موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٢ يناير / كانون الثاني ٢٠٢١
2 كانون الثاني: القديسان باسيليوس الكبير وغريغوريوس النزيانزي، الأسقفان ومعلما الكنيسة

إعداد الأب وليم عبدالمسيح سعيد الفرنسيسكاني :

 

القديس باسيليوس

 

ولد هذا القديس العظيم في قيسارية كبادوكيا (في تركيا اليوم) سنة 329م، من أسرة غنية في الدين والدنيا. لقد تسمى باسم أبيه القديس باسيليوس. وكان أخوته القديس غريغوريوس أسقف نيصص، والقديس بطرس اسقف سبسطية والقديسة مكرينا.

 

ففي هذه البيئة أعدّ الله باسيليوس ليكون منارة في بيعة الله المقدسة. وبعثه أبوه إلى القسطنطينية فدرس الخطابة والفلسفة على الأستاذ الشهير ليبانيوس، ثم ذهب إلى أثينا حيث انكب على الدرس وامتاز بين اقرأنه. وهناك التقى بالقديس غريغوريوس النزينزي والأمير يوليانوس الذي صار فيما بعد ملكًا وجحد الإيمان ولقب بالعاصي. وكان باسيليوس مثابرًا على الدرس، وزميله القديس غريغوريوس النزينزي، بكل ما أوتيه من حدة الذهن، ونشاط الشباب.

 

وبعد أن تسلم منبر التدريس مدة في أثينا، عاد إلى وطنه، يُدّرس الفصاحة والبيان ويتعاطى المحاماة، حتى أصبح قبلة الأنظار. غير أن شقيقته أخذت تبين له أباطيل العالم فأصغى باسيليوس إلى كلام أخته القديسة. وأخذ بفلسفة الإنجيل المقدسة. فانطلق إلى مصر لمشاهدة السياح في البراري ومعاشرتهم، فاستأنس بهم واعجب بقداستهم، ثم زار الأماكن المقدسة في فلسطين.

 

ثم التزم العزلة في قرية لعيلته، حيث كانت أمه واخته مكرينا تعيشان عيشة شبه نسكية، فتنسك هناك، ممارسًا ما كان رآه في السياح في براري الصعيد، فتتلمذ له كثيرون، فأنشأ في البُنطوس ديرين، احدهما للرجال والآخر للنساء. وسن لهم قوانين شهيرة. ثم رُسم كاهنًا عام  370م.

 

استمر باسيليوس عائشًا كما كان في منسكه، مصليًا مبشرًا بالإنجيل. وفوق ذلك كان يدير شؤون الأبرشية، لعجز اسقفها اوسابيوس، فاشتهر بسمو مداركه وحسن إدارته. وبعد وفاة الأسقف اوسابيوس، انتُخب باسيايوس خلفاً له على قيسارية، فأخذ يتفانى غيرة على الرعية. فأنشأ مأوى للمرضى والغرباء وفي أيام المجاعة بذل كل ما يملك في سبيل الفقراء والمحتاجين، حاضاً الأغنياء على مساعدتهم بيد سخية.

 

وقد ترك هذا القديس العظيم، مؤلفات قيمة للكنيسة، منها النافور المعروف باسمه عند الكنيسة الشرقية ولاسيما اليونانية. وهو من ألمع علماء الكنيسة شرقًا وغربًا. وبعد حياة مليئة بأعمال البر والصلاح والجهاد الحسن رقد بالرب في الأول من كانون الثاني سنة 379، وله من العمر 51 عامًا.

 

 

القديس غريغوريوس

 

كان والد غريغوريوس وثنيًا، أَمّا والدته فكانت مسيحية فربَّته تربية صالحة.

 

انكبَّ على درس العلوم فنبغ فيها في مدرسة أثينا رفقة صديقه الحميم باسيليوس. وعن ذلك قال: "ما كنا نعرف سوى طريقين، طريق الكنيسة وطريق المدرسة، ونترك لغيرنا ارتياد الملاهي والمسارح". وبعد إتمام دروسه قبل سر العماد المقدس. وكان من طبعه ميَّالاً إلى العزلة، فأقام فيها مدةً مع صديقه باسيليوس.

 

وكان أبوه، بصلاة والدته التقية، قد آمن بالمسيح واعتمد وارتسم كاهنًا ثم أسقفًا على مدينة نزينز، فدعا ابنه إلى مساعدته. فلبَّى دعوة أبيه الذي رسمه كاهنًا وأقامه معاونًا له في الأسقفية، فأحسن القيام بمهمَّته، لكنه ما عتم أن عاد إلى صديقه باسيليوس يعيش معه حياة النسك والتقشف.

 

كان أبوه قد انخدع بالبدعة الأريوسية فأسرع غريغوريوس وارجع والده إلى المعتقد المسيحي الصحيح. وبعد ذلك انتُخِب غريغوريوس بطريركًا على القسطنطينية، فقام يتفانى في خلاص النفوس، ويبيِّن عن صحة المعتقد المسيحي، حتى ردَّ الكثيرين من الآريوسيين. فقام بعض أساقفتهم يخاصمونه، ولم يكن من طبعه الخصام، فاعتزل البطريركية، عاكفًا على الصلاة وتأليف الكتب الدالة على غزارة علمه وتعمُّقه في الأمور الإلهية، لذلك لقِّب بـ"التاولوغوس" أي اللاهوتي. وهكذا قضى سنيّه الأخيرة بالنسك والتأليف، إلى أن رقد بالرب سنة 379. وقد اغنى الكنيسة بمؤلفاته القيِّمة، وهو من علماء الكنيسة الأعلام. صلاته معنا. آمين.