موقع أبونا abouna.org - إعلام من أجل الإنسان | يصدر عن المركز الكاثوليكي للدراسات والإعلام في الأردن - رئيس التحرير: الأب د.رفعت بدر

الرئيسية /
روح وحياة
نشر الإثنين، ١٢ فبراير / شباط ٢٠٢٤
الإعلام والمعلومات الكاذبة

أشخين ديمرجيان :

 

بدون أدنى شكّ يواجه العالم أجمع حربًا إعلاميّة يُشنّ عليه، عن طريق إخفاء الحقائق ونشر الأخبار المفبركة والمغلوطة. والتغطية على الأكاذيب أو تهويلها وتكون غالباً مدعومة بصور يعمل طاقم التصوير المحترف على نقلها من أشرطة سينمائية، وهكذا يخضع المرء لمؤامرات ومخططات يقف خلفها من يقف من دول وأجهزة استخبارات.

 

يُتّهم بعض زعماء العرب بالديكتاتوريّة مع أنّ الذين يشيرون إليهم بإصبع الاتّهام ويحاولون اقتلاعهم من مناصبهم ليسوا أفضل منهم بل ينطبق عليهم المثل القائل: "يا طبيب داوِ نفسك" إذ يعاني الناس من طمعهم وجبروتهم وصلفهم في جميع أنحاء المعمورة، وأمّا الأقنعة التي يستعملونها من ادّعاء ومناداة بالسلام والعدل إنّما زائفة أثبت التاريخ القديم والحديث أنّها عبارات جوفاء لا تغني ولا تسمن من جوع، بل أدّت وتؤدّي إلى معارك وحروب أهليّة. وعهد الديكتاتوريّة السابق رغم أنّه لم يكن ديمقراطيًا وكان فيه الكثير من الظلم والفساد، غير أنّه كان يؤمّن للشعوب الاستقرار والسلام والهدوء والازدهار، أما الآن فحروب وقتل مستمرّ ودمار لا نهاية له في الأفق القريب، ومصادر مجهولة تموّل عمليّات التهجير والتدمير والقتل الجماعي "لغاية في نفس يعقوب".

 

والأدهى من ذلك الادّعاء بمحاربة الإرهاب والتطرّف وإرسال القوات لمحاربتها بينما في الواقع تبقى الأمور كما هي وتزداد المعارك وتستمرّ المواجهات في ساحات القتال، ويصدّق المستمع والمشاهد الذي لا يحلّل مسلسلات الأنباء الكاذبة ولا يربطها بالواقع الأليم.

 

وعلى سبيل المثال لا الحصر، ما كان انتصار القوات الأجنبية في العراق سوى انتصارًا إعلاميًّا أودى بالعراق وثرواتها من يورانيوم ونفط... وهل الوضع في العراق اليوم بعد تدخّل الدول الأجنبيّة أفضل ممّا كان عليه في الماضي؟ وأين الأسلحة الكيماوية التي كانت الحجّة لاندلاع الحرب في الرافدين!

 

الإرهاب الحقيقي هو الإرهاب الذي يلعب بعقول الناس وهناك أيضًا إرهاب إعلامي.  وقد قامت إحدى الكاتبات بنشر كتاب كامل عن الإرهاب العالمي .

 

يقول أحد النقّاد: "لقد أدرك علماء الاتصال أنّ وسائل الاتصال التى اندمجت وتفاعلت مع التطور التكنولوجي المتسارع، أضحت سلاحًا خطيرًا ومؤثرًا في إطار العلاقات الدولية، وفي المساهمة بصياغة محيط المصالح والغايات لجميع الدول، بينما الأسلحة المعلوماتية تعكس عدم تكافؤ هائل بين الفواعل، في شنّ حرب المعلومات. ففي عصر الكاميرا الرقمية والموقع الإلكتروني، قد يتمكن الطرف الأضعف -الذي يدرك تمامًا أنّ وسائل الإعلام هي ظواهر معولمة- من عرقلة الادعاءات المزيفة للطرف الأقوى وتفنيدها والردّ عليها في كثير من الأحيان، فقد أعاد التطور التكنولوجي والمعلوماتي تشكيل مفهوم القوة، وأعدّ ظهور فواعل جديدة.

 

وبات جليًّا أنّ من يمتلك آليات توظيف القوة الإعلامية والمعلوماتية يصبح أكثر قدرة على تحقيق أهدافه والتأثير في أداء الفاعلين المستخدمين لهذه البيئة: فكان لثورة المعلومات والاتصالات انعكاساتها في ربط المصالح القومية للدول بالبنية التحتية الحيوية لها.

 

لذا، تتطلب القوة الإعلامية مضاعفة قوتها المعلوماتية وتطوير الإمكانات بما يتناسب وتوظيف التقنية المستحدثة بشكل محترف، ما يتطلب توفير الآليات اللازمة لمواجهة تلك التحديات، فضلاً عن التنسيق بين مصادر القوة لتحقيق أهداف الدولة، والسعي لتحقيق التوازن بين مصادر القوة المختلفة".

 

خاتمة

 

ندعو الله أن يُلهمنا الحكمة كي نميّز بين الترويج لقوى الشرّ والإرهاب والحقيقة وأن تقوم وسائل الإعلام النزيهة بمحاربة ومحاصرة الأوهام والأنباء الكاذبة. والذين هم من الحق يسمعون صوت الحق ويطيعون الحق، ولا يُصدّقون الأكاذيب والأقاويل. وقد ورد في الكتاب المقدّس: "تعرفون الحقّ والحقّ يُحرّركم" (يو 8: 32).