موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر السبت، ٣٠ مارس / آذار ٢٠٢٤
قيامة خارقة الطبيعة

أشخين ديمرجيان :

 

فرحتنا عظيمة ونحن تحتفل اليوم بعيد القيامة المجيدة! ونحن على استعداد تامّ لخدمته تعالى والتعبّد له بتواضع. كم تحمل هذه المناسبة السعيدة من معانٍ سامية في هذا اليوم المقدّس الذي نُعدّد فيه أحلامنا برجاء القيامة. أرجو أن تهبّ على الكنيسة نفحة روح القدّوس من العلاء، حتّى يتسنّى لنا أن تُردّد على مثال المعلّم : "ما يُعجِزُ الناس فإنّ الله عليه قدير" (لوقا 18: 27).

 

هنالك مصادر غنيّة خارج الكتاب المقدّس وشهادات عن السيّد المسيح وعن قيامته المجيدة، وردت في وثائق تاريخية، كتبها بعض المؤرّخين "غير المسيحيين". نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: المؤرّخ يوسيفوس فلافيوس. كان فلافيوس مؤرّخًا يهوديًا ثم صار رومانيًا، ونسب نفسه إلى سلالة "فلافيوس" (أي إلى غير قومه اليهود). كتب: "كان في اليهوديّة رجلاً اسمه يسوع، وكان إنسانًا حكيمًا، اذا جاز أن نسمّيه فقط إنسانًا. كان يقوم بالمعجزات ويعلّم الناس الحق فيقبلونه بصدور منشرحة. لقد انجذب إليه كثير من اليهود وأيضًا كثير من اليونانيين الوثنيين. هذا الإنسان هو المسيح. وعندما حكم عليه الوالي الروماني بيلاطس –ممثل قيصر روما في أورشالم– حكم عليه بالموت صلبًا بتحريض من رؤساء الكهنة اليهود، لم يتخلّ عنه تلاميذه ومحبّوه، وظهر لهم حيًّا في اليوم الثالث بعد موته كما تنبّأ الأنبياء العظام. وهنالك ألف خارقة أخرى تخصّه. كما أنّ عشيرة المسيحيين الذين يحملون اسمه باقية إلى اليوم".

 

من المستحيل أن يسرد المؤرّخ يوسيفوس قصة كهذه إن لم تكن حقيقة بالأخصّ لأنّه ذكر اسم الوالي بيلاطس الذي أدان المسيح ... ولا يصدر من العدو عادة إلاّ كلّ ما هو سلبي ينسبه إلى عدوّه. لذلك تكون شهادة العدو نزيهة تُقرّ بالواقع التاريخي بصدق وأمانة دون تحيّز ومحاباة...

 

 وشهادة أخرى من الحجر لا البشر: في زمن السيّد المسيح، كان من عادة اليهود عامة والأغنياء خاصة أن يُدفنوا في قبور تُغلق بحجر دائري كبير، يتدحرج في مجرى مائل إلى أسفل كي يُقفل بسهولة. ولكن من الصعب فتح القبر الاّ بمشاركة رجلين على الأقلّ كي يرفعوا الحجر الموضوع على القبر إلى أعلى.

 

أضف إلى ذلك أنّ الوالي الروماني أصدر أمرًا بوضع الختم الروماني على الحجر الذي يغطّي قبر المسيح، وأيضًا بتعيين حرّاس للقبر، بناءً على طلب اليهود. كان الختم الروماني على الحجر أكثر أهمّية من الحجر الثقيل ، وذلك لأنّ الختم يحمي القبر من السارقين.  وقد تمّ ختم الحجر بحضور الحرّاس الرومان المسؤولين عن حراسة الختم، حتى يحافظوا على سلامة الختم الروماني: رمز السلطة والقوة. وبخضوع القبر لحراسة مشدّدة ومبالغ فيها، أضافوا شهادة أخرى قوية وحقيقة واضحة، وهي أنّ القبر كان فارغًا لأنّ المسيح قد قام.

 

هكذا دخل اسم السيّد المسيح في ملفّات التاريخ عن طريق الحكم عليه بالصّلب ولم يكن مجرمًا (حاشى وكلا). وقام السيّد المسيح في اليوم الثالث ووطّد أركان إيمان أتباعه من المؤمنين والرسل. لأنّه "إذا لم يكن المسيح قد قام، فإيمانكم باطل" (1 قورنتس 15: 17). ولكن المسيح قام "وقد ابتلع النّصرالموت" (قورنتس 15: 54).

 

القيامة تؤكّد لنا الرجاء! نعم الرجاء أمام الضيقات مهما عظمت ومهما طالت. وكلّما أمعنّا النظر أو وضعنا نصب أعيننا أو تأمّلنا معاني الرجاء، كلما انعكس ذلك على حياتنا اليوميّة وانطبع في تصرّفاتنا وتطلّعاتنا ونهج حياتنا. ومع أنّ الحياة عرضة لنوائب وأوجاع ومشقّات كثيرة كما هي اليوم، لكنّنا نحصل مع الرجاء على السلام والقوّة والتفاؤل والنور... نور الحياة الجديدة التي تفتح لنا أبواب السماء على مصراعيها لحلّ مشاكل البشريّة جمعاء إن شاء الله.

 

خاتمة

 

تبقى التهاني منقوصة وكذلك الفرحة بسبب الحرب والكوارث، على أمل أن يُسبغ علينا الربّ رحمته الواسعة بأجواء من الفرح! استجب يا رب!

 

حقّاً قام! ونحن شهود على ذلك. وكلّ عام وأنتم بخير!