موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
وما زال السلام غائبًا، وما زالت النكبة جاثمة على قلوب الأهل في غزة، وما زال الأطفال يكبرون في كل عام وكأنه عشرون عامًا. فهل من أفقٍ للسلام؟ وهل ستجد حمامة السلام مهبطًا لها وسط الركام والحطام؟
بلا شك جاءت المبادرة الجديدة لتشعل ولو شمعة صغيرة في وسط هذا الظلام الغزي، وبعد وقت لم يتوقع أحد أن تصاغ خطة وخطوطًا عريضة وخارطة طريق للسلام. ورغم انّها خطّة لا تلملم كلّ الجروح ولا تروي كل عطش لسلام دائم وعادل وشامل.
أردننا الغالي، بقيادة الصقر الهاشمي جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم، نظر إلى الخطة بأنها حلٌّ واقعي تتطلبه الظروف الحالية، من أجل وقف فوري للنار الذي يصيب البشر والحجر، ويجمّد عروق الأطفال، ويمنع عنهم الحلم بمستقبل.
ونحن في الأردن، خلف جلالة الملك، ندعو الأطراف جميعًا إلى القبول بهذا الحل القادم بعد عامين من التضحية اليومية والمستمرة والمستعرة والظالمة على الشعب الفلسطيني الذي تعب وأراق دماءه. وسيكون من شأن رفض هذا المقترح إراقة المزيد من الدماء والقضاء على ما تبقى من حياة ما زالت تنبض في عروق الناس الرازحين تحت الاحتلال.
وفي سياق متلائم مع موقف الأردن الواقعي، وفي وسط أوروبا قال قداسة البابا لاون الرابع عشر من عاصمة الكثلكة في العالم، الفاتيكان، مجيبًا على أسئلة الصحفيين، بأنّ الخطة واقعية، ونأمل أن تقبل الأطراف جميعًا بها فتتوقف النيران ويطلق سراح الأسرى.
وفي القدس الشريف، يستقبل الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، أول بطريرك للمدينة المقدسة يصبح كاردينالاً منذ عامين، أمين عام مجلس أساقفة إيطاليا المطران جوزيبي باتوري، ويتم الإعلان عن مستشفى تنشئه البطريركية اللاتينية التي لها كنيسة العائلة المقدسة في غزة، والتي بدورها ما زالت تحتضن المئات من النازحين منذ عامين، وكانت لهم الأم الرؤوم ونِعم البلسم للجراح، وقد ودّعت مثل جارتها كنيسة القديس برفيريوس أعدادًا من الشهداء الذين سقطوا في الكنيسة.
أما المستشفى المزمع إنشاؤه فلم تصدر تفاصيل عنه بعد، إلا أنه سيكون مُستقبِلاً للعائلات والأطفال والشيوخ والنساء، من مختلف أطياف الشعب في غزة، دون تمييز على أساس عرقي أو ديني أو طائفي؛ فالعمل الإنساني يتخطى الحواجز والفروقات. والمستشفى سيكون طبعًا شمعة تشعل في الظلام على درب بزوغ شمس العدالة والسلام.
فلتكن شمعة الخطة من أجل إحلال السلام في غزة شمعة جديدة، وليكن مستشفى البطريركية شمعة أخرى؛ فالعالم مظلم وظالم، وقد تسهم شمعة تلو الأخرى بانبزاغ فجر الحرية كاملة البهاء.