موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
في جوّ من الأمل والوحدة، احتفل لبنان يوم أمس بعيد الاستقلال، إحياءً لذكرى انتهاء الانتداب الفرنسي عام ١٩٤٣. وفي رسالته إلى الأمة، خصّ الرئيس جوزاف عون زيارة البابا، التي تبدأ الأحد المقبل، بترحيب حار حيث قال إنّ "اللبنانيين سيستقبلون معًا قداسة البابا لاون الرابع عشر في حدث وطني استثنائي".
ووفقًا لتعليمات مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ستُقرع أجراس جميع الكنائس والأديرة الكاثوليكية في البلاد لمدّة خمس دقائق عند الساعة 3:45 بعد الظهر، عند هبوط الطائرة البابوية في مطار بيروت. كما ستقام صلاة وسجود للقربان الأقدس لثلاثة أيام، من الخميس إلى السبت، بناءً على طلب البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، "من أجل نجاح الزيارة، وطلبًا لنعمة السلام العادل والدائم في لبنان ودول الشرق الأوسط".
من جهتها، أعلنت الحكومة اللبنانية يومي الأول والثاني من كانون الأول عطلة رسمية "للسماح لمختلف القطاعات بالمشاركة في استقبال قداسته"، وأمرت بإغلاق جميع الإدارات العامة وجميع الجامعات والمدارس الرسمية والخاصة.
في الأبرشيات، تجري الاستعدادات على قدم وساق للمشاركة في قداس يوم الثلاثاء الاحتفالي على واجهة بيروت البحرية، وكذلك للقاء البابا مع الشباب، المقرّر إقامته بعد ظهر يوم الاثنين في مقرّ البطريركية المارونية. يقول الأب جان يونس، الأمين العام لمجلس البطاركة، إن عدد الأماكن المحجوزة -والمخصصة للأبرشيات الكاثوليكية بناءً على أعداد أتباعها- قد وصل إلى 120 ألفًا بحلول مساء الجمعة، وهو سيرتفع حتمًا في الأيام المقبلة.
على طول الطريق الرئيسي المؤدّي من مطار بيروت إلى قلب العاصمة اللبنانية، تُزين لافتات ترحيب بالبابا عبارة: "لبنان يريد السلام". أجل، فالخميس المقبل يصادف مرور عام على اتفاق "وقف الأعمال العدائية" بين إسرائيل وحزب الله. وهو عامٌ شهد استمرار سقوط الضحايا في لبنان. وتشير آخر حصيلة إلى 343 قتيلًا و661 جريحًا -ثلثهم من المدنيين- في حوالي 900 غارة جوية وهجوم بالطائرات المسيرة الإسرائيلية.
في الحقيقة، ليست الحرب مع إسرائيل سوى الحلقة الأخيرة من سلسلة الكوارث التي حلّت ببلاد الأرز في السنوات الأخيرة. فلبنان لم يتعافَ بعد تمامًا من الأزمة الماليّة التي بدأت عام 2019، وأدّت إلى انهيار عملته الوطنية وما نتج عن ذلك من إفقار ثلاثة من أصل أربعة لبنانيين.
حدث مؤلم آخر -سيذكره البابا بصلاة صامتة- هو الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 آب 2020، وأودى بحياة 246 شخصًا. سيجد البابا في النهاية لبنان يجاهد من أجل إيجاد استقرار داخلي في منطقة مليئة بالتوتّرات. وهو يواجه الآن خطر إعادة تشكيل سياسي يتجاهل رسالته كأرض مثالية للحوار المسكوني والحوار الإسلامي المسيحي. لأنّ لبنان، بفضل الوجود المسيحي القوي فيه والنشاط التعليمي والاجتماعي للكنيسة فيه، يمثّل استثناءً في المشهد الشرق أوسطي يستحق الحماية.
بدأت بوادر الأمل تلوح في الأفق. سيطلب المؤمنون القادمون من بلدة يارون الجنوبية من البابا لاون الرابع عشر أن يبارك حجر أساس كنيستهم المُكرَّسة على اسم مار جاورجيوس، والتي دمّرها الإسرائيليون خلال الحرب الأخيرة، ليضعوه مجدّدًا في أساسات بنائها الجديد.
وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صلاةٌ من أجل نجاح الزيارة، كتبها الأب جوزيف سلوم، كاهن رعية كنيسة القديس فوقا في غادير، وهي على الطريق الذي سيسلكه البابا إلى مزار حريصا المريمي، يقول فيها: "نضع لبنان وديعة بين يديك يا ربّ، فأنت تعلم جيدًا أنّ معاناته قد طالت. ندعوك من أجل البابا لاون الرابع عشر، الذي يأتي باسمك إلى أرض لبنان. فلتحمل زيارته نعمة وتجدّدًا وبركات إلى بلد الرسالة، وليتحقّق كلام إشعيا النبي: "عمّا قليل يتحوّل لبنان إلى جنّة".