موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الإثنين، ٢٧ ديسمبر / كانون الأول ٢٠٢١
المسيحيون في الهند يواجهون تصاعدًا في المضايقات بالتزامن مع الاحتفال بعيد الميلاد
في السنوات الأخيرة، واجه المسيحيون مضايقات بشكل متزايد بالتزامن مع الاحتفال بعيد الميلاد، لكن هذا العام شهد تصاعدًا ملحوظًا فيها. وهذه الأحداث ليست إلا أحدث الأمثلة على حوادث عنف ضد المسيحيين، وهي جزء من جو متزايد من التعصب الديني تجاه الأقليات غير الهندوسيّة في الهند، أي المسلمين والمسيحيين، في ظل حكومة حزب بهاراتيا جاناتا الهندوسي القومي الحاكم.

أبونا ووكالات :

 

وسط تزايد التعصب والعنف ضد الأقلية المسيحية في الهند، التي تشكل حوالي 2% من عدد السكان، استهدفت الجماعات اليمينيّة الهندوسيّة العديد من الأحداث التي تتزامن وعيد الميلاد، حيث زعمت بأن المسيحيين يستخدمون هذه الاحتفالات لإجبار الهندوس على التحوّل إلى المسيحيّة.

 

فقد تداول ناشطون هنود عبر منصات التواصل الاجتماعي، خلال الساعات الماضيّة، مقاطع مصورة لآثار تحطيم تمثالاً للسيد المسيح في إحدى كنائس ولاية هاريانا الهنديّة. وحطّم مجموعة من المتطرفين التمثال التاريخي في ليلة احتفال المسيحيين بعيد الميلاد المجيد. وقد بني هذا التمثال سنة 1884 عندما كانت الهند تحت الحكم البريطاني، أي قبل 137 عامًا.

 

ولم تتناول الفيديوهات لحظة تحطيم المتطرفين للتمثال بل تظهر آثار الحطام وبقاياه متناثرة على الأرض.

 

ونشر الصحفي الهندي محمد غزالي مقطعًا مصوّرًا لضابط يُدعى "ناريش" من مركز شرطة صدار ببلدة أمبالا -مقر وجود الكنيسة- وهو يصرح بأن لقطات كاميرات المراقبة التي استعادتها الشرطة تُظهر رجلين مجهولين يدخلان إلى مبنى الكنيسة، منتصف ليل أمس السبت، قبل تحطيمهم التمثال.

 

كما تمّ استهداف احتفاليّة بمناسبة عيد الميلاد والتي تقام كل عام في ماتريدهام أشرم، في ولاية أوتار براديش، من قبل مجموعة هندوسيّة يمينيّة وقف أفرادها في خارج مكان الاحتفال، وهم يهتفون بشعارات مثل "أوقفوا التحويل" و"الموت للمبشرّين".

 

وفي حديثه لوسائل الإعلام المحليّة، أشار كاهن محلي إلى أنّ الاحتجاجات تشير إلى تزايد الهجمات التي يواجهها المسيحيون في الهند في الأشهر الأخيرة، حيث أصبحت مزاعم التحوّل القسري للهندوس إلى المسيحيّة متفشيّة، وبدأت الهستيريا ضد المسيحية بالانتشار عبر الهند. وقال: "هذا دليل لما يحدث، لأن هؤلاء الناس يتمتعون بالإفلات من العقاب، ويخلقون التوتر". ولفت إلى أنّ "كل يوم أحد هو يوم رعب وصدمة للمسيحيين، وخاصة لأولئك الذين ينتمون إلى كنائس صغيرة".

 

وفي السياق ذاته، أعلنت الشرطة الهندية، الجمعة الماضية، فتح تحقيق في دعوات متكررة إلى قتل مسلمين أطلقها متطرفون هندوس خلال تجمع عام. ووفق مقال بصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، تعهد ناشطون هندوس يمينيون بإيذاء المسلمين إذا لزم الأمر لجعل الهند "أمة هندوسيّة فقط"، بينما لم يحرك زعماء الهند ساكنًا وسط تزايد المشاعر المعادية للمسلمين في البلاد.

 

كما أضرمت مجموعة من المتطرفين الهندوس النار بدمية لـ"سانتا كلوز"، في مدينة أجرا، شمال البلاد.

 

وتناقل ناشطو منصات التواصل الاجتماعي مقطعًا مصوّرًا، ويظهر فيه شخص يحمل الدمية قبل حرقها وهو يقول "ينشط المبشرون المسيحيون باسم عيد الميلاد وسانتا كلوز ورأس السنة الجديدة، مع حلول شهر كانون الأول سنويًا، ويجذبون الأطفال بجعل بابا نويل يوزع الهدايا عليهم ويجذبهم إلى المسيحية". ويظهر شخص آخر من المجموعة ذاتها وهو يقول "سنراقب المبشرين الذين يزورون الأحياء الفقيرة ويحولون الهندوس إلى المسيحية، كما سيتصرف الهندوس بصرامة ضدهم".

 

وقد تفاعل عدد كبير من الناشطين بغضب مع هذه الواقعة، وقال الناشط الهندي المسلم عبدل "أولئك الذين أحرقوا سانتا في أجرا ليسوا حمقى كما نعتقد، من الواضح أن لديهم خيار حرق تمثال المسيح لكنهم كانوا يعلمون أن العالم سيصبح هائجًا إذا فعلوا ذلك. الدرس المتعلم من القصة: للأسف التعدي على المسلمين ليس فقط ما يفعلونه بشكل طبيعي".

 

ومنذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا إلى السلطة في عام 2014، تصاعدت الهجمات على المسيحيين. فبحسب تقرير صادر عن منظمة الاضطهاد الإغاثة، فقد زادت الجرائم ضد المسيحيين بنسبة 60% من عام 2016 إلى عام 2019.

 

وفي الأسابيع الأخيرة، أضرمت النار بالأناجيل وتعطل عمل المدارس المسيحية، من قبل الجماعات اليمينية التي تزعم أن المسيحيين يجبرون الهندوس على التحوّل إلى المسيحية من خلال تقديم المال والهدايا لهم. ففي ولاية تشهاتيسجاره، تناول حزب بهاراتيا جاناتا قضية التحويلات القسريّة المزعومة، ونظم عشرات المسيرات. وفي ذات السياق، تعرّض العديد من الكهنة لهجوم عنيف، مما أدى إلى إجراء العديد من الاحتفالات الدينيّة سرًا من أجل السلامة.

 

وفي هذا الشهر، أصبحت حكومة ولاية كارناتاكا آخر حكومة تمرر قانونًا مثيرًا للجدل "مناهضًا للتحوّل". وعلى الرغم من أنّ القانون لا يشير صراحة إلى المسيحيين، فقد تم استخدام أحكامه ضد "التحويلات غير القانونية" في ولايات أخرى لاستهداف رجال الدين.

 

وشهدت الدولة بالفعل زيادة في الهجمات، مع 39 جريمة كراهيّة ضد المسيحيين هذا العام فقط. فبحسب تقرير صدر في تشرين الأول الماضي، كان هناك أكثر من 300 هجومًا موثقًا على المسيحيين في جميع أنحاء الهند في الأشهر التسعة الأولى من عام 2021.