موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الثلاثاء، ١ يوليو / تموز ٢٠٢٥
قال الجاهل في قلبه ليس إله

أشخين ديمرجيان :

 

وماذا ستجلب بيئة الأزمات والحروب على الساحة الدوليّة؟ والتعدّي على المقدّسات وأماكن العبادة؟! أمّا التغييرات الجذريّة الخانقة التي تشهدها الدّول خاصة في الشرق الأوسط -لغرض في نفس يعقوب- فما هي إلاّ نقطة بغيضة حالكة السواد في تاريخ الحضارة الإنسانيّة، وبحاجة إلى حلّ عاجل وعادل إذ تتوقّف عليه حياة الأمم والشعوب، وتتطلّب التفكير الجدّيّ بالتغييرات الكبيرة الناجمة من جراء تلك الصراعات الدامية التي تفاقمت وازدادت بسبب خيانة الضمير، وجلبت الويلات ومنها التهجير والقتل والتشريد وروّجت سوق النخاسة، وكلّ ما يؤدّي إلى غياب المسيحيّة في الشرق الأوسط، وانعدام الأمن وتضعضع الحياة الأسريّة وزوال التماسك الاجتماعي، وانقراض مفهوم احترام الأديان، وتقهقر الأحوال الماديّة.

 

 

الهيمنة

 

الهدف من الحروب اليوم قهر العالم بمختلف أجناسه وشعوبه، وفتح الحدود الدوليّة التي عجزت العولمة عن فتحها بحجّة المساعدة العسكريّة، والسيطرة على العلاقات الدوليّة بشكل يستحيل معه اتّخاذ قرارات داخليّة من غير استئذان القوى العظمى التي تلعب بمصير البشريّة، متجاوزة كلّ القوانين والنواميس والأعراف.

 

 

سلام عالمي

 

في الواقع يستحيل الاستغناء عن العدالة والنزاهة في بناء سلام عالميّ يُمكِّن العالم من تجاوز معاناته، وهذا يتطلّب المعرفة العميقة والشاملة في مفهوم بناء الازدهار الحضاري، وطرح هذه المسألة في سلّم الأولويّات بشكل متكامل، ذلك أنّ ما نعيشه اليوم لا يمثّل سوى كارثة عالميّة، وهدم وتدمير مقصودَين مع سبق الإصرار والترصّد.

 

 

مصالح وأطماع

 

تسعى القوى العظمى في خططها الخبيثة التي ترمي إلى الهيمنة والقمع، وقد انحرفت عن جادّة الحق والصواب، وأمعنت في تعميق جروح الملايين بامتياز، كما وأنهكت الدول سياسيًّا واقتصاديًّأ وشعبيًّا كي تستمرّ في استبدادها بعيدة عن الاعتدال والإنصاف، ولم ولن تأتِ بمبادرة تُشكَر أو تُثنى عليه، وهمّها الوحيد الأوحد مصالحها الآنيّة والمستقبليّة. 

 

 

اقتلاع الحضارات

 

ولأنّها تُدرك أهمّيّة الإنتماء من أجل بناء شخصيّة متكاملة  جسميًا ونفسيًا واجتماعيًا، ها هي تصنع غابة بشريّة ضارّة شرسة بلا حدود متعارَف عليها، كي تعصف بالناس وتقضي على انتمائهم للوطن والدين والأسرة والمجتمع، وتقتلع حضارتهم وتنسف تراثهم وتلغي مبادئهم وتقتل أفراد عائلاتهم، وتختلس أموالهم وممتلكاتهم، وتغيّر لكلّ إنسان بيئته، وبالتالي يضيّع المرء سكينة نفسه وهدوء باله ويتوه في حلقة فارغة لها أوّل وليس لها من آخر.

 

 

نردّد في المثل الشعبيّ:

 

الله يُمهِل ولا يُهمِل" و"يا ظالم لك يوم"! ويقول الكتاب المقدّس في المزمور 14: 1 وأيضًا مزمور 53: 1 "قال الجاهل في قلبه ليس إله". والجهل حسب النصّ الأصلي يُشير إلى "الجهل الأخلاقي" ويعني إنسان بلا أخلاق. وغياب الأخلاق في الإنسان يقوده إلى رفض الإيمان بالله، أو فكرة وجود خالق يطلب منه الإلتزام بالأخلاق، لكي يبرىء ضميره ويريح نفسه من الشعور بالذنب، أو من تحمّل المسؤوليّة أمام عزّته وجلاله، ولكن هذا لا يغيّر من جريمته ومن المثول أمام الديّان العادل. 

 

 

خاتمة

 

وكان السّيّد المسيح قد أعاد إرساء قواعد العيش الكريم، ملخّصًا الوصايا بالمحبّة لله وللقرييب، وتوسيع مفهوم "القريب" لغير العبرانيين فيشمل كلّ إنسان (لوقا 10 : 25 وتابع). وترفّع عن المصالح الدنيويّة، وأراد خير الشّعوب التي طلب أن يسود بينها العدل والوداد، مبيّنًا أنّ هذا هو ملكوت الله!