موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الخميس، ٢٥ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٥

التربية المدنية والدينية في العصر الرقمي

التربية المدنية والدينية في العصر الرقمي

التربية المدنية والدينية في العصر الرقمي

الأب رفعت بدر :

 

عقد المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام مؤتمرًا هامًا بعنوان "التربية المدنية والأديان: بناء ثقافة السلم المجتمعي والمواطنة"، برعاية معالي وزير التربية والتعليم الدكتور عزمي محافظة، وبالتعاون مع المركز الأردني للتربية المدنية، ومكتب الأردن لمؤسسة كونراد أديناور الألمانية، بإدارة الدكتور إدموند ريتكا الذي يختتم هذه الأيام خمس سنوات من العمل في الأردن، بنى خلالها جسورًا من التواصل مع مختلف أطياف مجتمعنا الأردني الكريم.

 

شارك في المؤتمر عدد من المهتمين والمثقفين ورؤساء الكنائس وممثليها، ورجال دين مسيحي ومسلم، إلى جانب الرهبانيات، ومدراء المدارس، وأهل الصحافة والإعلام، ليشكّلوا مجتمعًا معرفيًا يسعى لتعزيز ثقافة السلم والمواطنة من خلال التربية والتعليم.

 

احتفلنا بالتربية المدنية، ولكن مع شقيقتها التربية الدينية، مؤكدين أن هناك تكاملاً وليس تناقضًا بينهما. فهما حجران أساسيّان في فسيفساء اللوحة التربوية الراقية في أردننا الحبيب. فالتربية الدينية لا تلغي التربية المدنية، بل إن التربية المدنية تسند التربية الدينية في توجيه الطلاب والطالبات نحو المحبّة والإيثار، وعقلية التسامح، وثقافة اللقاء.

 

لقد سعينا في المؤتمر إلى الجمع بين التربية المدنية التي تهتم بسلوكيات الإنسان في مجتمعه والتمهيد لمجتمع يقوم على الديمقراطية والتعدّدية والمساواة، وبين التربية الدينية التي تحتفل بالمحبة كطريق آمن لبناء مجتمع يسوده الاحترام المتبادل.

 

وفي ظل عصر التطوّر الرقمي، أضفنا إلى عنوان المؤتمر كلمة "العصر الرقمي"، الذي يتسم باستخدام الإنسان للتقنيات الحديثة، دون أن يعني ذلك تراجع الأخلاقيات. وهذا هو التوازن الذي نبحث عنه دائمًا، ليس في الأردن فحسب، بل في كل انحاء العالم: أن يكون التقدّم التقني متواكبًا مع التقدّم الأخلاقي. وهنا تظهر أهميّة التربية الدينية والمدنية، والاستخدام الأخلاقي لوسائل التواصل وتقنيات الذكاء الاصطناعي، جميعها في إطار احترام كرامة الإنسان وحياته وعلاقاته، لبناء مجتمع صالح ومستقبل أفضل.

 

وفي كلمتي الافتتاحية، اقتبست ما قاله البابا الراحل فرنسيس في آخر رسالة له مع بداية العام الحالي: "لننزع الأسلحة من وسائل الاعلام"، وتابعت مستشهدًا بكلمات قداسة البابا لاون الرابع عشر في أول ظهور له: "لنجعل من عصرنا عصر المحبة وعصر بناء الجسور". ولن يتحقق ذلك إلا بالحوار الهادئ بين بني البشر، والاستخدام الحسن والأخلاقي لوسائل التواصل التي يستخدمها طلابنا الأعزاء في التربية والتعليم، المدني والديني.

 

وقد تألقت جلسات المؤتمر بمحاضرين أكفاء من الأردن وخارجه، مع المواكبة والاشادة بحضور جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم في الأمم المتحدّة في هذه الأيام، بالصلاة والدعاء. إنّ الاردن الذي يعقد فيه المؤتمر، هو عنوان لعصر الدبلوماسية السلمية الهادئة، وعصر الحوار بين الأديان نحو العالمية، وزمن النهوض بالأردن بعصر رقمي وتربية متقدمة، ليكون لكل عقل أردني وصديق حصانة ضدّ التعصب والتطرّف.

 

وفي ختام المؤتمر، رفع الجميع الدعاء بأن تستمر نعمة الله وبركاته مع جلالة الملك وسمو ولي العهد، وأن يسود السلام على فلسطين، ليُسكت صوت السلاح والدمار والتهجير عن غزة وكل أنحاء فلسطين، ولتظل التربية المدنية والدينية حجر الأساس لبناء مستقبل أفضل.