موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١٨ أكتوبر / تشرين الأول ٢٠٢٥
بيان رؤساء الكنائس في القدس حول انتهاء الحرب في غزة
“ھﻮ اﻟﺬي ﯾُﺒﻄﻞ اﻟﺤﺮوب إﻟﻰ أﻗﺎﺻﻲ اﻷرض، ﯾﻜﺴﺮ اﻟﻘﻮس وﯾﺤﻄﻢ اﻟﺮﻣﺢ، وﯾﺤﺮق اﻟﺘﺮوس ﺑﺎﻟﻨﺎر. ﯾﻘﻮل: ﻛﻔّﻮا واﻋﻠﻤﻮا أﻧﻲ أﻧﺎ ﷲ، أﺗﻌﺎﻟﻰ ﺑﯿﻦ اﻷﻣﻢ وأﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ اﻷرض” (ﻤﺰﻣﻮر 46: 9-10).

:

 

نحن، بطاركة ورؤساء الكنائس في القدس، نتشارك مع الملايين من أبناء منطقتنا التي أنهكتها الحروب، ومع مئات الملايين حول العالم، فرحتهم بإعلان وقف إطلاق النار في غزة وتبادل الأسرى.

 

نغتنم هذه المناسبة لنعرب عن تقديرنا البالغ للجهود العظيمة التي بذلها المجتمع الدولي، بكل أطرافه، من أجل تحقيق هذا الإنجاز الكبير. ونأمل بكل ثقة أن تُشكّل المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار مؤشرًا حقيقيًا على انتهاء الحرب على غزة، وأن تُحلّ أي خلافات مستقبلية بين الأطراف عبر الحوار والوساطة وضبط النفس الكامل، بعيدًا عن أي تجدد للأعمال العدائية. فقد عانت منطقتنا ما يكفي من ويلات الصراع، وحان الوقت لبدء مسيرة شفاء ومصالحة طويلة وضرورية بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 

كما نشعر بتشجيع كبير إزاء الالتزام الذي أبده المشاركون في قمة شرم الشيخ التي دشّنت تنفيذ هذا الاتفاق، وجهود العديد من الفاعلين الدوليين، ونأمل أن تتحوّل هذه التعبئة العالمية اللافِتة إلى عملية إنسانية واسعة النطاق توفر الإغاثة العاجلة للفلسطينيين في غزة، وغيرهم من المتضررين في منطقتنا الذين ما زالوا يعانون من التهجير والموت والإصابات والجوع وفقدان سبل العيش.

 

لذلك، ندعو إلى تدفّق سريع للمساعدات إلى قطاع غزة، بحيث لا يقتصر على الغذاء والمياه النظيفة والوقود والأدوية، بل يشمل أيضًا الملاجيء والمرافق الطبية المؤقتة، تمهيدًا لإطلاق برنامج شامل وسريع لإزالة الركام وإعادة بناء المنازل والمنشآت والبنية التحتية المدنية المدمرة.

 

وفي نفس الوقت، ننظر بقلق بالغ إلى تصاعد العنف في الضفة الغربية بالتزامن مع توسع المستوطنات هناك. ومن هذا المنطلق، نوجّه نداءً صادقًا إلى جميع الأطراف المعنية والمجتمع الدولي لتوسيع نطاق المفاوضات الحالية بحيث تشمل إنهاء الاحتلال في كلٍّ من الضفة الغربية وقطاع غزة، بما يقضي إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش جنبًا إلى جنب في سلام مع دولة إسرائيل. فبهذه الخطوة وحدها يمكن أن يتحقق سلام عادل ودائم في الأرض المقدسة وفي الشرق الأوسط بأسره.

 

ونخصّ بكلمة تشجيع إلى أبنائنا الذين يعيشون في كنيستي القدس بروفيريوس الأرثوذكسية والعائلة المقدسة الكاثوليكية، والعاملين في مستشفى الأهلي الإنجيلي، مؤكدين أن ثباتهم في الإيمان وسط المعاناة التي لا توصف خلال العامين الماضيين شكل لنا مثالًا يحتذى به. ونجدّد لهم صلاتنا ودعمنا، معلنين التزامنا بمواصلة العمل بإخلاص وجِدّ لضمان أن تكون الأسابيع والأشهر المقبلة برهانًا على صدق ثقتهم بالعناية الإلهية.

 

بهذه الروح، نتحّد مع إخوتنا المسيحيين ومع جميع أصحاب النوايا الحسنة في العالم شاكرين الله العالي الذي قادنا إلى هذه اللحظة المباركة، ونحن ندرك في الوقت ذاته أن مسيرة بناء السلام ما زالت في بدايتها. نسأل الله أن يمنحنا جميعًا النعمة والقوة لنكرّس أنفسنا مجددًا لهذه الرسالة السامية، كي يقودنا إلى العصر الذهبي للسلام الذي بشر به الأنبياء والحكماء منذ القدم، والذي من أجله قدم سيدنا المسيح حياته وقام من بين الأموات ليمنح البشرية حياةً جديدة.