موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أعلنت الدوائر في الفاتيكان أنّ عدد الزوار والحجاج الذين قصدوا الحاضرة حتى نهاية شهر آب الماضي بلغ 24 مليونًا، وهو رقم قياسي، مع توقعات أن يرتفع العدد إلى نحو 32 مليون حاج وزائر مع نهاية السنة الحالية.
تأتي هذه الأرقام المميّزة في إطار سنة اليوبيل المقدّسة، التي تُحيي مرور 2025 سنة على ميلاد السيد المسيح. وكم كنّا نتمنى أن يُحتفل بهذا اليوبيل في موطن المسيح -بيت لحم والقدس والناصرة والمغطس- غير أنّ الظروف السياسية ألقت بظلالها العنيف على مختلف النواحي، ومنها طبعًا السياحة.
ومع الارتفاع الكبير في أعداد الحجاج إلى روما، ما زلنا نتألم محليا بسبب الاوضاع الاقليمية التي تؤثر على السياحة . إذ بلغ عدد زوار موقع المغطس هذا العام 56 ألفًا فقط. ونحن نرفع صلاتنا إلى الله أن يزيل أسباب تعثّر مجيء السياح والحجاج إلى أرضنا المقدسة، لكي تعود السياحة، بكلّ أشكالها، عصبًا أساسيًا لحياة المجتمع ومصدر دعم لمؤسساته.
تأتي أرقام الفاتيكان في سنة مميّزة وتاريخيّة للكنيسة، فبعد رحيل البابا فرنسيس الذي أغنى العالم بطيبة قلبه وإنسانيته، تمّ انتخاب البابا لاون الرابع عشر، الذي واصل تنفيذ الأجندة الحافلة المعدّة مسبقًا لاحتفالات اليوبيل، بمشاركة أطياف الكنيسة المتعدّدة، ولا سيّما الشباب الذين خُصّصت لهم أيام مميّزة. فقد شهد هذا الشهر حدثًا استثنائيًا بإعلان قداسة شابين إيطاليين هما بيير جورجيو فراساتي (توفي عام 1925 عن عمر 24 عامًا) وكارلو أكوتيس (توفي عام 2006 عن عمر 15 عامًا فقط)، ليكونا نموذجين ملهمين للشباب في عيش القداسة وتجسيد الرجاء مع مطلع كل يوم جديد.
لم يتأثر عدد زوار الفاتيكان بغياب البابا فرنسيس، إذ واصلت الكنيسة مسيرتها مع البابا الجديد لاون الرابع عشر، الذي يتميّز بتواضع شخصيته وعقله المتقد، وبمحبته الخاصّة لابن الجزائر الشقيقة، القديس أغسطينس، حتى لا تخلو كلمة له من اقتباس من القديس وهو واحد من أعظم اللاهوتيين والفلاسفة في التاريخ.
ونعود إلى المشهد السياحي المزدهر في إيطاليا والفاتيكان وسائر المدن الإيطالية، ومنها مدينة أسيزي التي استضافت معرض "الأردن فجر المسيحية" الذي نظمته وزارة السياحة الأردنية، بعد أن عُرض في الفاتيكان لمدة شهرين. وقد استمرّ المعرض في أسيزي، بلد القديس فرنسيس، لشهر ونيّف حاملاً رسالة الأردن الروحيّة إلى العالم.
ولا يسعنا إلا أن نتطلّع بعين الأمل والرجاء إلى مستقبل السياحة في بلدنا المقدّس، راجين لمعالي الوزير الكفؤ د. عماد حجازين، ولعطوفة الأمين العام يزن الخضير، كل الخير والنجاح في جهودهما للنهوض بالسياحة وإعطائها الزخم الذي نفخر به ونعمل دومًا على تعزيزه. فهذه الفترة التي أتيا بها، تشكّل فترة تاريخية للتحضير والتمهيد لاعلان عام 2030 عام اليوبيل الأردني السياحي بامتياز، ففي ذلك العام سيحيي العالم مرور ألفي عام على معمودية السيد المسيح في مياه نهرنا المبارك، وهي مناسبة تستحق التحضير والإعداد لها جيّدًا. فهل سيأتي يوم في قادم السنوات، لنتحدّث بلغة الأرقام المليونية لتشبه لغة الفاتيكان في اليوبيل الحالي؟ لا شيء مستحيل!