تُعلن البطريركية اللاتينية في القدس عن إصدار كتاب رعوي جديد بعنوان: «صوت الله: تمييز الدّعوة للكهنوت وللحياة المُكرّسة» من تأليف الأب عبدالله دبابنه، مسؤول الدّعوات في البطريركيّة اللّاتينية.

قام غبطة البطريرك بييرباتستا بيتسابالّا بتقديم هذا الكتاب ليكون موجّهاً إلى الشباب والشابات الذين يشعرون بنداء داخلي من الرّب ويرغبون في السّير في مسيرة تمييز جدّية لاكتشاف ما يريده الله منهم في حياتهم. وقد قدّم غبطة البطريرك هذا العمل الرعوي الذي يأتي في إطار الجهود المتواصلة لتعزيز ثقافة الدّعوات في البطريركيّة اللّاتينيّة وتنمية الوعي لدى الأجيال الشابّة حول موضوع الدّعوة.

ينطلق هذا الكتاب من الإيمان بأن الدّعوة هي قبل كل شيء مبادرة إلهية، وأن الله ما زال يتكلّم في عمق القلب، داعيًا بعض أبنائه وبناته إلى حياة التكرّس والخدمة في الكنيسة. ويقدّم الكتاب رؤية روحية ولاهوتية متوازنة حول ماهيّة الدعوة المسيحية، وبخاصة الدعوة إلى الكهنوت والحياة المكرّسة، مبيّنًا أن هذه الدعوة ليست مجرّد خيار مهني أو التزام مؤسسي، بل مسيرة حبّ وبذل كامل للربّ ولشعبه.

يتناول الكتاب مختلف جوانب الدّعوة، فيبدأ من معنى الدّعوة كمسيرة نحو المجهول ولكن بثقة بالله، ويتوقّف عند العلامات التي تساعد الشّاب أو الشّابة على تمييز صوت الله في حياتهم، سواء كانت علامات داخلية تعبّر عن السّلام والفرح الرّوحيّ، أو خارجية تظهر من خلال شهادة الجماعة الكنسيّة. كما يتعمّق في شرح مراحل التمييز، وأهمية المرافقة الروحية، ودور الصلاة والأسرار في اكتشاف مشيئة الله. ويقدّم أيضاً إرشادات عملية ونصائح واقعية تساعد القارئ على التعامل مع التحديات والعوائق التي قد تعترض طريق الدعوة، مثل الخوف من الالتزام، أو ضغط المجتمع، أو ضعف الثقة بالنفس.

ولا يغيب عن الكتاب البعد الكنسي الجماعي، إذ يشدّد على أن تعزيز الدعوات هو مسؤولية مشتركة تقع على عاتق العائلة والرعية والمدرسة والحركات الرسولية، داعياً إلى بناء بيئة كنسية تشجّع على الإصغاء إلى صوت الرّب، وإلى الشّهادة الفرِحَة للكهنوت والحياة المكرّسة باعتبارهما دعوة إلى الفرح والعطاء لا إلى الحرمان أو العزلة. ويُختتم الكتاب بتأمّل إنجيلي عميق يدعو القارئ إلى مواجهة يسوع وجهًا لوجه، في لحظة حاسمة من الإصغاء والتسليم، ليقول معه: «تكلّم يا ربّ، فإنّ عبدك يسمع« .

يتميّز الكتاب بأسلوبه السّلس القريب من فكر الشباب ولغتهم، مع المحافظة على عمق روحي ولاهوتي راسخ، وهو يمتدّ على نحو ثمانين صفحة من الحجم الصغير، ما يجعله سهل القراءة والتداول في اللقاءات والأنشطة الرعوية. ويُعدّ «صوت الله» مرجعًا عمليًا للشّباب الذين يتساءلون بصدق عن دعوتهم، كما يفيد الكهنة والمرافِقين الروحيين والعائلات في مرافقة الدعوات الناشئة، إذ يجمع بين البعد التأمّلي والإرشاد الواقعي المنطلق من خبرة رعوية حيّة.

تمّ إطلاق الكتاب لأول مرّة خلال مهرجان يسوع الملك الذي تمّ الأردن بتاريخ 14/11/2025، وكما تمّ أيضاً إطلاقه خلال لقاء يسوع الملك المركزيّ في فلسطين الذي عُقد بتاريخ 21/11/2025، كما ويمكن الحصول على الكتاب الآن من خلال مكتب الدّعوات للبطريركيّة اللاتينية مباشرة، أو عبر شبيبة ستور في الأردن، ومكتبة يسوع الملك في فلسطين. وسيتم توفيره أيضاً في الإكليريكيّة في بيت جالا، وفي الرّعايا وأيضاً ضمن أنشطة مكتب الدّعوات.

إنّ هذا الإصدار يشكّل علامة أمل جديدة في مسيرة كنيستنا نحو تنمية الدعوات وتعزيز ثقافة الإصغاء لصوت الربّ. فالله لا يزال يدعو، والكنيسة لا تزال بحاجة إلى قلوب شجاعة تجيب بثقة وحبّ.

فلنصلِّ جميعاً كي يكون هذا الكتاب وسيلة نعمة تفتح آفاقًا جديدة في حياة شبابنا، فيسمع كلّ واحد في أعماق قلبه صوت الربّ، وكما يقول غبطته في تقديم الكتاب: «أتمنّى أن يُعين هذا الكُتاب على أن ينظّم الشّباب ما في داخلهم، وأن يميّزوا بين الأصوات التي تدعوهم، فيعرفوا أيّها يستحقّ الإصغاء وأيّها ينبغي يتجاوزوه. واتمنّى أن يُساعدهم على أن يُدركوا أنّ اتّباع الله هو أجمل وأروع وأعمق ما يمكن أن يقوم الشّاب به، وأنّ سعادتهم لا يجدوها إلاّ في حياةٍ تُعاش بملئها، بدون مساوماتٍ، وبحرّية. فالله وحده قادرٌ أن يمنحنا تلك الحرّية، وعندما نتبعه -بالطريقة التي يُريدها- تكمُن سعادتنا الحقيقيّة».