موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٧ يونيو / حزيران ٢٠٢٤
البطريرك ساكو يكتب: لا سلام بالسيف، والحرب لا تصنع السلام

الكاردينال لويس روفائيل ساكو :

 

عالمنا فقد توازنه الجيوسياسي والجيوستراتيجي، لذا يعيش ازمات متراكمة، وحالة من العسكرةmilitarisation ، وحملة من التضليل الفكري والديني، وتراجعاً للحوار والتفاهم وانعدام الثقة، مما خلَّفَ ظروفاً مثقلة بالاحداث المؤلمة. منها، حرق الكرامات وسدّ سبل العيش بسلام وأمان.

 

الوضع يزداد خطورة بسبب الوضع المتوتر في العالم ومن ضمنه بلدان الشرق الاوسط. اذكر على سبيل المثال الاراضي المقدسة، حيث الحرب اقتربت من شهرها الثامن، والسكان يعيشون في الرعب والهلع والقلق، بسب استخدام القُوة الخشنة (السلاح للقتل)، والقوة الناعمة (التهديد والابتزاز من اجل المال والاستحواذ على الاملاك). تخيلوا ان ثمة حتى اليوم أكثر من 36 الف قتيل، وأكثر من 82 الف جريح ودمار 50 الف وحدة سكنية، فيما يواجه الملايين خطر المجاعة والمرض.. هكذا الحال في السودان واوكرانيا ودول أخرى..

 

 لماذا يُخرّب البشر ما خلقه الله "وراه انه جميل وحسن" (سفر التكوين 1/1-22)؟ لماذا لا يعيش الناس في حالة من السلام والجمال بفرح. لماذا يستغلون الدين لاهداف شيطانيّة، بينما الدين انساني يدافع عن كرامة الانسان، ويرفض احتقاره وتدمير مسكنه وتهجيره وقتله.

 

 نحن أمام مسألة حياة أو موت. الناس يعيشون في اليأس، ويبحثون عن مخرج دائم للصراعات، فالحروب فاشلة وخاسرة، ويدفع ثمنها المدنيون الابرياء، كما قال البابا فرنسيس. على الجميع التصرف بمسؤولية، وعدم خلق مشاكل وصراعات.

 

السلام عطيّة من الله للناس: "المجد لله في العلى وعلى الارض السلام" (لوقا 2/14). السلام عطية ليعيش الناس بسلام كاخوة واخوات، في قلب المجتمع الذي يعيشون فيه، ويساعدوا بعضهم البعض على النموّ بروح انسانية، ويجعلوا قلوبهم تسكنها المحبة والرحمة.

 

السلام يتحقق بالتغلب على كل عداء وانتقام، واحترام المال العام واحلال العدالة.

 

الناس لا يريدون الحرب، بل يحلمون بوطن آمن ومستقر، حاضن للحريات والعدالة، والتنوع والتعددية. ويأملون بقيام دولة تخدم الوطن والمواطنين، وتوفر لهم الخدمات والعيش الكريم. هذا حق مقدس؟

 

امام من لا يحسبون لأي شيء الا السلطة والمال، يحتاج عالمنا الى قيادة مستنيرة، تدير التنوع، وتعمل بقلب واحد على تحقيق المصالحة الوطنية والسلام والاستقرار، وتعزيز القيم الروحية والأخلاقية، والتفاهم والإحترام المتبادل.

 

سيبقى الناس يبحثون عن حل لن يأتي ما دام السياسيون بعيدين عن الاهتداء إلى الطريق الذي يقودهم إلى إرادة وطنية توحدهم في مواجهة التحديات الكثيرة من خلال ايجاد خطة مدروسة للتغلب على النزاعات والفكر الالغائي وحل الازمات بالحكمة، عبر الحوار والتفاوض بطرق الدبلوماسية، وتعزيز العلاقة الاجتماعية والشراكة. الحوار هو السبيل الكفيل لمعالجة المشاكل والاصلاح، وتحقيق السلام الشامل والدائم. والعمل على التنشئة السليمة خاصة للجيل الجديد واشاعة ثقافة السلام والتسامح والتضامن الاخوي والوطني والقيم المشتركة، في المدارس وبيوت العبادة والاعلام. وتكثيف اللقاءات حول هذه العناوين الكبرى والندوات لاعداد مستقبل افضل.

 

يا زعماء العالم، ايها السياسيون، اطلبوا السلام من اجل المنطقة والعالم حتى تكف الحروب والصراعات المدمرة، فينعم البشر بالخير.