موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر
أجرى البابا لاون الرابع عشر، الخميس، أهم تعيين كنسي له في الولايات المتحدة حتى الآن، إذ سمّى أحد أبناء مدينته شيكاغو رئيسًا جديدًا لأساقفة نيويورك، لقيادة واحدة من أكبر الأبرشيات في البلاد، في مرحلة حسّاسة تتعلق بعلاقات الكنيسة مع إدارة الرئيس دونالد ترامب وحملتها المشددة على الهجرة.
فقد عيّن البابا المطران رونالد هيكس، المطران الحالي لأبرشية جوليت في ولاية إيلينوي، خلفًا للكاردينال المتقاعد تيموثي دولان، الذي قدّم استقالته في شباط الماضي، كما يقتضي القانون الكنسي عند بلوغ الأسقف سن الخامسة والسبعين.
ويمثل هذا التعيين فصلًا جديدًا مهمًا في مسيرة الكنيسة الكاثوليكية في الولايات المتحدة، التي تدخل مرحلة جديدة مع انتخاب لاون، المولود في شيكاغو، كأول بابا أميركي في التاريخ. وقد أظهر لاون والقيادة الكنسية الأميركية استعدادًا لمواجهة إدارة ترامب في قضايا الهجرة وغيرها، ويُنظر إلى هيكس على أنه أسقف على نهج البابا لاون.
وُلد هيكس، البالغ من العمر 58 عامًا، في ساوث هولاند بولاية إيلينوي، على مسافة قريبة من منزل طفولة البابا لاون في ضواحي شيكاغو. ومثل روبرت بريفوست، الذي أمضى 20 عامًا مرسلاً في بيرو، عمل هيكس لمدة خمس سنوات في السلفادور، حيث تولّى إدارة برنامج كنسي لدور الأيتام شمل تسع دول في أميركا اللاتينية ومنطقة الكاريبي.
وقال الأب أوسيبيوس مارتيس، الذي يعرف هيكس منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي وعمل معه في إكليريكية موندلاين: «إن تولّي منصب رئيس أساقفة نيويورك مسؤولية هائلة، لكن يمكنني القول بصدق إن الأسقف هيكس على قدر هذه المسؤولية». وأضاف أن نيويورك محظوظة به، واصفًا إياه بأنه «رجل رائع، دائم التفكير والاهتمام باحتياجات الإكليريكيين».
وفي تشرين الثاني الماضي، أيّد هيكس رسالة خاصة صادرة عن مجلس أساقفة الولايات المتحدة أدانت مداهمات إدارة ترامب ضد المهاجرين، والتي استهدفت مدينة شيكاغو بشكل خاص. وقال هيكس في بيان دعا فيه الكاثوليك إلى دعم الرسالة إنها «تؤكد تضامننا مع جميع إخوتنا وأخواتنا، وتعبر بوضوح وقناعة عن مخاوفنا واعتراضاتنا وآمالنا، وهي متجذّرة في التزام الكنيسة الدائم بتعاليمها الاجتماعية القائمة على كرامة الإنسان، والدعوة إلى إصلاح حقيقي لقوانين الهجرة».
ورغم أن المطران هيكس والبابا لاون الرابع عشر ينحدران من مدينة شيكاغو، فإن هيكس لم يلتقِ البابا المستقبلي إلا في عام 2024، عندما زار الكاردينال بريفوست إحدى رعايا هيكس وشارك في جلسة أسئلة وأجوبة مفتوحة مع الجمهور.
وقال هيكس، الذي كان يجلس في الصف الأول، إنه أدرك في ذلك اليوم أي نوع من الباباوات سيكون لاون، وأعجبه ما سمعه في كلمته العامة وفي حديثهما الخاص لاحقًا. وأشار إلى تشابه خلفياتهما وأولوياتهما في بناء الجسور، قائلًا: «نشأنا حرفيًا في النطاق نفسه، في الحي نفسه. لعبنا في المتنزهات نفسها، وسبحنا في المسابح نفسها، ونحب مطاعم البيتزا نفسها».
خدم هيكس ككاهن رعية في شيكاغو، ثم رئيسًا للتنشئة في إكليريكية موندلاين، قبل أن يعيّنه الكاردينال بلايز كوبِتش نائبًا عامًا لأبرشية شيكاغو عام 2015. وبعد ثلاث سنوات، رُسم أسقفًا معاونًا، وفي عام 2020 عيّنه البابا فرنسيس أسقفًا على جوليت، حيث خدم نحو 520 ألف كاثوليكي في سبع مقاطعات.
تُعد أبرشية نيويورك من أكبر الأبرشيات في الولايات المتحدة، إذ تخدم نحو 2.5 مليون كاثوليكي في مانهاتن وبرونكس وستاتن آيلاند، إضافة إلى سبع مقاطعات شمال المدينة. ويُعتبر دولان من أكثر القادة الكاثوليك حضورًا وتأثيرًا في الولايات المتحدة، وصوتًا بارزًا في الحياة العامة لمدينة نيويورك.
ويرتبط دولان بعلاقات مع الإدارة الجمهورية الحالية. وبصفته رئيس أساقفة نيويورك، استضاف العشاء الخيري السنوي «آل سميث» الذي يجمع ملايين الدولارات للأعمال الخيرية الكاثوليكية، وكان تقليديًا مناسبة يتبادل فيها مرشحو الحزبين النكات قبيل الانتخابات. غير أن عام 2024 شهد مشاركة دونالد ترامب وحده بعد اعتذار المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس.
ولاحقًا، طلب ترامب من دولان أن يترأس صلاة في حفل تنصيبه، وعيّنه في لجنة الحرية الدينية الجديدة. وكان دولان مرشح ترامب المفضل لخلافة البابا فرنسيس، رغم أنه انتقد الرئيس بسبب نشره صورة مولّدة بالذكاء الاصطناعي تظهره مرتديًا زيّ البابا قبل المجمع الانتخابي الذي اختار لاون.