موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ٣٠ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢
البابا يشير إلى دور له في عملية إطلاق سراح أسرى بين روسيا وأوكرانيا

أبونا :

 

قال البابا فرنسيس إنّه انخرط في عملية تبادل أسرى بين روسيا وأوكرانيا.

 

وخلال الزيارة الرسوليّة التي قام بها إلى كازاخستان، من 13 وحتى 15 أيلول الحالي، كان للبابا فرنسيس لقاء مع أعضاء الرهبنة اليسوعيّة في ما يُعرف بـ"المنطقة الروسية". جرى اللقاء في اليوم الأخير من الزيارة، وكان عبارة عن حوار أجراه البابا مع الكهنة اليسوعيين نُشر مضمونه كاملاً الخميس 29 أيلول، على الموقع الرسمي لمجلة "الحضارة الكاثوليكيّة" اليسوعيّة الإيطاليّة.

 

وكشف في الحوار أنّ الحبر الأعظم ساهم في عملية إطلاق سراح نحو 300 أسير حرب أوكراني كانت تحتجزهم روسيا. وقال البابا إنه استقبل "مبعوثين أوكرانيين" في الفاتيكان، مشيرًا الى أن بينهم قائدًا عسكريًا أحضر معه قائمة باسماء "أكثر من 300 أسير".

 

ولفت قداسته إلى أنهم "طلبوا مني أن أفعل شيئًا حتى يكون بالإمكان إجراء تبادل". وأضاف "اتصلت على الفور بالسفير الروسي لمعرفة ما اذا كان يمكن القيام بشيء ما، وما إذا كان يمكن التعجيل في عملية تبادل الأسرى"، بدون ذكر مزيد من التفاصيل.

 

ولم يحدّد البابا متّى تمّت هذه المحادثات حول تبادل الأسرى. لكنّ، قبل ستة أيام من هذا الحوار، أعلنت أوكرانيا في 22 أيلول عن تبادل أسرى مع روسيا التي أطلقت 215 جنديًا أوكرانيًا بينهم مقاتلون حاربوا في مصنع أزوفستال للصلب في ماريوبول مقابل 55 أسير حرب روسيًا.

 

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير إنّ عملية التبادل كانت قيد التحضير لفترة طويلة. وشكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، تركيا والمملكة العربية السعودية على وجه التحديد، لدورهما في تسهيل تبادل الأسرى، والذي تضمن عودة 215 أوكرانيًا و55 روسيًا وأوكرانيًا مؤيدًا لموسكو. وكانت هذه أكبر عملية لتبادل للأسرى منذ بدء الحرب في شباط الماضي.

 

عوامل دوليّة وراء الحرب

 

وخلال الحوار، قال البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول رؤيته للوضع الجيوسياسي الحالي: "هناك حرب مستمرة، وأعتقدُ أنه من الخطأ أن نفكر أن هذا فيلم ’رعاة البقر‘، حيث يوجد الأخيار والأشرار. كما أنّه من الخطأ الاعتقاد بأنّ هذه حرب بين روسيا وأوكرانيا، وليس أكثر من ذلك. لا، هذه حرب عالميّة"، لافتًا أنّ "ضحية هذا الصراع هي أوكرانيا".

 

وحول الأسباب التي دفعت لعدم تجنّب هذه الحرب، قال إن "الحرب مثل الزواج بطريقة ما. لفهمها، على المرء أن يبحث عن الديناميكيات التي طوّرت الصراع. هنالك عوامل دوليّة ساهمت في إثارة الحرب. لقد أشرت بالفعل إلى رئيس دولة، في كانون الأول الماضي، جاء ليخبرني أنه قلق للغاية لأنّ الناتو ذهب لينبح على أبواب روسيا، دون أن يدرك أن روسيا هي إمبراطورية، وتخشى زعزعة الأمن على حدودها. وأعرب عن خوفه من أن يؤدي ذلك إلى اندلاع حرب بعد شهرين".

 

تابع البابا فرنسيس في إجابته: "ذلك، لا يمكن للمرء أن يفرط في تبسيط الأمور عند التفكير في أسباب الصراع. إنّني أشاهد نزعات إمبرياليّة في هذا الصراع، وأن الأنظمة الإمبراليّة وعندما تشعر بأنها مهدّدة، أو عندما تواجه خطر الاضمحلال، تقوم بردة فعل معتقدة أنّ الحلّ يكمن في خوض الحرب، كما تقوم باختبار الأسلحة والإتّجار بها. يقول البعض، على سبيل المثال، أنّ الحرب الأهليّة الإسبانيّة بدأت تحضيرًا للحرب العالميّة الثانيّة. لا أعرف ما إذا كان هذا هو الحال بالفعل، لكن من الممكن أن يكون كذلك. ومع ذلك، لا أشكّ في أننا نعيش بالفعل حربًا عالميّة ثالثة. لقد عايشنا ثلاثة حروب في قرن واحد: واحدة بين 1914 و1918، وواحدة بين 1939 و1945، ونحن الآن نعيش في هذه الحرب".

لتحرير القلوب من الكراهية

 

وقال: "منذ اليوم الأول للحرب وحتى أمس تحدثت باستمرار عن هذا الصراع ، مشيرًا إلى معاناة أوكرانيا. في يوم استقلال البلاد، كان هناك العلم في ساحة القديس بطرس، وتحدثت عن ذلك بنفسي بشكل واضح. بعد أن تحدثت عن أوكرانيا، فكرت في قول كلمة موجهة إلى معاناة الشعبين الأوكراني والروسي. لأنّ الناس في الحروب هم الذين يعانون. الفقراء هم من يدفعون الثمن، كالعادة. وهذا يولّد الكراهية".

 

أضاف: "أولئك الذين يشعلون الحرب ينسون الإنسانيّة ولا ينظرون إلى الحياة الحقيقية للناس، لكنهم يضعون المصالح الحزبية والسلطة فوق كل شيء. الناس العاديون في كل نزاع هم الضحايا الحقيقيون، الذين يدفعون ثمن حماقات الحرب بجلدهم. كما أشرت إلى تلك الفتاة التي قُتلت في انفجار. في تلك المرحلة، نسي الناس كل ما قلته حتى ذلك الحين ولم يهتموا إلا بهذه الإشارة. أتفهم ردود أفعال الناس، لأنهم يعانون كثيرًا".

 

تابع: "أذكر أنه في اليوم التالي لبدء الحرب ذهبت إلى السفارة الروسية. كانت لفتة غير عادية. البابا لا يذهب أبدًا إلى السفارة. لا يستقبل السفراء شخصيًّا إلا عند تقديم أوراق اعتمادهم، ثم في نهاية مهمتهم في الزيارة الوداعيّة. أخبرت السفير أنني أود التحدّث مع الرئيس بوتين بشرط أن يترك لي نافذة صغيرة للحوار. كما استقبلت السفير الأوكراني، وتحدثت مرتين مع الرئيس زيلينسكي عبر الهاتف. كما أرسلت الكاردينال تشيرني والكاردينال كراييفسكي إلى أوكرانيا لتأكيد تضامن البابا. كما قام رئيس الأساقفة غالاغر، أمين سرّ العلاقات مع الدول، بزيارة رسميّة. إنّ وجود الكرسي الرسولي في أوكرانيا له قيمة في تقديم المساعدة والدعم. إنّها طريقة للتعبير عن الوجود. أنا أيضًا كان يدور في ذهني أن أذهب. يبدو لي أن مشيئة الله ليست لي أن أذهب في هذه اللحظة بالذات؛ سنرى لاحقًا، مع ذلك".

 

وقال: "لقد جاء إليّ بعض المبعوثين الأوكرانيين. ومن بينهم نائب رئيس الجامعة الكاثوليكيّة في أوكرانيا، يرافقه مستشار الرئيس للشؤون الدينية، وهو إنجيلي. تحدثنا، ناقشنا. كما جاء قائد عسكري مسؤول عن تبادل الأسرى مع المستشار الديني للرئيس زيلينسكي. هذه المرة أحضروا لي قائمة بأكثر من 300 سجين. طلبوا مني أن أفعل شيئًا لإجراء تبادل. اتصلت على الفور بالسفير الروسي لمعرفة ما إذا كان يمكن القيام بشيء ما، وما إذا كان من الممكن تسريع عملية تبادل الأسرى".