موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
قال مدير المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، الأب الدكتور رفعت بدر، لوكالة الأنباء الأردنيّة (بترا)، إن بطريركي القدس للاتين والروم الأرثوذكس وجه نداءً مشتركًا بوقف الحرب في غزة فورًا، ورفض التهجير القسري والجماعي المتعمّد للمدنيين.
وأضاف أن قداسة البابا لاون الرابع عشر جدّد نداءه إلى جميع الأطراف المعنية والمجتمع الدولي لوقف الصراع الذي أسفر عن موجة من الرعب والدمار والموت، مشدّدًا على ضرورة ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة بأمان وحماية المدنيين.
وأشار بدر إلى أن الوضع الراهن يعد من أصعب المراحل التي يمر بها الشعب الفلسطيني، خصوصًا في غزة، التي تعاني منذ عامين من عدوان مستمر تخلله تهجير قسري للسكان، وهدم واسع للمنازل، وقتل الأبرياء، وصولاً إلى أوامر بالإخلاء الجماعي لمناطق بأكملها تشمل الكنائس ودور العبادة.
وأوضح أن الموقف المسيحي في غزة لا ينفصل عن الموقف الوطني الفلسطيني، فالمسيحيون جزء أصيل من النسيج المجتمعي الفلسطيني، رغم قلة عددهم، وقدموا تضحيات كبيرة، وارتقى عدد من أبنائهم شهداء خلال الاعتداءات المستمرة على القطاع.
ولفت إلى أن كنيسة العائلة المقدسة وكنيسة القديس برفيريوس تؤويان مئات المواطنين الفارين من القصف، مؤكدًا أن الأهالي يصرون على البقاء في غزة رغم المخاطر، قائلين: "نموت معا أو نبقى معًا". وأضاف أن الرفض المسيحي للامتثال لأوامر الإخلاء ينبع من موقفين: إنساني، يتمثل في حماية الأطفال والمرضى وكبار السن وذوي الاحتياجات الخاصة، ووطني، يتمثل في التمسك بالأرض والمقدسات، خشية أن تتعرض هذه الأماكن للهدم أو الإزالة.
وحذر الأب بدر من أن تنفيذ أوامر الإخلاء يشكّل تهديدًا مباشرًا ليس للمباني والمقدسات فقط، بل أيضًا للوجود المسيحي الفلسطيني في غزة، محذرًا من أن ذلك قد يؤدي إلى نهاية فعلية للوجود المسيحي التاريخي في القطاع، الذي ظل متينا منذ القرون الأولى للمسيحية رغم الحروب والصعوبات.
وأكد أن استهداف الكنائس وتهجير رعاياها يمثل سابقة خطيرة تمس التعددية الدينية والثقافية في المجتمع الغزي، محذرًا من أن ذلك يهدّد مكوّنًا أصيلاً من النسيج الفلسطيني، ويزعزع التعددية الاجتماعية والثقافية التي أسهم المسيحيون فيها منذ عقود، عبر المدارس والمستشفيات والخدمات المجتمعية المختلفة.
من جهته، أكد الأب عماد الطوال، كاهن رعية اللاتين في ماركا الشمالية، أن موقف الكنيسة تجاه الأحداث في غزة إنساني وأخلاقي قبل أن يكون روحيًّا، مشدّدًا على رفض الحرب والقتل وتجويع الأطفال وحرمان المدنيين من حقوقهم الأساسية.
وأوضح أن الكنيسة تعتبر نفسها ملاذًا إنسانيًّا يحتضن المحتاجين من خلال مدارسها ومؤسساتها الاجتماعية وخدماتها المتنوعة، بالتعاون مع منظمات المجتمع المدني وعلى رأسها كاريتاس، موضحًا أن المشاهد اليوميّة للأطفال الذين فقدوا عائلاتهم والمرضى المحرومين من العلاج تحمل المجتمع الدولي مسؤولية أخلاقية تجاه هذه المآسي، وأن الصمت عنها يعد تخليًا عن المبادئ الإنسانية.
وشدّد الطوال على أن الكنيسة ترفع صوتها دائمًا دفاعًا عن كرامة الإنسان بغض النظر عن دينه أو انتمائه، كما تواصل الكنيسة في الأردن والأرض المقدسة إرسال المساعدات إلى غزة، ومرافقة أهلها بالصلاة والدعم الروحي والميداني، مشيدًا بالمواقف العملية والروحية لقداسة البابا لاون الرالبع عشر وزيارات غبطة البطريرك بييرباتيستا بيتسابالا إلى غزة رغم القصف، بوصفها دليلاً على التزام الكنيسة تجاه المتألمين.