موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٤ أغسطس / آب ٢٠٢٣
البابا يرحّب بشباب الأيام العالميّة في لشبونة: الله يحبكم، ويدعو كل واحد منكم بالاسم

أبونا وفاتيكان نيوز :

 

في إطار اليوم العالمي للشباب، توجّه البابا فرنسيس، مساء الخميس 3 آب 2023، إلى منتزه إدواردو السابع في العاصمة البرتغاليّة لشبونة، حيث ترأس حفل استقبال مئات الآلاف من الحجاج الشباب المشاركين في الأيام العالميّة السابعة والثلاثين، في احتفاليّة نابضة بالحياة والألوان والموسيقى، عكست من خلالها الفرح الإيمان، ووحدة الكنيسة وتنوّعها.

 

وبعد كلمة ترحيب بطريرك لشبونة، قرأت مجموعة من الشباب مختارات من الرسائل والتي تمثّل آلاف الرسائل التي يتلقاها البابا كل يوم، مسلطة على أسئلة واهتمامات الشباب من جميع أنحاء العالم، حيث طلب الكثيرون النصيحة والصلاة لعائلاتهم وبلدانهم وكنائسهم المحليّة. وتواصلت مراسم الترحيب مع موكب أعلام جميع الدول الممثلة في الأيام العالميّة، رافقها ترنيمة أنتجت خصيصًا لهذه المناسبة "يوم مشمس"، تتناول الرغبة في الاحتفال بالإيمان بالسيّد المسيح.

 

دُعينا جميعًا بالاسم

 

وكان نص إنجيل القديس لوقا حول إرسال يسوع للتلاميذ الاثنين والسبعين، الذي تُلي خلال ليتورجيا الكلمة، محور انطلاق تأمّل البابا فرنسيس للحجاج الشباب، حيث ذكّرهم بأنّ الرّب قد دعا كل واحد منهم بالاسم، لأنّه يحب كل واحد، ولأنّنا ثمينون في عينيه، داعيًا أن تساعد هذه الأيام في التعرّف على هذه الحقيقة، كونها تمثّل نقطة البداية لليوم العالمي للشباب، والحياة بشكل خاص.

 

وقال: أنت مدعوٌّ باسمك، أنت وأنت وجميعنا نحن الموجودون هنا قد دُعينا بأسمائنا. نحن لم نُدعى بشكل أوتوماتيكي؛ لقد دُعينا بأسمائنا. دعونا نفكر في هذا: يسوع قد دعاني باسمي. إنها كلمات مكتوبة في القلب. ومن ثم لنفكر أنها مكتوبة داخل كل فردٍ منا، في قلوبنا، وتشكل نوعًا ما عنوان حياتك، ومعنى ما نحن عليه،: لقد دُعيت بالاسم؛ لا أحد منا هو مسيحي بالصدفة: لقد دُعينا جميعًا بالاسم.

كلام الله وأوهام الافتراضية

 

وأشار إلى أنّنا "مدعوين بأسمائنا" ليست مقولة عابرة، إنما هي كلمة الله.

 

وقال: أيها الصديق، أيتها الصديقة، إذا دعاك الله باسمك فهذا يعني أنك بالنسبة له لست رقمًا، بل وجهًا وقلبًا. وأود أن يلاحظ كلُّ فرد منكم شيئًا: كثيرون اليوم يعرفون اسمك، ولكنهم لا ينادوك باسمك. إنّ اسمك في الواقع، معروف، ويظهر على شبكات التواصل الاجتماعية، وتتم معالجته بواسطة خوارزميات تربطه بالأذواق والتفضيلات. ومع ذلك، هذا كلّه لا يُسائل فرادتكَ وإنما فائدتك لأبحاث السوق.

 

أضاف: كم من الذئاب يختبئون وراء ابتسامات صلاح زائف، يقولون إنهم يعرفون من أنت ولكنهم لا يحبونك، ويلمِّحون بأنهم يؤمنون بك ويعدونك بأنك ستصبح شخصًا مهمًّا، ليتركوك بعدها بمفردك عندما لا تعود مهمًّا لهم. إنها أوهام الافتراضية وعلينا أن نكون متنبّهين لكي لا نسمح لها بأن تخدعنا، لأن العديد من الحقائق التي تجذبنا وتعِد بالسعادة تُظهر بعدها نفسها على حقيقتها: أشياء تافهة، لا لزوم لها، وتترك الفراغ في داخلنا. أما يسوع فلا! هو يثق بك، وأنت مهمٌّ بالنسبة له.

جماعة.. وللجميع

 

وأوضح البابا فرنسيس بأنّ كنيسة المسيح هي "جماعة المدعوين"، وليست جماعة "أفضل الناس". وقال: نحن مدعوون كما نحن، بالمشاكل التي نواجهها، بمحدودياتنا، بفرحنا الغامر، برغبتنا في أن نكون أفضل، وبرغبتنا في الفوز. نحن مدعوون هكذا كما نحن. نحن جماعة إخوة وأخوات يسوع، أبناء وبنات الآب عينه.

 

وقال: أيها الأصدقاء، أود أن أكون واضحًا معكم، أنتم الذين لديكم حساسية من الأكاذيب والكلمات الفارغة: هناك مكان في الكنيسة للجميع، لا أحد عديم الفائدة، لا أحد لا لزوم له، هناك متسع للجميع. هكذا كما نحن، جميعًا. وهذا ما قاله يسوع بوضوح عندما أرسل الرسل لكي يدعوا إلى وليمة ذلك الرجل الذي أعدها، قال: ’اذهبوا وأحضروا الجميع، صغارًا وكبارًا، سليمين ومرضى، أبرارًا وخطأة: الجميع‘.

 

تابع: إنّ الكنيسة هي مكان للجميع. هذه هي الكنيسة، أم الجميع وهناك مكان للجميع. إنَّ الرب لا يوجه إصبع الاتهام، بل يفتح ذراعيه: وهذا ما يُظهره لنا يسوع على الصليب. هو لا يغلق الباب بل يدعونا لكي ندخل. لننقل في هذه الأيام لغة الحب الخاصة بيسوع: "الله يحبك، الله يدعوك".

الله يحبنا

 

وشدّد البابا على أهميّة ألا يتعب الشباب أبدًا من طرح أسئلتهم.

 

وقال: لقد سألتموني الليلة أسئلة كثيرة. لا تتعبوا أبدًا من طرح الأسئلة؛ إن طرح الأسئلة هو أمر صحيح، لا بل هو غالبًا أفضل من إعطاء الإجابات، لكي يبقى الذي يسأل قلقًا، والقلق هو أفضل علاج ضدّ العادة، وتلك الحالة الطبيعية التافهة التي تخدر الروح. كل واحد منا لديه مخاوفه الخاصة في داخله. لنحمل هذه الهموم معنا ولنحملها في الحوار بين بعضنا البعض، لنحملها معنا عندما نصلي أمام الله، وهذه الأسئلة ستصبح مع الحياة أجوبة، يجب علينا فقط أن ننتظر.

 

كما دعا الشباب إلى التأمل في أنّ الله يحبنا كما نحن، وليس كما نود أن نكون أو كما يريدنا المجتمع أن نكون: هو يحبنا بما نحن عليه، بعيوبنا ومحدودياتنا وبرغبتنا في المضي قدمًا في الحياة. وخلص البابا فرنسيس في كلمته إلى القول: هكذا يدعونا الله. ثقوا لأن الله أب، وهو أب يحبنا. هذا فقط ما أردت أن أقوله لكم؛ لا تخافوا، تحلوا بالشجاعة، امضوا قدمًا عالمين أنَّ محبّة الله تحمينا".