موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في تقريره لشهر أيار حول الوضع في غزة، يرسم السيد جوزيف حزبون، المدير الإقليمي للبعثة البابوية في فلسطين، والتابعة لوكالة الرعاية الكاثوليكيّة للشرق الأدنى، صورة قاتمة، تشمل الاكتظاظ في الكنيستين المسيحيتين في القطاع، وانعدامًا غذائيًّا "وصل إلى مستويات كارثية"، ووضعًا صحيًا "يزداد سوءًا".
وقال إنّ ما يقرب من مليوني شخص، أي حوالي 90% من سكان غزة، "تشردوا، ويعيشون في ظروف مكتظة وغير آمنة". وأضاف: "مع محدودية الوصول إلى الاحتياجات الأساسيّة مثل المياه النظيفة والغذاء والصرف الصحي، تتدهور الأوضاع الصحية بسرعة"، فيما "تواجه الفئات الضعيفة، بما في ذلك الرضع وكبار السن والنساء الحوامل، مخاطر متزايدة للإصابة بالأمراض وسوء التغذية والوفيات التي يمكن الوقاية منها".
وأضاف أن القصف الإسرائيلي المستمر منذ تشرين الأول 2023 قد ترك نظام الرعاية الصحيّة في حالة من الفوضى، مع نقص في الأدوية والكوادر الطبية. يُقدّر أن 96% من السكان يواجهون مستوياتٍ شديدة من انعدام الأمن الغذائي، وتعيش بعض العائلات على أقل من وجبتين يوميًا. ويُفيد بأنه "حتى منتصف أيار، أُجبر أكثر من 90 مطبخًا مجتمعيًا على الإغلاق بسبب نقص الوقود والإمدادات، بينما لا تستطيع المطابخ المتبقية توفير وجبات كافية لتلبية الاحتياجات الغذائية للسكان".
وأفاد أن العديد من المسيحيين فرّوا من غزة أو حاولوا الفرار منها منذ بدء الحرب، لكن مغادرتها كانت صعبة.
ويقيم حوالي 400 شخصًا نازحًا في مجمّع كنيسة العائلة المقدسة، الكنيسة الكاثوليكية الوحيدة في القطاع. وأوضح السيد حزبون أن المساعدات الإنسانيّة المحدودة تُوزع مرتين شهريًا فقط، وأن أكثر من 100 شخصًا اختاروا العودة إلى منازلهم المتضررة بسبب الاكتظاظ.
وقال: "على الرغم من هذه التحدّيات، لا تزال الكنيسة ملتزمة بدعم المجتمع. فهي تقدم دعمًا نفسيًّا واجتماعيًّا حيويًّا للأطفال من خلال برامج منظمة، وقد أنشأت مدرسة صغيرة وروضة أطفال لضمان استمرارية التعليم خلال هذه الأزمة".
كما تؤوي كنيسة القديس بورفيريوس للروم الأرثوذكس حوالي 150 شخصًا، وكما هو الحال مع كنيسة العائلة المقدّسة، عاد البعض إلى منازلهم المتضررة جزئيًا بسبب الاكتظاظ.
وقال: "على الرغم من هذه التحديات، تواصل الكنيسة تقديم دعم أساسي لكل من النازحين داخل الكنيسة وللأسر الضعيفة في المنطقة المحيطة". وأضاف: "بالنسبة للأطفال، توفر الأنشطة الترفيهية الصغيرة استراحة قصيرة من الصدمة المستمرة، على الرغم من أن هذه الجهود مقيدة بالنقص الحاد في الموارد".
تُشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن أكثر من مليون طفل في غزة يحتاجون إلى دعم نفسي واجتماعي. إضافةً إلى ذلك، تضرر أو دُمر ما يقرب من 85% من مدارس غزة. وقال السيد حزبون: "لم يتمكن آلاف الطلاب من أداء امتحانات الثانوية العامة، مما زاد من تفاقم الأثر على مستقبلهم".
بالتعاون مع مجلس كنائس الشرق الأدنى، توزع البعثة البابويّة التابعة لوكالة الرعاية الكاثوليكيّة للشرق الأدنى، الخضراوات الطازجة عند توفرها في الكنيستين، وكذلك على الأشخاص الذين يعيشون في منازلهم. ولطالما دعمت البعثة البابويّة مستشفى الأهلي العربي، ومنذ كانون الثاني الماضي، دخلت في شراكة معه لتقديم خدمات طبية عاجلة.
وقال السيد حزبون: "تُعد هذه الخدمات حيويّة في ظل مواجهة غزة ارتفاعًا مُقلقًا في الإصابات وحالات الصدمات وضحايا الحروق وانتشار الأمراض المعدية على نطاق واسع بسبب الظروف غير الصحية والمياه غير الآمنة. المستشفى، الذي يعمل الآن على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، مُثقل بالأعباء، ويستخدم كل مساحة متاحة لرعاية المرضى".
في ختام مقابلته العامة بالفاتيكان في 28 أيار، دعا البابا لاون الرابع عشر إلى السلام في غزة.
وقال: "من قطاع غزة يرتفع إلى السماء، أكثر فأكثر، بكاء الأمهات والآباء الذين يحتضنون أجساد أطفالهم بلا حياة، والذين يُجبرون باستمرار على التنقل بحثًا عن القليل من الطعام وعن مأوى أكثر أمانًا من القصف. أجدد ندائي للمسؤولين: ليتوقّف إطلاق النار؛ وليتم إطلاق سراح جميع الرهائن؛ وليُحترم القانون الإنساني بالكامل".
وفي مقابلة مع فاتيكان نيوز، قبل يوم واحد من نداء البابا، دعا الكاردينال بيترو بارولين، أمين سرّ دولة حاضرة الفاتيكان، إلى وقف قصف غزة، والسماح بوصول المساعدات الضرورية إلى السكان، وإلى حماس للإفراج الفوري عن جميع الرهائن المتبقين.