موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
ترأس البابا لاون الرابع عشر، الأحد 20 تموز 2025،، القداس الإلهي في كاتدرائية القديس بانكراس بمدينة ألبانو لاتسيالي، الواقعة على بُعد نحو 30 كيلومترًا جنوب شرق روما. وتُعدّ هذه الكاتدرائيّة الكنيسة الاسميّة التي أُوكلت إليه عقب تعيينه كاردينالًا من قبل البابا الراحل فرنسيس.
وفي تأمله للقراءة الأولى والإنجيل، قال إنّ هذه النصوص تدعونا إلى التأمل في الضيافة والخدمة والإصغاء.
واستعرض قداسته أولاً القراءة الأولى من سفر التكوين، حيث زار الله إبراهيم في هيئة ثلاثة رجال "عند احتداد النهار".، لافتًا إلى أنّ استجابة إبراهيم للزّوار، بصفته رب البيت، كانت كرم ضيافة. وبهذا الموقف، تبدّل الجو، وكما أشار قداسته "امتلأ سكون الظهيرة بعلامات محبّة" من إبراهيم وزوجته سارة، والخدم أيضًا. وهناك أنبأه الله بأجمل نبأ كان يمكن أن ينتظره: "سيَكونُ لِسارةَ امرَأَتِكَ ابنٌ".
وهذا اللقاء، يُشجّعنا على التأمل كيف اختار الله طريق الضيافة ليدخل في حياة إبراهيم وسارة.
بعدها توقّف البابا لاون الرابع عشر عند معنى الضيافة في العهد الجديد. وقال إنّ المقطع الإنجيلي (لوقا 10، 39-42) "يعلّمنا طريقة عمل الله"، فقد حلّ يسوع ضيفًا في بيت مرتا ومريم؛ لم يكن غريبًا، بل في بيت أصدقاء، وكان الجو جو عيد.
تتفاعل الأختان مع ضيفهما بطريقتين مختلفتين تمامًا: إذ رحّبت مرثا به بالخدمة، بينما جلست مريم عند قدميه تصغي إليه. وحين اشتكت الأولى، وهي تريد من أختها أن تساعدها في الأمور العمليّة، أجابها يسوع ودعاها إلى أن تقدّر قيمة الإصغاء. مع ذلك، شدّد البابا على أنّه "من الخطأ أن نرى تعارضًا بين هذين الموقفين، أو أن نقارن بين المرأتين".
وقال إنّ الخدمة والإصغاء هما بُعدان توأمان للضيافة. فعندنا نسعى لعيش هذين البعدين في حياتنا اليوميّة، يجب أن تأتي علاقتنا مع الله في المقام الأوّل، وأن نعيش إيماننا بواقعية بالعمل والوفاء بواجباتنا، حسب حالة كل واحد ودعوته.
ولكن لا يمكننا تحقيق ذلك إلا بعد التأمل في كلمة الله، والانتباه إلى ما يوحي به الروح القدس إلينا. ولتحقيق ذلك، دعا البابا إلى أن "نخصّص أوقاتًا من الصمت والصلاة، ولحظات نُسكت فيها الضجيج والمُلهِيات، وأن نختلي أمام حضرته، ونثبِّت وحدة الحياة في داخلنا".
العطلة الصيفيّة والله
ولهذا الغرض، تابع البابا لاون في عظته، "يمكن أن تكون أيام الصيف وقتًا مناسبًا لنعمة الله، نختبر فيها جمال وأهمية الألفة مع الله، ومدى ما يمكن أن تساعدنا لنكون أكثر انفتاحًا بعضنا على بعض وأكثر ترحيبًا ببعضنا البعض".
وقال: "نجد في أيام الصيف المزيد من وقت الفراغ، سواء لنختلي ونتأمل، أو لنلتقي بعضنا ببعض، بالتنقل وتبادل الزيارات. فلنغتنم الفرصة لنتذوق، بعد دوامة الالتزامات والهموم، بعض لحظات من الهدوء والسكينة، وأيضًا لنشارك فرحة اللقاء بعضنا ببعض فنجعل من هذه اللحظات فرصة لنهتم بعضنا ببعض، ونتبادل الخبرات والأفكار، ونقدم الفهم والنصيحة المتبادلة: فذلك يجعلنا نشعر بالمحبّة".
وبهذه الطريقة، شدّد البابا لاون الرابع عشر، "من خلال التضامن ومشاركة الإيمان والحياة، سنعزّز ثقافة السلام، وسنساعد الذين هم حولنا على تجاوز الانقسامات والعداوات وعلى بناء الوحدة والشركة: بين الأشخاص، وبين الشعوب، وبين الأديان".
وأدرك أنّ "الخدمة والإصغاء ليسا دائمًا سهلين، وإنهما يتطلبان التزامًا وقدرة على التضحيّة".
وقال: "ففي الإصغاء والخدمة، نجد الجهد في الأمانة والمحبة التي بها يواصل الأب والأم الاهتمام بعائلتهما، كما نجد الجهد في الالتزام الذي يبذله الأبناء، في البيت والمدرسة، لمقابلة جهود ذويهم، ونجد الجهد في محاولة فهم بعضنا بعضًا عند اختلاف الآراء، وفي المسامحة عند الوقوع في الخطأ، وفي تقديم المساعدة عند المرض، والسند عند الحزن".
وشدّد البابا لاون على أنّه "وبهذه الطريقة فقط، وبهذه الجهود، يمكن أن نبني شيئًا صالحًا في الحياة. وبهذه الطريقة فقط تنشأ وتنمو علاقات أصيلة وقوية بين الناس، ومن الأرض، ومن الحياة اليومية، ينمو ملكوت الله، وينتشر، ويصير حاضرًا".