موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر السبت، ١١ نوفمبر / تشرين الثاني ٢٠٢٣
رسالة المطران مارتينيلي بمناسبة ذكرى مرور 1500 عام على شهداء الجزيرة العربية

فاتيكان نيوز :

 

بمناسبة اليوبيل الاستثنائي في النيابة الرسولية في الجزيرة العربية بمناسبة مرور 1500 عام على استشهاد القديس حارث ورفاقه وجّه المطران باولو مارتينيلي، النائب الرسولي لجنوب شبه الجزيرة العربية، رسالة إلى جميع المؤمنين كتب فيها نبدأ بفرح كبير وشعور بالامتنان تجاه الرب، يوبيل الذكرى المئوية الخامسة عشرة لاستشهاد القديس حارس ورفاقه. إنه حدث يهم جميع المسيحيين في الخليج ويلمسنا بعمق. لقد نقلت لنا شهادة هؤلاء الشهداء الإيمان بالمسيح القائم من بين الأموات، مخلصنا وفادينا. كان القديس حارث ورفاقه أمناء للمسيح، ولم يقبلوا بالمساومات، بل فضَّلوا الموت على إنكار إيمانهم المسيحي.

 

تابع: نحن جزء من تاريخ طويل من المسيحيين الذين عاشوا في الخليج. نحن هنا بالتأكيد ككنيسة مهاجرين، فنحن نأتي من بلدان مختلفة ولغات وتقاليد مختلفة. ومع ذلك، بمجيئنا للعيش في هذه الأرض نحن جزء من تاريخ الكنيسة في هذه المنطقة. ولكن لا يمكننا أن نتذكر هؤلاء الشهداء القديسين بدون أن نسأل أنفسنا ماذا تعني شهادتهم لنا اليوم. في الواقع، تشكل سنة اليوبيل هذه فرصة للتعمق أكثر في معنى الشهادة المسيحية التي نحن مدعوون لتحملها كل يوم في حياتنا. وقد أوضح المجمع الفاتيكاني الثاني ذلك جيدًا، إذ ذكّر بما يلي: "ولمَّا كان يسوع، ابن الله، قد أظهر محبته بِبَذْلِ ذاته من أجلنا، لا يمكن لأحدٍ أن يحبَّ أكثر، إلا ذلك الذي يبذل ذاته من أجل المسيح ومن أجل إخوته. فإلى شهادة الحب السامية هذه، التي تُؤدَّى أمام الكل لا سيما أمام المضطهدين، قد دُعِيَ بعضٌ من المسيحيين وذلك منذ الساعة الأولى، والبعض الآخر سيُدْعَون دوماً إليها. لهذا فالاستشهاد الذي فيه يُصبح التلميذ شبيهاً بمعلمه الذي قَبِلَ الموت بكلّ حرية لأجل خلاص العالم، والذي يُصبح شبيهاً به في إهراق دمه لتعتبره الكنيسة عطيةً ساميةً، وامتحانَ المحبةِ المُطلق. وإذا كان هذا لم يُعط إلا لعددٍ قليلٍ، إنَّما على الكل أن يكونوا على استعداد ليعترفوا بالمسيح أمام الناس، وليتبعوه على درب الصليب عبر الاضطهادات التي لن تغيب أبدًا في الكنيسة".

 

أضاف: وفقًا لهذه الكلمات الملهمة، فإن الاحتفال بالشهداء يعني تكريم أولئك الذين، من خلال موهبة روحية خاصة، استطاعوا أن يتشبّهوا تمامًا بالمسيح ومحبته وصولاً إلى بذل حياتهم الخاصة بشكل كامل. كذلك، فإن الاحتفال بالشهداء يعني تجديد التزامنا بالشهادة المسيحية في العالم وفي المجتمع. ولهذا السبب أدعوكم للصلاة من خلال هؤلاء الشهداء القديسين، ولتعميق معنى الشهادة المسيحية في هذه المنطقة. إنَّ الشاهد ليس شخصًا أفضل من الآخرين، الشاهد ليس شخصًا ينقل نفسه، بل هو ينقل الإيمان المسيحي واللقاء مع يسوع من خلال حياته وكلماته. وكما بذل الشهداء حياتهم محبة بالمسيح، كذلك علينا كمسيحيين أن ننظر إلى الشهادة لا كقيمة مثل غيرها، وإنما كالتزام أساسي لحياتنا: فننقل محبة المسيح للجميع.

 

تابع: كذلك، هناك مجالات من الشهادة المسيحية مرتبطة بالأسرار التي نحتفل بها. فمعموديتنا تجعلنا شهوداً للإنجيل للعالم أجمع. والتثبيت يذكرنا بأن الروح القدس هو الذي يلهمنا بالكلمات الصحيحة والأفعال المناسبة للشهادة. والإفخارستيا هي الاحتفال بمحبة المسيح التي تجعلنا نتشبّه به، فنصبح بدورنا خبزًا مكسورًا للآخرين، كما فعل الشهداء. وسر المصالحة يجعلنا شهوداً لرحمة الله. إن سنة اليوبيل تجعل من الممكن أن ننال عطية الغفران الكامل وتمنحنا خبرة أعمق للرحمة. كذلك يدعونا الزواج لكي نقدّم الشهادة المسيحية في العائلة وإزاء الأقارب والأصدقاء. ويطلب كهنوت الخدمة بذل الذات بالكامل لخدمة الإخوة والأخوات. فيما تجعلنا مسحة المرضى نختبر المرض والموت كأحداث تشهد لثقتنا الكاملة في المسيح المخلص.

 

أضاف: إنّ جميع المواهب التي يوزعها الروح القدس من أجل بنيان الكنيسة المشترك، لها على الدوام بُعد الشهادة للإنجيل. أفكر في العديد من الجمعيات والحركات الكنسية ومجموعات الصلاة الموجودة في كنيستنا. لتكن سنة اليوبيل فرصة لكي نسأل أنفسنا كيف يمكن للمواهب الروحية المختلفة أن تجعلنا قادرين على الشهادة والحوار الحقيقيين. ومن بين هذه المواهب أود أن أذكر بشكل خاص الحياة المكرسة. إذ أنَّ الهدف من هذه الدعوة في الكنيسة هو إظهار الطبيعة الجذرية لاتباع المسيح من خلال المشورات الإنجيلية والشهادة لمحبة الله للجميع. أخيرًا، تسمح لنا الشهادة المتواضعة أيضًا أن نسير معًا مع المؤمنين من الديانات الأخرى والمعتقدات الأخرى، مدركين أننا جميعًا إخوة وأخوات لأننا محبوبون من الله الواحد، أب الجميع. ومعًا نحن مدعوون لبناء عالم أكثر أخوَّة وإنسانية.

 

وختم المطران مارتينيلي رسالته بالقول: أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، هذه مجرد بعض الأفكار التي يمكننا أن نتأمل فيها بينما نحتفل بيوبيل القديس حارث هذا العام. نأمل بهذه الطريقة أن تجعلنا سنة اليوبيل هذه ننمو في الإيمان وتجعلنا سعداء بالشهادة للإنجيل للجميع. أتمنى لكم يوبيلاً رائعًا مليئاً ببركات السماء بشفاعة القديس حارس ورفاقه الشهداء. يا سيدة شبه الجزيرة العربية صلي لأجلنا. أيها القديس حارس ورفاقه الشهداء صلوا لأجلنا.