موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٢٢ يوليو / تموز ٢٠٢٢
هل تساهم زيارة البابا إلى كندا في دفع مسيرة المصالحة مع السكان الأصليين؟

أ ف ب :

 

يقوم البابا فرنسيس، من 24 وحتى 30 تموز الحالي، بزيارة إلى كندا وفاءً بوعده من أجل تقديم اعتذار عن دور الكنيسة الكاثوليكية، وتحديدًا الجمعيات الرهبانيّة في المدارس الداخلية التي كان يتعرض المقيمون فيها لسوء المعاملة.

 

وكان السكان الأصليون الكنديون ينتظرون ويأملون منذ سنوات أن يحصلوا على اعتذار شخصي من البابا عن مسؤولية الكنيسة عن المدارس الداخلية حيث تم اقتياد حوالي 150 ألف طفل قسرًا من منازلهم، وتعرّض كثيرون لسوء المعاملة والاغتصاب وسوء التغذية، الأمر الذي وصفته لجنة الحقيقة والمصالحة سنة 2015 بأنه "إبادة ثقافية".

 

تشرح ماري بيير بوسكيه، أستاذة الأنثروبولوجيا ومديرة برنامج دراسات السكان الأصليين في جامعة مونتريال الكنديّة، أن هذه الزيارة المقرر إجراؤها في نهاية شهر تموز ينبغي أن تشكل محلّ اهتمام للبلد بأكمله، الذي يواجه أحلك جوانب تاريخه.

 

 

لقد اعتذر البابا سابقًا عن المدارس الداخلية، فأين تتجلى أهمية رحلته إلى كندا؟

 

"بالنسبة إلى السكان الأصليين وحتى بالنسبة لجميع الكنديين، من الأساسي أن يتم إعلان الاعتذارات هنا، على الأراضي الكندية. وهذا يمنحهم قوة جديدة تمامًا ونطاقًا آخر. علاوة على ذلك، في ثقافات السكان الأصليين، فإن أرض الأجداد لها أهمية خاصة.

 

وعلاوة عن ذلك، من المهم أن يحضر العديد من الناجين. إنه طلب قديم جدًا، كانوا ينتظرون التفاعل معه منذ سنوات. والأجيال ستختبر ذلك بشكل مختلف. نشعر أن المواطنين الشباب مهتمون، ولكن لا يبدو أنهم يعرفون حقًا ما يمكن توقعه. بالنسبة لكبار السن، لازالوا يأملون رغم أنه كانت هناك خيبات أمل كثيرة ووعود كاذبة".

 

 

ما الذي يأمله السكان الأصليون بالضبط من هذه الرحلة؟

 

بالنسبة للبعض، التوقعات كبيرة، فهم يأملون في حدوث تغييرات كبيرة بعد الزيارة، وإحراز تقدّم من حيث المصالحة، والتمويل للخروج من ظروفهم الصعبة للغاية في كثير من الأحيان... وحتى أولئك الذين يعتقدون أنه "قليل ومتأخر جدًا"، ما زالوا منتبهين ومهتمين جدًا بما يحدث. لكن في النهاية، فأهميتها تكمن بشكل أساسي في رمزيتها. وهذا مهم بالفعل لأن الكثير من الأشياء يجب أن تظهر. إنها المشاعر التي لم يتم التعبير عنها لسنوات.

 

من جهة أخرى، يحتاج السكان الأصليون إلى التحدث بصوت عالٍ والاستماع إليهم. حتى لو كان بعض ما يمكن أن يقولونه سلبيًا، فمن الأهميّة بمكان أن يسمع جميع الكنديين غضبهم وحزنهم... يجب أن يكونوا حاضرين. هذه الزيارة ليست احتفالاً. مناسبة لإحياء الذكرى وإبداء الاحترام، ويجب أن يكون الناجون من المدارس السكنية في قلب العملية حتى يكون لهذا معنى".

 

 

هل يمكن أن تكون هذه الخطوة مفيدة للمجتمع الكندي الذي يبدو أنه بات أكثر وعيًا مؤخرًا بهذا الجزء من تاريخه؟

 

لقد تطوّر وعي المجتمع في الأشهر والسنوات الأخيرة بشأن هذه القضايا كثيرًا. فالبلاد تواجه تاريخها. اليوم، يدرك الكنديون أن الماضي الذي سمح لكندا بأن تكون الدولة العظيمة التي هي عليها اليوم ليس كما كانوا يعتقدون. من ناحية السكان الأصليين، هناك رغبة قوية جدًا في إنهاء الاستعمار، بحيث يواجه المجتمع الكندي اليوم عواقب نظام الاستيعاب الذي تم وضعه منذ عقود. ستكون خيبة أمل كبيرة إذا لم يحدث هذا الإدراك".