موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
عدل وسلام
نشر الخميس، ١٧ أغسطس / آب ٢٠٢٣
فتيات أفغانستان.. عامان بلا تعليم وسط صمت العالم
الفتيات ما دون الصف السادس ما زلن قادرات على الدراسة (فرانس برس)

الفتيات ما دون الصف السادس ما زلن قادرات على الدراسة (فرانس برس)

العربي الجديد :

 

مرّ عامان على سيطرة حركة "طالبان" على السلطة في أفغانستان، ولا تزال الفتيات والنساء يأملن إعادة فتح المدارس والجامعات التي أغلقتها الحركة. ويشعر الكثير من الأفغان بأن المجتمع الدولي لم يحرك ساكناً إزاء قضية تعليم الفتيات، وإن أعلن المبعوث الأممي الخاص للتعليم العالمي غوردن براون أن منع الفتيات من التعليم والنساء من العمل في أفغانستان يعدّ تمييزاً جندرياً يجب أن يُحاسب عليه ويعتبر جريمة ضد الإنسانية، مؤكداً أنه في صدد إحالة القضية إلى المحكمة الجنائية الدولية، معرباً عن أمله في أن تقوم بالبت فيه.

 

كانت نصيبة محمدي (15 عاماً) تدرس في الصف العاشر في مدرسة "بي بي مهرو" في العاصمة الأفغانية كابول، وكانت تتطلّع لأن تكمل دراستها وتتخرج من المدرسة وتدرس الطب لتصبح طبيبة أطفال. لكن بعد سيطرة طالبان على كابول، تلاشت أحلامها. تقول لـ"العربي الجديد": "جاءت طالبان وأغلقت المدارس في وجوهنا. كنت أظن أن القرار سيكون مؤقتاً، وستفتح المدارس لاحقاً. لم أتخيل أن طالبان ستتسبب في ضياع سنتين من حياتنا. مع الأسف، فعلت ذلك ولا تزال تواصل سياساتها، غير أنها لا تدرك مشاعرنا وأنه كانت لدينا أحلام كبيرة تتلاشى مع مرور الوقت".

 

تذهب نصيبة إلى مدرسة دينية على مقربة من منزلها، علماً أنها كانت تفعل ذلك حتى قبل إغلاق المدارس. في الوقت الحالي، تعيد دراسة ما حفظته بهدف إشغال نفسها وعدم البقاء في المنزل والتشاجر مع إخوتها وأخواتها في ظل الضغوط النفسية.

 

كانت نصيبة تتوقع أن تعلن طالبان فتح المدارس خلال الاحتفال بيوم الاستقلال (خروج القوات الأميركية من أفغانستان المصادف لـ15 شهر آب الحالي)، وخصوصاً أن الكثير من رواد التواصل الاجتماعي قد أشاعوا الخبر، كما أعلن عنه في بعض المدن عبر مكبرات الصوت مساء يوم الإثنين الماضي، منها مدينة جلال أباد، إلا أن ذلك لم يتحقق، ليصيبها اليأس مع غيرها من الطالبات.

 

فرشتة عبد العزيز (26 عاماً) تعاني بدورها. كانت تدرس القانون في جامعة كابول، وتأمل أن تكون محامية أو قاضية، وكانت شديدة التأثر بأستاذتها شيماء التي كانت قاضية في إحدى محاكم أفغانستان. بعد مجيء طالبان إلى السلطة، هربت أستاذتها من البلاد وبقيت هي بلا دراسة وبلا جامعة. تقول لـ "العربي الجديد": "أحياناً، أتضايق كثيراً وأفكر في الانتحار ثم أتذكر أمي وإخوتي وأخواتي الصغيرات. كانت أمي تحلم أن أصبح قاضية. يملك أبي بقالة صغيرة قرب منزلنا في منطقة كمبني، وكانت العائلة ترغب في أن أنهي دراستي وأحصل على وظيفة جيدة كي يرتاح والدي بعدما بات متقدماً في السن. لكن في الوقت الحالي، تلاشت كل تلك الأحلام بسبب طالبان". وتسأل: "لماذا تنسب قضية منع الفتيات من التعليم إلى الدين؟ ما تقوله طالبان غير صحيح. ديننا الحنيف لا يمنع النساء من التعليم بل يحث الجميع على العلم وتحمل الأعباء والمصاعب في هذا الشأن".

 

خلال الأشهر الماضية، باتت تعاني من اضطرابات عصبية وباتت عاجزة عن النوم من دون أقراص منومة. في الوقت نفسه، امتنعت عن تناول أدوية الأعصاب. لكن إذا استمر الوضع على ما هو عليه، فلا مفر منها، بحسب ما تقول. تضيف أن صديقاتها وزميلاتها يعانين أيضاً، علماً أن معظمهن لم ييأسن، ويتوقعن أن تفتح جامعاتهن عاجلاً أم آجلاً، لكن المشكلة الأساسية هي ضياع الوقت.

 

من جهة أخرى، تشير إلى أنها تتعرض لضغوط من أقربائها للزواج، علماً أنها غير مستعدة لذلك حالياً. حلمها الوحيد هو إكمال الدراسة ومساعدة والدها. وفي الوقت الحالي، تساعد أشقاءها وشقيقاتها في الدراسة، ووالدتها في الأعمال المنزلية.

 

تجدر الإشارة إلى أنه عقب وصولها إلى السلطة، منعت طالبان فتح المدارس المتوسطة والثانوية أمام الفتيات، ثم أغلقت الجامعات الحكومية والخاصة أمام الفتيات والنساء في كانون الأول عام 2022. واتخذت عائلات كثيرة قراراً بالهجرة إلى الخارج بهدف تعليم بناتها، فيما تستعد أخرى إلى المغادرة. كما ارتفعت نسبة الاضطرابات النفسية بين الفتيات المحرومات من التعليم.