موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أحيا المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام، صباح اليوم الخميس 19 حزيران 2025، اليوم العالمي للاجئين، المقر من منظمة الأمم المتحدّة، وذلك بالتعاون مع جمعية كاريتاس الأردنيّة وهيئة الخدمات الأمريكيّة.
وأقيمت الاحتفاليّة في مركز سيّدة السلام التابع للبطريركيّة اللاتينيّة، بحضور النائب البطريركي في المملكة المطران إياد الطوال، وسفير دولة الفاتيكان المطران جوفاني دال توسو، وممثلين عن مجلس رؤساء الكنائس، ورجال الدين المسيحي والإسلامي.
وبعد السلام الملكي، ومعزوفات من موسيقى القوات المسلحة، أشاد مدير عام المركز الكاثوليكي الأب رفعت بدر بدور الأردن الرائع والرائد على مدار السنوات الماضية في استضافة الآلاف من اللاجئين والمهجريّن، والذين وجدوا فيه حضنًا دافئًا وذراعان تستقبلان وتعرفان فن التواصل والاستقبال والاحتضان. وأشار في هذا السياق إلى الإشادات البابويّة؛ فقد وصفه البابا يوحنا بولس الثاني بأنّه بلد "الضيافة والانفتاح"، بينما أطلق الراحل البابا فرنسيس العديد من الإشادات واصفًا جلالة الملك بأنّه "رجل سلام ويسعى جاهدًا لتحقيق السلام".
وثمّن الأب بدر خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني المعظم أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ قبل أيام، مؤكدًا أن إيمان الأردن الراسخ بالقيم الإنسانيّة المشتركة، ومبادئه الوطنيّة المبنيّة على التسامح والاحترام المتبادل، قد كانا المحرّك لكي يحمل بلد المعموديّة رسالة إنسانيّة ساميّة في استضافة اللاجئين من 35 جنسيّة، وبالدعوات المستمرّة لجلالة الملك من أجل السلام والاستقرار في المنطقة، لأنّ السلام المبنيّ على العدالة والاحترام لكرامة الإنسان سيخفّف بشكل مباشر مشكلة اللاجئين ومعاناتهم، من خلال وضع حدّ للعنف والحروب التي تدفع الناس إلى الهجرة القسريّة.
من جهته، استحضر بلال عليمات، مدير البرامج الإقليمي في هيئة الخدمات الأمريكيّة، التزام المملكة الأردنيّة الهاشميّة الثابت والمشرف تجاه اللاجئين. وقال: لقد كان الأردن على الدوام وجهة لكل ملهوف ومظلوم، وملاذًا إنسانيًّا حقيقيًّا في منطقة غلب عليها عدم الاستقرار. واستقبلت المملكة على مرّ العقود موجات متعدّدة من اللاجئين من وجهات مختلفة، واحتضنتهم رغم محدوديّة مواردها وتحدياتها الاقتصاديّة، داعيًا المجتمع الدولي إلى استمرار دعم الأردن في جهوده الإنسانية، وتمكينه من الاستمرار بهذا الدور النبيل.
وأكد أنّ الأردن، بقيادته الهاشميّة الحكيمة، كان نموذجًا عالميًّا في الاستجابة لأزمات اللجوء، مكرسًّا مفاهيم التضامن والرحمة، وهو ما ظهر بصورة جليّة في استجابته للكارثة الإنسانيّة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة، والتي تفاقمت بفعل العدوان المستمرّ، وما تبعها من دمار واسع، وتدهور شامل في مقومات الحياة الأساسيّة، وانهيار في المنظومة الإنسانيّة، مشدّدًا على أنّ معاناة غزة هي تذكير بالعلاقة القائمة بين حقوق الإنسان والعدالة الانسانيّة، والعمل من أجل سلام عادل وشامل يشمل أبعادًا اجتماعيّة وإنسانيّة في آنٍ واحد.
وألقى اللاجىء الشاب محمد علي شيحان، من مخيم الأزرق للاجئين السوريين، كلمة أعرب فيها عن عميق الشكر لجميع الجهود التي نظرت واستمعت للاجئين "لا كمجرّد أرقام في تقارير، بل كأرواح تسعى لحياة آمنة وعيش كريم". وقال: "لم نكن يومًا صانعي حروب أو صراعات! ولم يكن اللجوء خيارًا في مخيلتنا إطلاقًا، بل كان لجوءنا نتاج حروب ملتهبة تئن من العنف والاضطهاد والمصالح البغيضة والاستقواء. ففي ليلة وضحاها وجدنا أنفسنا خارج أوطاننا! ورغم ذلك، ما زلنا وسنبقى نحمل الأمل لأنّنا لم نفقد أبدًا إيماننا بالإنسان، ولا أملنا بالعدالة والأمان".
وقدّم شيحان قصة نجاح رغم التحدّيات التي واجهها، موضحًا أنّ الرياضة كانت له بمثابة شمعة أمل في نفق اللجوء، ووجد فيها دواءً وشفاءً، ومساحة للحريّة ومتنفسًا للروح، وجسرًا نحو الأمل، ووجد فيها أيضًا العدالة التي افتقدها، والفرصة التي لم تسأله عن جواز سفر، والانتماء الذي لا يُقاس بحدود أو جنسيات. فعلى الملاعب تساوت الأقدام، واختفت الفوارق، وظهرت الحقيقة التي مفادها أن اللاجئ ليس عبئًا، بل طاقة!
وأردف مخاطبًا الحضور بالقول: "نعم نحن لاجئون، ولكننا بشر نحمل في قلوبنا الإصرار، وفي أيدينا العمل المخلص، وفي أعيننا الطموح". ولفت إلى أنّه "لا يوجد مخلوق على وجه هذه البسيطة يستطيع بعد ولادته أن يختار اسمه أو لونه أو جنسه أو جنسيته أو مذهبه أو دينه أو عرقه أو لغته"، مشدّدًا على أهميّة نبذ خطاب الكراهية، والإيمان بسياسة اللاعنف، وبأنّ التغيير الحقيقي لا يأتي عبر الصراع، بل عبر التعاون والحوار والأخوّة".
وتضمنت الاحتفاليّة التي تولت عرافتها الأستاذة رانيا دحابرة، على عرضٍ لفيديو وثائقي من إعداد المركز الكاثوليكي حول أهميّة إحياء اليوم العالمي للاجئين ورسالته الإنسانيّة لعالم اليوم، وفيديو آخر حول عمل كاريتاس مع اللاجئين على مدار عقود، ومعرض لأعمال ومنتوجات اللاجئين في المملكة، وبالأخص مع جمعية كاريتاس الأردنيّة والبعثة البابويّة من أجل فلسطين.