موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٠ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢١
تأخير مستمر في إنجاز بناء كاتدرائية برشلونة بعد 140 عامًا على إطلاقها

أ ف ب :

 

ساد اعتقاد لفترة طويلة بأن جوردي فاولي سينجز تشييد كاتدرائية ساغرادا فاميليا الشهيرة في برشلونة، بعدما تعاقب قبله على هذه المهمة ستة مهندسين معماريين آخرين قادوا الورشة المستمرة منذ حوالى 140 عاما... غير أن الجائحة أخّرت مجددًا هذه الأعمال الضخمة.

 

ويقول المهندس المعماري البرشلوني المولود قرب الكاتدرائية حيث بدأ العمل سنة 1990 "أرغب في أن أبقى موجودا هنا لسنوات طويلة بطبيعة الحال، لكني أسلّم أمري للرب".

 

عند مباشرته مهامه، كان فاولي يبلغ 31 عامًا، أي في السن عينها التي بدأ فيها المهندس المعماري القائم على المشروع أنتوني غاودي سنة 1883 تشييد المعلم الضخم الذي كرّس له أربعة عقود من حياته حتى وفاته إثر تعرضه للصدم من قطار ترامواي سنة 1926.

 

ويوضح جوردي فاولي لوكالة فرانس برس من علّية في صحن الكنيسة الرئيسي "عندما وصلت، كانت ثلاثة فقط من هذه الأعمدة مشيّدة، حتى الأمتار العشرة الأولى فقط". ويضيف الرجل البالغ 62 عامًا "كنت محظوظا لأني خططت وشهدت على تشييد كل البناء الداخلي، ثم غرفة المقدسات (خزانة الكنيسة) والآن الأبراج المركزية".

 

ودشّن أكبر الأبراج التسعة التي انتهى العمل عليها، بينها برج العذراء مريم، الأربعاء، حيث الاحتفال بعيد الحبل بلا دنس، مع إضاءة نجمة ضخمة من الزجاج والفولاذ بزنة 5,5 أطنان تعلو الهيكل البالغ علوّه 138 مترا. وبذلك، أصبح هذا البرج ثاني أعلى الأبراج الـ18 التي صممها غاودي. كما أصبح أول برج يتم افتتاحه في الموقع منذ 1976.

 

 

تأخير مزمن

 

لكن متى ينتهي تشييد ما تبقى من الموقع؟ كان الجدول الزمني الأساسي يلحظ إنجاز الورشة سنة 2026، في الذكرى المئوية الأولى لوفاة المهندس المعماري الشهير. لكن هذا الهدف بات مستحيلا مع جائحة كوفيد-19 التي أدت إلى تأخير جديد في المشروع.

 

ويوضح جوردي فاولي "لا يمكننا إعطاء أي تقدير لأننا لا نعلم إلى أي مدى ستُستأنف الزيارات إلى المكان في السنوات المقبلة"، مذكّرا بأن الكاتدرائية تعتمد في تمويلها على هبات خاصة إضافة خصوصا إلى ثمن تذاكر الدخول المباعة.

 

وفي 2019، تصدرت كاتدرائية ساغرادا فاميليا قائمة المعالم الأكثر استقطابا للزوار في برشلونة، مع 4,7 ملايين زائر. لكن مع جائحة كوفيد، أقفلت الكنيسة أبوابها أمام العامة لمدة سنة تقريبا اعتبارا من آذار/مارس 2020، خلال فترتي إغلاق مختلفتين.

 

وبحسب بيانات بلدية برشلونة، زار أقل من 764 ألف شخص المبنى سنة 2020. كما أن المؤسسة المكلفة ورشة البناء لا تتوقع عودة الزيارات إلى مستوياتها ما قبل الأزمة قبل نهاية 2023 على أقرب تقدير.

 

وهذه ليست أول مرة تصطدم فيها الورشة بمعوقات. حتى أن مصير "ساغرادا فاميليا" كان مهددا خلال الحرب الأهلية الإسبانية (1936-1939)، عندما أتى حريق على جزء كبير من الخرائط والمجسمات التي وضعها غاودي.

 

ويرى البعض أن هذه الخسارة الكبيرة لا تتيح إدراج العناصر الحديثة في البناء ضمن الرؤية الأساسية للمشروع.

 

وقد رسم غاودي "بوضوح طريقة وضع العناصر المختلفة لصحن الكنيسة (...) والأقبية والأبراج" واقترح "نسخ هذه القواعد الهندسية والأسلوب الذي تركه في نماذجه"، وفق فاولي.

 

 

سياحة مكثفة

 

قبل الجائحة، كان فاولي الذي عُين كبير المهندسين المعماريين في الكنيسة عام 2012، يقود فريقا من 27 مهندسا معماريا وأكثر من مئة عامل. أما اليوم، فلم يعد يعمل في المكان سوى خمسة مهندسين و16 عاملا.

 

وفي برشلونة، المدينة ذات الـ1,6 مليون نسمة التي يحتدم فيها الجدل بشأن النموذج السياحي الواجب اعتماده، يرتدي المشروع حساسية كبيرة خصوصا في ظل معارضة سكان كثر لموجات السياحة المكثفة التي تدمّر برأيهم بعض أحياء المدينة... بينها حي الكاتدرائية.

 

وتنتشر لافتات على الشرفات في الشوارع عليها عبارة "حياتي هنا وهم يريدون تسويتها أرضا" أو "أوقفوا أكاذيب المرشدين السياحيين"، في المكان الذي من المقرر أن يُبنى فيه المدخل الرئيسي المستقبلي للمعلم، وهي سلالم سترغم مئات العائلات على ترك مساكنها.

 

وردا على هذه الانتقادات، يدعو فاولي إلى "الحوار مع الجميع والبحث عن حلول عادلة". لكنه يرغب في إنجاز تشييد الواجهة الرئيسية للمعلم التي لم يبتعد يوما عنها لأكثر من أسبوعين متتاليين خلال السنوات الثلاثين الماضية.