب، يضعون نصب أعينهم الفكرة الأساسيّة التي طُرحت في هذه الجلسة، ألا وهي: احترام كرامة الإنسان والحفاظ على الوحدة الوطنيّة، باعتبارها أثمن ما يملكه الإنسان. وكم سررتُ حين قرأت كلمة "نبراس" أي مصباح مضيء، كشعار لمبادرة الشباب نحو إعلام بدون كراهية، وقد قسموها بحسب الأحرف؛ ن: ندعم التغيير، ب: بناء التفاهم، ر: روح المسؤولية، أ: أصالة الفكرة، س: سموّ الكلمة.
ما شاء الله عليكم يا شباب!