موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

نشر الجمعة، ١٦ سبتمبر / أيلول ٢٠٢٢
البابا: من الصعب الحوار مع الذين بدأوا الحرب، ولكن لا بدّ من ذلك

وكالات :

 

خلال المؤتمر المعتاد على متن الطائرة البابويّة العائدة من العاصمة الكازاخيّة نور سلطان إلى العاصمة الإيطاليّة روما، الخميس، تحدّث البابا فرنسيس عن الحرب الروسيّة الأوكرانيّة، وحقّ أوكرانيا في الدفاع عن نفسها، والحوار مع روسيا، والعلاقات بين الكرسي الرسولي والصين.

 

أوضح الحبر الأعظم بأنّ بيع الأسلحة لأوكرانيا يمكن أن يكون مقبول أخلاقيًّا إذا تمّ وفق القواعد الأخلاقيّة، لافتًا إلى أنّ "الدفاع عن النفس ليس شرعيًا فحسب، بل هو أيضًا تعبير عن الحب للوطن. وشدّد على أهميّة الحوار مع الصين رغم أنّ المسيرة تتم بوتيرة بطيئة. وبشأن روسيا، بيّن قداسته أنّه لا يستثني الحوار مع أيّة دولة في حالة حرب، حتى لو كانت هي المعتدية.

 

كما أشار خلال المؤتمر الصحفي، إنه على الرغم مما يعانيه من آلام في ركبته، فإنه يأمل في زيارة جنوب السودان والكونغو في شباط المقبل، وهي الرحلة التي تم إلغاؤها في عام 2022 بسبب صعوبة حركة البابا. فيما أشار الفاتيكان إلى أن البابا يخطط لزيارة البحرين في تشرين الثاني.

 

أوكرانيا

 

وردًا على سؤال من أحد الصحفيين عما إذا كان من الصواب بيع أسلحة لأوكرانيا، قال البابا: "إنه قرار سياسي، يمكن أن يكون أخلاقيًا -مقبولاً أخلاقيًا- إذا اتخذ وفق قواعد المسؤوليّة الأخلاقيّة، ومن ثم يمكننا التحدّث عنه. ولكن يمكن أن يكون أمر غير أخلاقي إذا تم ذلك بقصد إثارة المزيد من الحرب، أو بيع أسلحة، أو التخلص من أسلحة لم تعد هناك حاجة إليها".

 

وأكد أن "الأخلاق تحددها الدوافع"، مذكّرًا أنّ "الدفاع عن النفس ليس شرعيًا فحسب، بل هو أيضًا تعبير عن حب الوطن. فأولئك الذين لا يدافعون عن أنفسهم، وأولئك الذين لا يدافعون عن شيء ما، لا يحبون وطنهم، في حين أنّ أولئك الذين يدافعون، فإنهم يحبونه".

 

أضاف: "إنك هنا تتطرّق إلى شيء آخر قلته في إحدى خطاباتي، وهو أنه يجب على المرء أن يفكر أكثر في مفهوم الحرب العادلة. لأن الجميع يتحدثون عن السلام اليوم: منذ سنوات عديدة، منذ سبعين عامًا، ظلت الأمم المتحدة تتحدث عن السلام؛ لقد ألقوا الكثير من الخطب حول السلام. لكن في الوقت الحالي كم عدد الحروب الجاريّة؟ الذي ذكرته، أوكرانيا - روسيا، الآن أذربيجان وأرمينيا التي توقفت لفترة لأن روسيا عملت كضامن: تضمن السلام هنا وتشن الحرب هناك... ثم هناك سوريا، عشر سنوات من الحرب، ما الذي يجري هناك ولا يتوقف البتّة؟ ما هي المصالح التي تحرّك هذه الأشياء؟ ثم هناك القرن الأفريقي، ثم شمال موزمبيق، أو إريتريا وجزء من إثيوبيا، ثم ميانمار مع هذا الشعب المعذب الذي أحبه كثيرًا، الروهينجا الذين يتجولون ويدورون مثل الغجر ولا يجدون السلام. لكننا في حرب عالميّة".

 

أضاف: "أتساءل، لا أعرف ما إذا كانت قلوبنا متعلمة جيدًا بما يكفي اليوم لنبكي من الفرح عندما نرى السلام. كل شيء تغيّر. إذا لم تشن حربًا، فأنت لست مفيدًا! ثم هناك تجارة السلاح. هذا هو مخزن القتلة. أخبرني شخص يفهم الإحصائيات أنه إذا توقفت عن صنع الأسلحة لمدة عام، فسوف تحل كل الجوع في العالم - لا أعرف ما إذا كان هذا صحيحًا أم لا. لكن الجوع والتعليم. لا فائدة من ذلك، لا يمكنك ذلك لأنه يتعين عليك صنع أسلحة. في جنوة قبل بضع سنوات، قبل ثلاث أو أربع سنوات، وصلت سفينة محملة بالأسلحة التي كانت ستنقلها إلى سفينة أكبر كانت متجهة إلى إفريقيا، بالقرب من جنوب السودان. لم يرغب عمال الميناء في القيام بذلك؛ كلفهم ذلك، لكنهم قالوا: لن أتعاون. إنها حكاية، لكنها تجعل المرء يشعر بوعي تجاه السلام".

 

تابع: "لقد تحدثت عن وطنك (ألمانيا). من الأمور التي تعلمتها منك القدرة على التوبة والاستغفار عن أخطاء الحرب. وأيضًا، ليس فقط لطلب المغفرة، وإنما لدفع ثمن أخطاء الحرب - فهذا يتحدث جيدًا عنك. إنه مثال يجب أن نقتدي به. الحرب نفسها خطأ. فمن الخطأ! ونحن الآن نتنفس هذا الهواء: إذا لم تكن هناك حرب يبدو أنه لا توجد حياة. فوضوي بعض الشيء لكني قلت كل ما أريد أن أقوله عن الحرب فقط. لكن الحق في الدفاع نعم، هذا نعم، ولكن استخدمه عند الضرورة".

روسيا

 

وفي حديثه عن الحوار مع روسيا، قال البابا فرنسيس: "أعتقد أنّه من الصعب دائمًا فهم الحوار مع الدول التي بدأت الحرب... إنّه أمر صعب، لكن لا ينبغي أن نتجاهله؛ يجب أن نوسّع فرصة الحوار مع الجميع، للجميع. لأنّ يوجد دائمًا احتمال أن تتغير الأمور من خلال الحوار، وحتى تقديم وجهة نظر أخرى".

 

وتابع: "إنني لا استثني الحوار مع أي قوة، سواء كانت في حالة حرب أو هي معتدية... في بعض الأحيان يجب إجراء الحوار على هذا النحو. إنه ’ينتن‘، ولكن يجب القيام به. دائمًا خطوة للأمام. اليد ممدودة دائمًا، لأننا بعكس ذلك نغلق الباب الوحيد المعقول للسلام. أحيانًا، لا يقبل البعض الحوار: إنّه سيء  جدًا! لكن الحوار يجب أن يتمّ دائمًا، وهو على الأقل معروض. وهذا جيد لمن يقدم".

 

وحول مخاطر اللامبالاة، قال الحبر الأعظم "إذا لم يكن هناك حوار فهناك إما الجهالة أو الحرب. من الأفضل أن نعيش كأخوة؛ لدينا شيء واحد مشترك، كلنا بشر. دعونا نعيش كبشر، بوسائل حميدة: ما هو رأيك، ما هو رأيي؟ دعونا نتفق، لنتحدث، دعونا نتعرف على بعضنا البعض".

الصين

 

وفيما تعلق بالحرية الدينيّة في الصين، لاسيّما فيما يخص بمحاكمة الكاردينال زين، قال البابا فرنسيس: "لفهم الصين يستغرق قرنًا. ونحن لا نعيش قرنًا. إنّ العقلية الصينيّة هي عقليّة غنيّة، وعندما تمرض قليلاً فإنها تفقد ثرائها وتصبح قادرة على ارتكاب الأخطاء. ولكي نفهم، فقد اخترنا طريق الحوار".

 

وقال: "هنالك لجنة ثنائيّة بين الفاتيكان والصين تسير على ما يرام، ببطء، لأنّ الوتيرة الصينية بطيئة، ولديهم الأبديّة للمضي قدمًا. شعبه لديه صبر لا حدود له. لكن من التجارب التي مرّرنا بها من قبل، نفكر في المرسلين الإيطاليين الذين ذهبوا إلى هناك وكانوا مقدّرين كعلماء. أعتقد أيضًا اليوم؛ الكثير من الكهنة أو المؤمنين الذين تم استعداؤهم للجامعات الصينية لأنّهم يقدّرون الثقافة".

 

تابع: "ليس من السهل فهم العقليّة الصينيّة، لكن يجب احترامها. وأنا أحترم ذلك دائمًا. وهنا في الفاتيكان، توجد لجنة حوار تسير على ما يرام، برئاسة الكاردينال بارولين، وهو الآن الشخص الأكثر معرفة بالصين والحوار مع الصينيين. إنّها عملية بطيئة، ولكن يتم دائمًا اتخاذ خطوات إلى الأمام".

 

وحذّر البابا من "تصنيف" الصين ضمن ثنائية ديمقراطيّة أو مناهضة للديمقراطية، "لأنّها دولة معقّدة... نعم، صحيح أن هناك أشياء تبدو غير ديمقراطيّة بالنسبة لنا، وهذا صحيح. أعتقد أنّ الكاردينال زين سيحاكم هذه الأيام. إنّه يتحدّث ما يشعر به، ويمكنك أن ترى أن هناك قيودًا هناك". وأشار البابا إلى أنّه "أكثر من التصنيف، أحاول دعم درب الحوار".

 

وقال: "في طريق الحوار توضح أمورًا كثيرة. ليس فقط عن الكنيسة، بل أيضًا في المجالات الأخرى؛ على سبيل المثال امتداد الصين، حكام المقاطعات الذين يتنوعون جميعًا. كما أن هناك ثقافات مختلفة داخل الصين، إنها عملاقة، وفهم الصين هو شيء هائل، لكن لا يجب عليك أن تفقد الصبر، فالأمر يتطلب الكثير، لكن يجب أن نواصل الحوار... لكن دعونا نمضي قدمًا".