موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
"اشعروا هذا المساء باحتضان الكنيسة بأسرها، التي تنظر إلى نضارة حياتكم وعفويتكم بفرح وتعاطف وثقة".
بهذه الكلمات توجّه الكاردينال ماتيو تسوبي، رئيس مجلس أساقفة إيطاليا، إلى نحو 40 ألف من الشبيبة الإيطاليّة احتشدوا مساء الخميس 31 تموز 2025، في ساحة القديس بطرس، خلال أمسية صلاة ضمن فعاليات يوبيل الشبيبة. وقد تخللت الأمسية ترانيم وصلوات وقراءات من الكتاب المقدّس، إلى جانب شهادات إيمانيّة مؤثّرة، وتميّزت بجوٍ من القرب الروحيّ من المتضرّرين في مناطق النزاع.
"على البشريّة أن تضع حدًا للحرب، وإلا فستقضي الحرب على البشريّة". بهذه العبارة القويّة، علّق الكاردينال تسوبي في كلمته على رسالة مصوّرة وجّهها بطريرك القدس للاتين، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، وكذلك على مقطع من إنجيل متى، حيث يُسلّم يسوع بطرس مفاتيح ملكوت السماوات.
وتوجّه رئيس مجلس أساقفة إيطاليا بفكره إلى "الصلبان المجنونة التي بناها رجال يصنعون الأسلحة للقتل"، مدمّرةً كلّ ما يمنح الحياة، بما في ذلك المستشفيات. وندب قائلاً: "الكنيسة تقف تحت الصليب، وعيناها تذرفان الدموع، وقلبها مجروح من شدّة الألم والمعاناة".
وأشار الكاردينال تسوبي إلى أنّنا نشهد اليوم عددًا لا يُحصى من الوفيات التي لا معنى لها، وحروب لا تُحصى. واستعاد كلمات البابا لاون الرابع عشر، بعد انتخابه بفترة وجيزة، حن دعا إلى سلام "أعزل، وخالٍ من السلاح". وانطلاقًا من ذلك، أطلق نيافه نداءً صادقًا، قائلاً: "لننزع سلاح قلوبنا، ولننزع سلاح قلوب وأيدي هذا العالم العنيف - لنداوي جراحه، ونمنع اندلاع صراعات جديدة!".
كما أعرب الكاردينال تسوبي عن قلقه إزاء عالم بات فيه من الطبيعي اعتبار الآخرين أعداءً - أو التوهّم بإمكانيّة العيش من دونهم تمامًا. كما استنكر نيافته اللامبالاة المرعبة والمتهوّرة تجاه القوّة التدميريّة التي لا تُقاس للأسلحة النوويّة.
وفي رسالة مصورة من القدس، سلّط الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، بطريرك القدس للاتين، الضوء على المجاعة المتفشيّة حاليًا في غزة. وقال إنه في خضم هذا الدمار والظلام، في هذا "الليل الذي لا ينتهي"، يُعدّ الإيمان أمرًا جوهريًّا. وأضاف: "الألم حقيقي، ولا يمكننا إنكاره". وأشار إلى أننّا مدعوون في قلب هذا الألم تحديدًا، إلى تقديم العزاء والمواساة.
ولفت إلى وجود العديد من الأشخاص الذين يُطلق عليهم "حملة النور" في الأرض المقدّسة وخارجها، ممّن يرفضون الاستسلام لليأس، ويختارون بدلاً من ذلك طريق "معًا" بدلًا من "أنا ولا أحد غيري". وأشاد غبطته في هذا السياق بالعديد من الجمعيات الخيريّة والهيئات الدينية والمتطوعين -من مختلف الأديان- الذين يعملون بالفعل على إعادة بناء الرجاء.
وقال: هؤلاء الأشخاص هم علامات على روح اليوبيل التي قد تبدو بعيدة في الشرق الأوسط، لكنهم يلمعون كأضواءٍ ساطعة. وأضاف: علينا أن نتطلع إليهم، لنتهّيأ للحظة التي سنحتاج فيها إلى إعادة بناء المباني المدمّرة، وترميم النسيج الاجتماعي الممزّق.
وذكّر بطريرك القدس للاتين بأنّ الكنيسة مدعوّة لأن تكون حاضرةً في قلب هذه الصراعات، من خلال الحوار، حتّى وإن تضمّن نقاشات حادّة ومتوترة أحيانًا، تمامًا كما فعل الرسل الأوائل. وعلى غرار بطرس، نحن مدعوون إلى أن ننطق بكلمةٍ تبني، وتفتح آفاقًا جديدة، وتخلق فرصًا للثقة.